قال مسؤولون أميركيون إن هجمات الكترونية أمر بها البيت الأبيض أدت إلى تعطيل أنظمة إطلاق صواريخ إيرانية، إلا أن خبراء في هذا المجال شككوا في إمكانية الوصول إلى حقيقة ما حصل فعلا، رغم أنهم اعتبروها رسالة لإيران وللعالم.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن المسؤولين أن إحدى الهجمات استهدفت حواسيب تعمل على التحكم بإطلاق الصواريخ والقذائف. كما ذكر موقع "ياهو" أن هجوما الكترونيا آخر استهدف شبكة تجسس إيرانية مكلفة بمراقبة عبور السفن في مضيق هرمز. ورفض البنتاغون إعطاء أي تعليق.
ووقعت الهجمات بعد يومين على إسقاط القوات الإيرانية طائرة بدون طيار من طراز "غلوبال هوك" تابعة للبحرية الأميركية، بعدما أصابها صاروخ أرض-جو أطلقته القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني.
لكن طهران نفت أن تكون تكبدت أي أضرار نتيجة الهجمات الالكترونية. وأوضح وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي في تغريدة "لم ينجح أي من هجماتهم في حين أنهم يبذلون جهودا كثيرة بهذا الصدد".
ويرى جوليان نوسيتي الخبير في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "المشكلة في هذا النوع من الحوادث أن كل الأطراف تمارس الخداع"، مضيفا "الغموض دائم في القطاع (...) السيبرياني".
وأوضح "لا يجب الكشف عن الأوراق كاملة. إذا حدث ذلك، فستنكشف القدرات العملياتية والاستخباراتية (...) وليس من المفاجئ أن الإيرانيين يؤكدون فشل" الهجمات. وتابع "ليس لدينا أي وسيلة للتحقق".
وتأجج التوتر بين طهران والولايات المتحدة مع هجمات لم يعرف مصدرها واستهدفت ناقلات نفط في الخليج في 12 من مايو و 13 من يونيو. وألقت واشنطن باللوم على طهران التي نفت تورطها.
وتكرر طهران وواشنطن التأكيد على أنهما لا تريدان الحرب، إلا أن التصريحات العدائية المتبادلة والحوادث في منطقة الخليج تتضاعف، على غرار الاعتداءات المجهولة المصدر على ناقلات النفط وإسقاط إيران طائرة الاستطلاع الأميركية.
وفي الحروب السيبريانية، غالبا ما يكون الغموض هو العنوان الرئيسي، حيث أن جبهة الحرب تدور داخل الأجهزة المعلوماتية.
ويرى خبراء أن رغبة الولايات المتحدة في الإعلان سريع عن الهجمات الالكترونية، هدفه التأكيد على أن واشنطن رد ت على إسقاط إيران للطائرة بعد إلغاء الرئيس دونالد ترامب ضربة ضد الجمهورية الاسلامية، حسبما كتب على تويتر.
وبحسب نيكولا آرباجيان، الخبير في شؤون الأمن السيبرياني، فإن الإيرانيين "وحدهم يعلمون إذ أصيبت بينتهم التحتية أم لا. هم وحدهم يدركون طبيعة الهجمات، وحقيقتها، وأهدافها"، مضيفا "طالما أنهم لم يستخدموا صواريخهم، فليست هناك أي أدلة" مادية.
وتابع "السلاح الرقمي يسمح للرئيس ترامب بالقول للعالم، وخصوصا لمناصريه، أنه قام برد"، مشيرا إلى أن هذا النوع من الهجمات "يعني أن الإيرانيين وحدهم يستطيعون تأكيد وقوع أضرار. لكنهم لن يقوموا بذلك، بالتأكيد".
وكانت طهران اتهمت في عام 2010 في خضم أزمة برنامجها النووي، الولايات المتحدة وإسرائيل بمهاجمتها من خلال فيروس "ستوكسنت" الذي أصاب عدة آلاف من حواسيبها وأوقف عمل أجهزة طرد مركزي تستخدم في تخصيب اليورانيوم.
واحتاجت إيران إلى سنوات طويلة لتجاوز تبعات هذا الهجوم الذي لم تعترف الولايات وإسرائيل بالوقوف خلفه.
وقال وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي في تغريدته عقب الهجمات الأخيرة أن إيران في العام الماضي "لم تحبط هجوما واحدا، بل 33 مليون هجوم" بفضل نظام جديد للحماية الإلكترونية.
وقال لويك غويزو الامين العام المساعد للنادي الفرنسي للأمن والمعلومات إن "النية هي أظهار أن لديهم (الأميركيون) الموارد والخبرة التقنية الكافية لتحييد نظام لدى العدو، بناء على قرار سياسي".
وبالنسبة إلى نوسيتي، فإن الهجمات الالكترونية الأميركية "رسالة للإيرانيين. لكن أيضا، ربما تكون موجهة للعالم كله. موسكو وبكين ستراقبان هذا.