يحتشد السودانيون في الخرطوم الخميس بعد أسبوع على إطاحة الجيش السوداني الرئيس عمر البشير، عازمين على إكمال "ثورتهم" المطالبة بإقامة حكم مدني.
وقال طارق أحمد المهندس البالغ من العمر 38 عاما لوكالة فرانس برس "إنه أول أسبوع في حياتي أعيشه بدون البشير".
وأضاف "أشعر بالفخر بما فعله أبناء جيلي بالديكتاتور".
تولى البشير (75 عاما) السلطة عبر انقلاب دعمه الإسلاميون عام 1989 وترأ س نظاما عرف بقسوته على مدى ثلاثة عقود.
وشهدت البلاد في عهده نزاعات في مناطق عدة حيث انفصل الجنوب ليتحول إلى دولة مستقلة بينما نفذت عمليات اعتقال طالت قادة في المعارضة وناشطين وصحافيين.
وفي بدايتها، انطلقت التظاهرات في 19 دجنبر للرد على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة احتجاجية واسعة في أنحاء البلاد ضد حكم البشير.
وتردد صدى هتافات "حرية، سلام، عدالة" و"ارحل" في المدن والقرى والبلدات.
وصدرت بحق الرئيس المخلوع مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهم ارتكاب إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إطار النزاع في دارفور.
ورغم أن المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلم الحكم قام باعتقاله، إلا أنه يرفض تسليمه إلى لاهاي حتى الآن مشيرا إلى أن البت في هذه المسألة يعود إلى الحكومة المدنية التي تعهد تشكيلها.
وليل الثلاثاء، نقل البشير إلى سجن كوبر في العاصمة، بحسب ما أفاد مصدر من عائلته وكالة فرانس برس.
وبعد مرور سبعة أيام على الإطاحة بالبشير، تعج الساحة الواسعة خارج مقر القيادة العامة للجيش الآن بالمتظاهرين المطالبين بحل المجلس العسكري الذي تولى السلطة مكانه.
واحتشد الآلاف في الساحة الخميس بينما يتوقع أن تنضم إليهم مجموعات معنية بشؤون المرأة ونقابيون ومهندسون وطلاب حوالى الساعة 16,00 (14,00 ت غ).
وقال المتظاهر أحمد الذي قدم إلى موقع الاعتصام منذ صباح الخميس "رسالتنا هي أننا لن نغادر هذا المكان قبل تحقيق هدفنا".
وفي البداية، تولى الفريق أول ركن عوض ابن عوف وهو وزير الدفاع في عهد البشير، قيادة المجلس العسكري الانتقالي. لكنه استقال بعد 24 ساعة بضغط من الشارع. وحل محله الفريق الركن عبد الفتاح البرهان الذي لم يكن يعرف عنه الكثير خارج دوائر الجيش.
ويشير قادة الاحتجاجات إلى أنهم طالبوا بمجلس عسكري مدني مشترك، لكن كل ما حصلوا عليه كان مجلسا عسكريا بالكامل يضم شخصيات عدة من النظام القديم.
وعلى إثر ذلك، رفعوا سقف مطالبهم.
وقال محمد ناجي، وهو من قادة "تجمع المهنيين السودانيين" الذي نظم الحركة الاحتجاجية منذ اندلاعها، "نريد إلغاء المجلس العسكري الحالي واستبداله بمجلس مدني مع تمثيل للعسكريين".
ويطالب منظمو التظاهرات بأن يفسح هذا المجلس المدني الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية تتولى مهامها لأربع سنوات.
وقال المحلل آلان بوسويل من "مجموعة الأزمات الدولية" لوكالة فرانس برس "يتضح أكثر فأكثر أن الثورة لم تستكمل". وأضاف أن "المجموعة الأمنية التي ما زالت في السلطة تقاوم بوضوح المطالب التي يمكن أن تجبرها على التخلي عن السلطة".
وإلى جانب البشير وابن عوف، استقال كذلك صلاح قوش -- رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي يهابه السودانيون.
وأشرف قوش على الحملة الأمنية التي استهدفت المتظاهرين وأسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصا وإصابة المئات بجروح وسجن الآلاف.
والآن، سيحمل رد فعل المجلس العسكري على الضغوط المتزايدة من المتظاهرين والمجتمع الدولي أهمية كبيرة.
وقال بوسويل "لا أعتقد أننا اقتربنا حتى من نهاية الطريق"، محذرا "نقترب من وضع خطير".
وضغطت الحكومات الغربية والإفريقية على حد سواء لإحداث تغيير أكبر في السودان.
وحضت الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج المجلس العسكري على إطلاق حوار "شامل للجميع" يمهد الطريق أمام إقامة حكم مدني.
بدوره، هدد الاتحاد الإفريقي الذي يضم 55 دولة الاثنين بتعليق عضوية السودان ما لم يسلم المجلس العسكري السلطة للمدنيين في غضون 15 يوما مؤكدا أن "قيادة الجيش للمرحلة الانتقالية تتناقض تماما مع تطلعات الشعب السوداني". وقدم المجلس العسكري تنازلات للمحتجين بما في ذلك إقالة النائب العام.
لكن مطالب المتظاهرين الذين غن وا ورقصوا خارج مقر القيادة العامة للجيش بقيت واضحة.
وقالت أريج صلاح (23 عاما) إن "البشير هو رمز النظام لكننا ما زلنا في منتصف الطريق". وأضافت "علينا أن نكافح إلى أن نتخلص من هذا النظام".