في إطار سلسلة "أغرب الفتاوى" التي تعرضها "تيل كيل عربي"، على مدى أيام شهر رمضان الكريم، والتي أثارت الجدل لـ"طرافتها"، تخصص هذه الحلقة (2)، لفتوى حرمت شرب الشاي والقهوة، بحسب بعض العلماء في فترات من تاريخ الإسلام.
وبخصوص المشروبان الرئيسيان، الشاي والقهوة، يعود الكاتب عبد الرحمن العرفج، في كتابه في لم الفتاوى إلى القَرن 10 من الهجرة، حيث شَهدت القَاهرة ومَكَّة حملة دينيَّة شَرسة لتَحريم شُرب القهوة باعتبارها حَرام. إذ قالوا حينها: "إنَّ شَارِبها يُحشر يَوم القِيَامة ووجهه أسود من قُعور أَوانيها".
ويضيف الكاتب أن عام 1541 خرجت فتوى من الجامع الأزهر تحرم شرب القهوة، إذ أفتى العلامة السنباطى بحُرمة شُرب القَهوة، لما يترتب عليها من مَفاسد لكونها مُسكرة. وأدى ذلك إلى خروج الناس من الجامع إلى بيوتهم، وكسروا أوانيها، وضربوا بعد ذلك من رأوه يتناولها في الأسواق، وكادت تَحدث فِتْنَة بسبب القَهوة، لولا تَدخّل قاضي مصر الشَّيخ محمد بن إلياس الحنفي، الذي أمر بصُنعها في منزله في حُضور جَمْع من العُلماء، واختبر تَأثيرها وأقرّ شُربها.
ومما يذكره الكاتب أيضا، ان جماعة من العلماء ذهبوا إلى تحريمها، لكونها مضرة، وعلى رأس هؤلاء الشيخ الحنفي بالشام، شهاب الدين العيثاوي، وبمصر الشيخ أحمد بن أحمد بن عبدالحق السنباطي تبعاً لأبيه. لكن ورغم ذلك رأى آخرون، وهم الأكثرية، بأن شربها مباح.
ظلت مُشكلة القَهوة لسنين طَويلة محل جَدل وخِلاف، في القاهرة ومكَّة، وذهب البعض في تفسير ذلك إلى ارتباطها بمجالس المُناقشات السياسيَّة. ويرجح الكاتب أن بعض القرى بريف مصر لا تزال متأثرة بتحريم شربها، حيث تَرى بعض الأُسر المُحافظة أنَّه ممَّا يَتنافى مع الاحترام الوَاجب أن يَشرب الابن القَهوة أمام أبيه.
يذكر أن قواميس اللغة تشرح كلمة القهوة بأنها من أسماء الخَمر. وقِيل: "سُمِّيت الخَمر قَهوة لأنَّها تُقهي عَن الطَعام والشَّراب". والإقهَاء هُو عدم اشتهاء الطَّعام والشَّراب. ومما ذكره أبُو بَكر وقَال في القَاموس "أقْهَى"، أي دَاوم على شُرب الخَمر، أما أحدهم فقد أشهد الله على تَحريم القَهوة. ومَن قَال بالجواز فإنَّه يُخشى عليه من الكُفر.
وجاء في كتاب، يذكره العرفج في كتابه، عنوانه "عُمدة الصفْوَة فِي حل القَهوة"، مَخطوط في خَزانة محمد سُرور بِجَدة. فيما ذكرت أخبار أخرى حول تَحريم القَهوة جاء فِيها: "قَد حَرم عَلى العِباد كُلّ مُسكِّر وَمَا يَضر فِي عَقلٍ وَدِينٍ أَو بَدن ومَا يَجرّ للفَسَادِ والمِحَن. واعْلَم بأن القَهوة المَشهورة كَريهة شَديدة المُرُورَة".
أمَّا بشأن الشاي، فقد حرمه بعض الشيوخ بمالي، بتنبكتو حيث أفتوا بحرمة شرب الشَّاي (اتاي). ويضيف صاحب الكتاب المعتمد في لم الفتاوى، أنهم قالوا إن شَارب الشاي يَلهو كَسَكْرَان، ولا يَزالُ مِن الضُلاَّل حَيرانَا. الشَّاي لَم يكُ مِن أفْعَال سَيدنَا. وأضافوا ان الشاي بدعة.