دعا رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح أمس الثلاثاء إلى "حوار جاد" يتم عبره تقديم "تنازلات متبادلة" لإيجاد حل للأزمة، لكن مع التمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية "في أسرع وقت ممكن" رغم رفض الحركة الاحتجاجية لها.
لا انتخابات في الأفق
في موازاة ذلك تظاهر آلاف الطلاب ككل ثلاثاء في العاصمة ومدن أخرى رفضا لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الشروط التي حددتها السلطات.
وقال قايد صالح في خطاب أما قادة الجيش بجنوب البلاد "الأولوية الآن (...) هو أن يؤمن الجميع بأهمية المضي قدما نحو حوار مثمر يخرج بلادنا من هذه الفترة المعقدة نسبيا" و"إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أسرع وقت ممكن، بعيدا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها".
وبالنسبة للرجل القوي في الدولة منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل فإن "السبيل الوحيد لحل الأزمة التي تعيشها بلادنا هو تبني نهج الحوار الجاد والواقعي والبناء" بمشاركة "شخصيات ونخب وطنية" و"يتم عبره التنازل المتبادل من أجل الوطن".
وبغياب مرشحين من "الوزن الثقيل" سوى اثنين "لا يملكان أي حظوظ" في قبول ملفيهما، أصبح من المحتمل جدا ان يتم تأجيل الانتخابات مرة اخرى، بعد أن ألغى بوتفليقة الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل.
ويرفض الجزائريون الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ 22 فبراير عبر تظاهرات غير مسبوقة، إجراء انتخابات قبل رحيل كل وجوه النظام الموروث من عشرين سنة من حكم بوتفليقة. ويطالبون بإنشاء هيئات انتقالية قادرة على ضمان انتخابات حرة وعادلة.
ورد الجيش عبر رئيس أركانه الثلاثاء برفض الفترة الانتقالية "فالجزائر لا يمكنها أن تتحمل المزيد من التأخير والمزيد من التسويف".
ويصر الفريق قايد صالح في كل خطاباته التي تكاد تكون كل يوم ثلاثاء أو أربعاء، على ضرورة احترام "الآجال الدستورية" لكنه نفى أن يكون له "أي طموحات سياسية" كما رفض أن يشترك الجيش في الحوار، موجها المحتجين نحو "مؤسسات الدولة" ويقصد بها الرئاسة.
القايد وقصة الحرب الأهلية
حذر قائد الجيش الجزائريين من"تكرار تجارب مريرة سابقة كان قد كـابد ويلاتها وعانى من آثارها أشد المعاناة (...) خلال سنوات 1990" في حال "عدم الإسراع في بلوغ الحلول الملائمة لهذه الأزمة".
وكان قايد صالح يشير إلى الحرب الأهلية التي عصفت بالجزائر طيلة عشر سنوات من 1992 إلى 2002، وراح ضحيتها 200 ألف قتيل.
واندلعت الحرب بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي فاز بدورها الأول حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ. فتم إعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان لتعويضه بمجلس انتقالي حتى سنة 2007 عندما تم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.
وفي أول رد فعل على عرض الحوار رحبت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب اسلامي ومعارض بالحوار، بدون أن تتحدث مباشرة عن عرض الجيش.
وقالت الحركة في بيان تلقته وكالة فرانس برس "ساعة الحوار قد آنت وان الحوار الجاد والمسؤول والعقلاني حتمي أكثر من أي وقت مضى بعد سقوط مشروع انتخابات 4 " يوليوز.
وأضافت أن "الحركة على استعداد للمساهمة في إنجاح أي مسار حواري تقوده شخصيات (...) غير متورطة في الفساد والتزوير" مطالبة برحيل الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح كشرط لنجاح الحوار.
الثلاثاء يوم اجتجاج الطلاب
وأمس الثلاثاء عاد آلاف الطلاب للتظاهر في العاصمة الجزائر وفي العديد من المدن، رفضا لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الشروط التي حد دتها السلطات ومطالبين برحيل قايد صالح.
وتظاهر نحو ألفي طالب في العاصمة. ومنذ بداية الاحتجاجات اعتاد الطلاب وأساتذتهم التظاهر كل ثلاثاء بساحة البريد المركزي واستخدام درجه منبرا لترديد الشعارات.
ولكن منذ غلق الدرج قبل عشرة أيام ثم الساحة ومنع الشرطة لأي تجمع فيها، نقل الطلاب تظاهرتهم إلى الشوارع والأحياء المجاورة، تفاديا لمواجهة قوات الشرطة، وكما في العاصمة تظاهر الطلاب أيضا في عدة مدن للمطالبة أيضا بابعاد الجيش عن السياسة، تحت شعاري "دولة مدنية لا عسكرية" و"قايد صالح إرحل" في إشارة إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وبحسب الدستور فإنه بعد استقالة بوتفليقة وتولي الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح الحكم في 9 أبريل، على أن يتم تنظيم انتخابات رئاسية في أجل 90 يوما من هذا التاريخ وتسليم السلطة للرئيس المنتخب.
وفي حالة استحالة إجراء الانتخابات وانتهاء ولاية الرئيس الانتقالي في التاسع من يوليوز، فإن البلاد ستدخل في مرحلة فراغ سياسي وقانوني.
لكن بالنسبة لقايد صالح فإنه "لا شيء مستحيل والجزائر في انتظار المخرج القانوني والدستوري الذي يقيها الوقوع في أي شكل من أشكال التأزيم"، كما قال في خطاب الثلاثاء.