بعد أربع سنوات من التعليم الأساسي الإجباري، يظل مستوى التلاميذ المغاربة ضعيفا في القراءة والكتابة، هي الحقيقة التي فجرتها، صباح اليوم (الثلاثاء)، دراسة عالمية دقيقة تنجز كل خمس سنوات، وتحظى بمتابعة كبيرة من قبل وسائل الإعلام الدولية.
الدراسة التي خلفت نتائجها غضبا كبيرا بفرنسا من السياسة العمومية في التعليم، واستدعت عقد وزير التعليم ندوة صحافية للتعليق عليها، فقط لأن بلدهم جاء في الرتبة 34 بين 50 دولة يشملها التقييم بـ511 نقطة، احتل فيها المغرب الرتبة 48 بـ358 نقطة، أي المركز ما قبل الأخير، تليه مصر في الرتبة 49 بـ330 نقطة، وجنوب إفريقيا في الرتبة الأخيرة (50) بـ320 نقطة.
وبينما جاءت الكويت قبل المغرب في الرتبة 47 بـ393 نقطة، علما أن المعدل العالمي المتوسط هو 500 نقطة، وتجاوزته دول كثيرة، أبرزها روسيا التي احتلت الرتبة الأولى بـ581 نقطة، تليها سنغافورة بـ576 نقطة، تقوم الدراسة المسماة بـ"Pils"، أي "البرنامج الدولي حول بحوث القراءة المدرسية"، والتي تقف وراءها الجمعية الدولية لتقييم الأداء المدرسي، بقياس قدرات التلاميذ على القراءة والكتابة بناء على عدد من التمارين، مع استقراء آرائهم ومواقف أسرهم والمعلمين والمسؤولين في عدد من القضايا، ثم تنقيط الدول عليها.
وبخصوص مستوى التلاميذ المغاربة في القراءة والكتابة، بعد أربع سنوات من التعليم الأساسي الإجباري، كشفت نسخة من الدراسة حصل عليها "تيلكيل – عربي"، ألا تلميذا مغربيا يصل إلى المستوى المتقدم، بينما 3 % لهم مستوى عال، و14 % في المستوى المتوسط، و36 % مستواهم ضعيف في القراءة والكتابة بعد أربع سنوات من التعليم الأساسي الإجباري.
ويأتي ذلك، في وقت أبرز قياس مدى حب الأطفال للقراءة، أن 56 % من تلاميذ المستوى الرابع أساسي من التعليم في المغرب، يحبونها جدا، مقابل 39 % بشكل متوسط، و5 % يكرهون القراءة، بينما انتهى قياس مؤشر تلقي التلاميذ لتعليم أولي قبل ولوج التعليم الأساسي الإجباري، بالنظر إلى أهميته، أن 35 % من التلاميذ المعنيين بالدراسة (المستوى الرابع من التعليم الابتدائي)، لم يمروا من روض الأطفال أبدا، مقابل 16 % أمضوا فيه سنة واحدة، و22 % درسوا فيه سنتين، و27 % تابعوا تعليما أوليا لثلاث سنوات فما فوق.
وقامت الدراسة بقياس الوقت المخصص للقراءة والكتابة في المستوى الرابع من التعليم الابتدائي، فجاء فيه أنه من أصل 1036 ساعة يدرسها التلاميذ في السنة، تخصص للقراءة والكتابة والتعبير الشفوي 224 ساعة (نسبة 21 %)، و109 ساعات للتعليم على القراءة (11 %)، أما بخصوص مؤشر مشاركة التلاميذ في دروس القراءة، فـ69 % ملتزمون جدا، مقابل 29 % بشكل متوسط، و2 % بشكل ضعيف.
واهتمت الدراسة ذاتها بقضايا تتعلق باللغة، ومدى اكتساب التلاميذ مهارات أساسية لا تجعلهم أميين حين ولوجهم إلى المدرسة أول مرة، فجاء في النتائج أن 28 % من التلاميذ المغاربة، الذين أمضوا أربع سنوات في التعليم الأساسي الإجباري، كانت لهم مهارات جيدة جدا في القيام ببعض المهام، و32 % كان مستواهم متوسطا، و9.8 % يمكن اعتبار أنهم ولجوا المدرسة أميين تماما.
