لأول مرة، تطرق التقرير السنوي 2023 للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الذي تم الإفراج عنه اليوم الثلاثاء، إلى "إساءة استغلال الوظائف لأجل الحصول على منفعة جنسية"، وخصصت له فصلا كاملا.
ودعت الهيئة في تقريرها، الذي قدمته في ندوة صحفية، صباح اليوم بالرباط، إلى "توطين هذا الأمر ضمن أفعال الفساد وإخراجها من التصنيف كمجرد أفعال غير أخلاقية أو تحرش جنسي".
وسجلت أن "المقاربة التشخيصية الشمولية مكنت من الكشف عن الأبعاد الحقيقية لتنامي انتشار الظاهرة، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي أو الوطني؛ حيث أفضت إلى ترسيخ القناعة بتفاقم الظاهرة على نطاق واسع، وإلى استجلاء معالم الظاهرة والكشف عن مختلف أشكالها وتمظهراتها "المتحورة" التي تم تكييفها، من زاوية منظور تجزيئي، على أساس جرائم غير متناسبة مع ماهيتها وحقيقتها، وجعلها أكثر خفاء على الاستقصاء والإثبات".
وأوضحت أن "التشخيص أبان عن اتساع نطاق المقابلات المقدمة أو الموعودة أو المتوقعة إزاء الخدمات والمنافع الجنسية وسلط الضوء على سعة مساحة المجالات والقطاعات التي عرفت انتشار الظاهرة، بما يشمل كل فضاء تتم فيه ممارسة أنشطة مهنية واقتصادية، سواء كان فضاء عمل أو فضاء ولوج إلى الخدمات واستفادة منها".
وأبرزت الهيئة أن "التشخيص كشف أيضا عن نوعية فئات مرتكبي وضحايا إساءة استغلال الوظائف من أجل الحصول على منفعة جنسية بما يتجاوز الصورة التقليدية النمطية التي تحصر الظاهرة في كونها تمييزا ضد المرأة على أساس النوع، وقد أسفرت الدراسة التحليلية لنتائج الاستقراء التشخيصي عن توطين الظاهرة ضمن أفعال الفساد بتوصيفها كصورة لإساءة استغلال الوظائف والسلطة والنفوذ من أجل الحصول على منفعة جنسية، مما يجعلها مظهرا من مظاهر إساءة استغلال الوظائف التي نصت الاتفاقيات والمواصفات المعيارية الدولية على تجريمها".
وأوردت الهيئة أن "نتائج العمل على هذه الظاهرة، إرساء منظور عملي للمواصفات والمعايير التي سيعتمدها مرصد الهيئة لتعميق المعرفة الموضوعية بهذه الظاهرة، بما يضمن معرفة أكثر دقة وموضوعية تمكن من اقتراح حلول ملموسة تساهم في استنهاض مختلف الآليات الكفيلة بتطويق الظاهرة ومحاصرتها، وقاية وكشفا ومواجهة المرتكبيها، انطلاقا من الفهم العميق لأسبابها وبؤر تفاعلها".