أرجئت إلى أجل غير مسمى الخميس زيارة كان مقر را أن يقوم بها إلى الجزائر الأحد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس لتكريس عودة الدفء إلى العلاقات المعق دة بين البلدين، في خطوة مفاجئة عزتها باريس لأزمة كورونا بينما أكدت مصادر مطلعة أن أسبابها دبلوماسية.
وقال مكتب رئيس الوزراء الفرنسي لوكالة فرانس برس إن "جائحة كوفيد-19 لا تسمح بأن تكون هذه الوفود في ظروف مرضية تماما ".
وأضاف أن اللجنة الحكومية الفرنسية-الجزائرية، الهيئة التي كان مفترضا أن تعقد الاجتماعات الثنائية في إطارها، "أرجئت بالتالي إلى موعد لاحق يكون فيه السياق الصحي أكثر ملاءمة".
لكن مصادر فرنسية وجزائرية متطابقة عزت إرجاء الزيارة إلى أسباب دبلوماسية، مشيرة إلى أن حجم الوفد الفرنسي، الذي جرى تخفيضه بسبب الجائحة، اعتبر غير كاف من قبل الجزائر التي أبلغت باريس بذلك، الأمر الذي عجل في صدور القرار المتأخر بإرجاء الزيارة.
وقال مصدر فرنسي مطلع على القضية إن "تشكيلة الوفد هي دون المستوى" في نظر الجزائر.
بدوره قال مصدر جزائري إن باريس "خفضت مد ة الزيارة إلى يوم واحد وحجم الوفد إلى أربعة وزراء. إنها تشكيلة مصغرة في حين أن هناك الكثير من القضايا الثنائية التي يجب دراستها".
وكان مفترضا بهذه الزيارة أن تمثل خطوة جديدة في التقارب الثنائي الذي بدأه الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون.
وخلال الزيارة التي أرجئت الآن، كان مقررا أن يترأ س كاستيكس بالاشتراك مع نظيره عبد العزيز جراد اللجنة الحكومية الرفيعة المستوى، الهيئة التي تجتمع بانتظام لتقييم التعاون الاقتصادي بين البلدين بشكل خاص.
ولم تنعقد هذه اللجنة منذ ديسمبر 2017 بسبب الحراك الشعبي في الجزائر الذي أدى إلى سقوط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2019 ثم بسبب الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد-19.
وبعد توتر خلال الحراك الشعبي قبل سنتين، عمد ماكرون الى تقديم دعم مفتوح للرئيس تبون الذي قوبل انتخابه في نهاية عام 2019 برفض كبير من قبل الشعب وبتظاهرات في الشارع، وهو دعم اثار انتقادات داخل الحركة المطالبة بالديموقراطية.
وكانت أوساط كاستيكس قالت إن "زيارة رئيس الوزراء تندرج في إطار إعادة تفعيل العلاقة التي يريدها الرئيسان" مشيدة "بإطار التقارب" بين البلدين.
والزيارة التي أرجئت الآن تأخرت أصلا بسبب دخول الرئيس الجزائري مرتين الى المستشفى في ألمانيا في نهاية 2020 ومطلع 2021.
وكان مصدر في قصر ماتينيون قال قبل إرجاء الزيارة إن "جان كاستيكس يرغب في إبقائها في موعدها كدليل على التزام فرنسا والقيام ببادرة صداقة تجاه الجزائر".
وأضاف أن "الرئيسين أطلقا استئناف العلاقات الفرنسية الجزائرية في جو جديد من الثقة. وهذا يجب أن يترجم عبر استئناف الاتصالات الثنائية وخصوصا عبر اللجنة الحكومية".
ولو لم ترجئ الزيارة لكانت ستشكل أول رحلة في إطار علاقات ثنائية فعلية لكاستيكس منذ تول يه مهامه في توليو 2020. ولم يزر رئيس الوزراء الفرنسي حتى الآن سوى بروكسل، وتشاد لتفق د القوات الفرنسية المنتشرة في منطقة الساحل.
وكان مقررا أن يبحث رئيسا الوزراء في الجزائر "جميع جوانب العلاقات الثنائية" - الاقتصادية والأمنية والتعليمية والثقافية - وأن يوق عا اتفاقيات في "بعض مجالات التعاون"، كما ذكرت مصادر في باريس من دون أن تضيف أي تفاصيل.
ومع اقتراب الذكرى الستين لانتهاء الحرب الجزائرية (19 مارس 1962) واستقلال الجزائر (5يوليو 1962) قام إيمانويل ماكرون بسلسلة من "الأعمال الرمزية" من أجل "التوفيق بين الذكريات" ورسم التطبيع في علاقة تظل معقدة وعاطفية.
واعترف خصوصا "باسم فرنسا" بأن المحامي والزعيم الوطني علي بومنجل قد "تعر ض للتعذيب والاغتيال" من قبل الجيش الفرنسي، وقرر تسهيل الوصول إلى الأرشيفات السرية الخاصة بالحرب الجزائرية.
من جهتها، تطالب الجزائر بإعادة الأرشيفات المرتبطة بالاستعمار وكشف مصير الجزائريين الذين اختفوا خلال الحرب - يقدر عددهم بنحو 2200 - وكذلك دفع تعويضات لضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.