ولأن استعمال لغات التدريس في الحياة اليومية وداخل المنازل له تأثير على مستوى قراءة التلاميذ، أسفر فحص مدى الحديث بلغات التدريس في بيوت أسر التلاميذ المغاربة، أن 47 % منهم لا يجري استعمال اللغة التي يدرسون بها في بيوتهم، مقابل 26 % تستعمل في بيوتهم بعض المرات، و12 % تستعمل دائما اللغة التي يتلقون بها تعليمهم داخل منازل أسرهم.
أما بشأن مؤشر استعمال المدارس للغة الأم لتلاميذها في تدريسهم، فقد جاء في نتائج المغرب، أن المدارس التي فيها أكثر من 90 % من التلاميذ يدرسون باللغة الأم، لا تتجاوز نسبتهم بالمغرب 9 %، مقابل 14 % من التلاميذ يوجدون في فئة المدارس التي بين 51 % و90 من تلاميذها يدرسون باللغة الأم، أما التي أقل من 50 % من تلاميذها يدرسون باللغة الأم، فـ77 % من التلاميذ المغاربة يوجدون فيها.
بخصوص مدى ولوج التلاميذ المغاربة إلى المدارس وهم يتمتعون مسبقا بمهارات القراءة والكتابة، ففي فئة المدارس التي يلجها أكثر من 75 % من التلاميذ وهم يتمتعون بتلك المهارات بالمغرب، نسبتها 12 %، أما التي بين 25 و75 % من تلاميذها يلجونها ولديهم تلك المهارات، فنسبتها 36 %، كقابل 53 % من التي لا تتجاوز نسبة تلاميذها الذين يلجونها وهم يتمتعون بمهارات القراءة والكتابة 25 %.
الدراسة تطرقت إلى معضلة المكتبات المدرسية في علاقتها بالقراءة والكتابة، فجاء في نتيجة المغرب، أن 63 % من التلاميذ يوجدون في مدارس بدون مكتبات، مقابل 28 % في مدارس تتوفر على مكتبات تضم 500 عنوان أو أقل، وفقط 9 % يوجدون في مدارس مكتباتها فيها بين 501 و5000 عنوان، أما مدارس بمكتبات فيها أكثر من 5000 عنوان، فهي بالمغرب، في حكم العدم.
وبالنسبة إلى المدارس المتوفرة على حواسيب للقراءة، تبين أن 67 % من تلاميذ المغرب لا تتوفر مدارسهم على حاسوب للقراءة، مقابل 22 % في مدارس توفر حاسوبا واحدا لكل ستة تلاميذ، و6 % في مدارس توفر حاسوبا للقراءة لما بين 3 و5 تلاميذ، و5 % يوجدون بمدارس توفر حاسوبا لكل تلميذين"
الدراسة العالمية، قامت بقياس مؤشرات رضى الآباء حول المدارس، ورضى المعلمين على وظائفهم وظروف اشتغالهم، فجاء فيها أن 65 % من أولياء أمور التلاميذ المغاربة المتمدرسين في المستوى الرابع ابتدائي، لهم نظرة راضية جدا على مدارس أبنائهم، مقابل 28 % راضون بشكل متوسط، و6 % لهم نظرة أقل رضى على مدارس أبنائهم.
معلمو التلاميذ الذين شملتهم الدراسة، 75 % راضون جدا على مهنتهم وظروف عملهم، مقابل 24 % بشكل متوسط، و3 % غير راضون، في وقت أبرز قياس إحساس التلاميذ المعنيين بالدراسة بالانتماء إلى مدارسهم، أن 82 % بالمغرب لهم إحساس عال بالانتماء، مقابل 16 % لهم إحساس متوسط، و2 % لهم إحساس ضعيف بالانتماء إلى مدارسهم.
وخاضت الدراسة في المواظبة والانضباط في المدارس بالنسبة إلى تلاميذ القسم الرابع مع التعليم الأساسي الإجباري، فجاء في النتائج أن 17 % فقط منهم يتمتعون بانضباط عال، مقابل 21 % انضباطهم متوسط، و62 % انضباطهم معتدا، أما في مؤشر الغياب، فـ12 % من التلاميذ يتغيبون مرة في الأسبوع، مقابل 5 % مرة كل أسبوعين، و69 % لا يتغيبون بتاتا.