لم يصدق الأسير المحرر عادل صبيح (22 عاما) أنه عاد إلى قطاع غزة، بعد شهور من الأسر القاسي بسجون إسرائيل، حيث أوهمه جيشها بأن غزة قد زالت من الوجود، إثر الإبادة الجماعية التي ارتكبتها تل أبيب على مدار نحو 16 شهرا.
وحسب وكالة الأناضول، وسط دموع الفرح، استقل صبيح الحافلة التي نقلته عبر معبر كرم أبو سالم، برفقة طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليجد غزة تنبض بالحياة رغم الجراح العميقة.
وما إن وصل، كانت عيناه المرهقتان ترويان قصص الألم والمعاناة، بين بريق الحرية الغالية وظلال الذكريات المؤلمة التي خلفها الأسر.
وتحرر صبيح، ضمن الدفعة السادسة، التي شملت الإفراج عن 369 أسيرا، منهم 333 من غزة، ممن اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى 36 من أسرى المؤبدات.
كان الأسر بالنسبة لصبيح أكثر من مجرد سجن، فقد تعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وصولا إلى فقدان إحدى قدميه نتيجة الإهمال الطبي المتعمد داخل المعتقلات الإسرائيلية.
وقال صبيح، للأناضول: "تم بتر رِجلي رغم أنها كانت سليمة وفق تقارير طبية داخل غزة، لكنهم خيروني بين التوقيع على قرار البتر أو الموت".
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي قال له "روحك لا تهمنا".
وأضاف صبيح: "تم تعذيبي داخل المستشفى بالحرق بالقداحة، وكنت مقيدا على فراش المستشفى لـ50 يوما، تحت حراسة مشددة".
ولفت إلى أنه اعتُقل من مستشفى الشفاء في مارس2024 أثناء اقتحام قوات الجيش له حيث كان مصابا.
وفي مارس 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي، اقتحام قواته مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة وبدء عملية عسكرية فيه، رغم احتضانه آلاف المرضى والجرحى والنازحين.
وعقب اقتحام المستشفى لعدة أيام، أقدم الجيش الإسرائيلي على تدميرها وإحراقها، واعتقال المئات من المرضى والأطباء والمصابين.
وأوضح صبيح، أنه قضى نحو سنة معتقلا، ولم تشفع له إصابته من التعذيب الوحشي الذي تعرض له داخل السجون والمستشفى الإسرائيلي.
وكشف عن بعض أصناف التعذيب التي تعرض لها، قائلا: "كانوا يتركونني أزحف رغم إصابتي، وتعرضت لصعقات كهربائية، وأُطفئت السجائر في جسدي، كما نُقلت بين السجون".
وفي مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدث صبيح عن معاناته اليومية حيث أشار إلى أنه كان يضرب ويهان من الصغير والكبير ويهاجم بالكلاب البوليسية، ويطلق عليهم القنابل الغازية والصوتية، ورذاذ الفلفل الحار.
وقال: "الأسرى يعانون يوميا، يتعرضون لجميع أنواع التعذيب، وكنا نضرب ونهان من الكبير والصغير".
وأشار إلى أن هناك إهمالا طبيا داخل السجون الإسرائيلية، حيث يتم ترك الأسرى لمواجهة الموت دون تقديم أي علاج لهم.
وقال صبيح: "نموت عندما يتم معالجتنا".
وأضاف: "لست مصدقا أنني في غزة وفيها بشر، قالوا لي (الجيش الإسرائيلي) إن غزة انتهت. لست قادرا على تصديق هذا الأمر، تحيا فلسطين، كسرنا شوكة إسرائيل".
وفي لحظة دخوله غزة، احتشد الأهالي قرب مستشفى غزة الأوروبي لاستقبال الأسرى، رافعين الأعلام الفلسطينية، ويهتفون بحرارة، ويتسابقون لاحتضان الأسرى المحررين.
وتشمل صفقة "طوفان الأحرار" في مرحلتها الأولى بشكل كلي، الإفراج عن 1737 أسيرًا فلسطينيًا، حيث تمتد هذه المرحلة على مدى ستة أسابيع، بواقع دفعات أسبوعية.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى يشمل 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، على أن يتم التفاوض في الأولى لبدء الثانية، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.