قال محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إن "الوزارة تعمل بمعية مختلف شركائها المهنيين على التفكير العميق في بلورة منظور جديد للنهوض بالمقاولة الصحفية ودعمها في مواجهة الصعوبات التي يعرفها مجال الإعلام، ليس فقط في بلادنا بل كذلك مختلف بلدان العالم".
وأضاف بنسعيد، في كلمة ألقاها مصطفى أمدجار، الكاتب العام لقطاع التواصل، في ندوة حول "أية آفاق لمهنة الصحافة في ظل المستجدات التي يعرفها القطاع؟"، من تنظيم فرع الرباط للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أن "هذا التوجه يرتكزُ على التحفيز على وضع الأسس لمنظومة جديدة تجعل من الدعم العمومي الموجه للقطاع أداة من أدوات تعزيز صموده، تنطلق من تقييم تجربتنا في هذا المجال وتوفير فرص النهوض بالمقاولة الصحفية الوطنية على أسس أكثر صلابة من خلال التفكير في نموذج اقتصادي ومالي متجدد وتنافسي، يعزز من قدرتها على التطور في محيط صعب يتسم بمنافسة كبيرة من طرف وسائل الإعلام والتواصل الجديدة وخاصة الشبكات الاجتماعية".
ولفت إلى أنه "إذا كانت الثورة الرقمية قد أتاحت بروز جيل جديد من وسائل الإعلام، فإن رهان تطور المشهد الإعلامي ببلادنا وصموده يبقى مرتبطا بمدى قدرته على بلورة نماذج لصحافة وإعلام قائمين على مفهوم القرب، كما هو متعارف عليه في المجال الإعلامي وتوفر التجربة الجهوية اليوم في بلادنا مجالا خصبا لهذا التطور، وذلك بما تسمح به المؤهلات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتي تستدعي مواكبة إعلامية واسعة وكذا جمهور متعطش للمنتوج الإعلامي الذي يعتمد على الجودة والمهنية".
ونبّه إلى أن "بناء منظومة إعلامية قوية يستوجب الإنتباه إلى توفير شروط تطورها قانونيا وماديا وتأطيريا من خلال العمل على تعيين مختلف التصورات الحالية بهدف مواكبة الإعلام، سواء على مستوى معالجة المشاكل أو الاستباقية في استيعاب التحولات للحفاظ على هذا المكون الأساسي وتمكينه من القيام بدوره على أحسن وجه في عكس وتثمين الهوية الوطنية بجميع روافدها الثقافية والمجالية".
وتابع: "أما التحديات التي يعرفها القطاع بات ضروريا الإسراع في بلورة حلول معقولة وناجعة، نعتقد في الوزارة أنه يمكن أن تتم على مستويات عدة لتمكين المغرب من منظومة إعلامية متكاملة في السباق الرقمي الحالي".
وذكر أن "التطوير المستمر في إطار مقاربة تشاركية مع المهنيين للإطار القانوني المنظم لعمل الصحافة والإعلام، وذلك لتمكين القطاع من مقومات الصمود أمام المد الجارف والخطر الذي يشكله الانفتاح المنفلت من أي رقابة أخلاقية وقانونية والتي بات يهدد الصحافة كمهنة ذات الرسالة المجتمعية النبيلة".
وأكد على ضرورة "تأهيل المنظومة الرقمية الوطنية وجعل المحتوى الإعلامي الوطني قادرا على التنافس في جذب الجمهور وخاصة الفئات الشبابية وذلك من خلال تقديم مضمون يستجيب لحاجيات هذه الفئات، وهنا يأتي التحدي الأساسي وهو توفير موارد بشرية متخصصة قادرة على فهم واستيعاب السياق الحالي والحاجيات ومتطلبات التنافسية".
وأورد من التحديات "تحديث الإطار المواكب لهذه المنظومة الرقمية من أجل إتاحة انتقال رقمي المنظومة الحالية خاصة على مستوى الصحافة والإعلام المكتوب علما أن القوانين الحالية توفر عددا من المقتضيات التي وضعت أسس الاعتراف القانوني بالصحافة الرقمية وتأطير تواجدها القانوني".
وشدد على "ضرورة الانكباب على معالجة أشكال التمويل المنظومة الإعلامية في إطار رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار ضيق سوق الإشهار الحالي والتحديات التي يطرحها بالنسبة للإعلام الوطني بشكل عام، وهنا لابد من جعل التمويل العمومي رافعة لهذا الانتقال الرقمي لأنه حتمي بالنسبة للإعلام الوطني".
وأشار إلى أن "دعم الانتقال نحو الرقمي الذي عرفه حقل الإعلام بكل مكوناته بفعل الثورة التكنولوجية، بحيث أصبح وسائل الإعلام التقليدية سواء المكتوبة أو السمعية البصرية الإذاعة والتلفزيون تشتغل في إطار معادلة جديدة، هي أنها تنتج الخدمات الاعلامية الأخرى لكنها بالمقابل أصبحت مجبرة على أن تقدم خدماتها بشكل غير مباشر، من خلال التقنيات التي توفرها من قبيل محركات البحث والعرض وتقاسم الفيديو والصور وهو ما يؤثر سلبا على منظومتنا الإعلامية حيث يتطلب مواجهة هذا المد تنسيقا محكما على الصعيد الدولي والإقليمي للاستفادة من تجارب عدد من البلدان والتجمعات في التعامل مع الشركات الرقمية الكبرى".
وأبرز أن "تأهيل يرتكز المشهد الإعلامي على الوطني على الإسراع في تبني توجهات إصلاحية جريئة وفي إطار من التوافق بين مختلف مكونات هذا المشهد، دون تردد، لأن كل تأخر في الإصلاح قد تكون كلفته صعبة ليس فقط على المهنيين والمنتسبين للقطاع بل على المجتمع ككل من خلال حرمانه من اعلام مهني يعكس طموحاته ويثير قضاياه ويساهم في إشعاع نيافته و هويته".