وجه التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم أمس الاثنين، حول التذمر المتزايد للشغيلة الصحية بسبب التماطل في تنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024 بين الحكومة والنقابات الصحية، ومنهجية التعامل الأحادية المتّبعة من طرف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي.
وأوضح التنسيق، في الرسالة التي اطلع "تيلكيل عربي" على نسخة منها، أنه "اضطر إلى مراسلة أخنوش لسببين؛ أولهما، التأخير الكبير لتنزيل اتفاق 23 يوليوز 2024 الموقع بين الحكومة والتنسيق النقابي، وثانيهما، المنهجية الأحادية المتّبعة من طرف التهراوي بخصوص كل قضايا الموارد البشرية ومطالبها والنصوص القانونية المتعلقة بها، وعدم إشراكه للنقابات الممثلة للشغيلة في ذلك"، داعيا إياه إلى "التدخل العاجل من أجل تنفيذ وتنزيل هذا الاتفاق، في أسرع وقت، والتدخل من أجل تصحيح الوضع والمنهجية الأحادية التي يعتمدها الوزير، واعتماد المنهجية التشاركية، طبقا للاتفاقات والمواثيق والقوانين والحق في المعلومة والعمل بمنطق التوافق، لما فيه فائدة وخير المواطنين والمنظومة الصحية وكل العاملين بها".
وفيما يخص السبب الأول؛ أعرب المصدر نفسه عن أسفه لـ"عدم تنفيذ وتنزيل الاتفاق، إلى حدود الساعة، بالرغم من عقد النقابات الصحية، بعد الاتفاق، هي ووزارة الصحة، عدة اجتماعات خُصِصَت لأجرأة التنفيذ؛ حيث تقدموا كثيرا في العديد من نقاط الاتفاق، وتوافقوا حولها، ولم يبق إلا تأشير الجهات المختصة ووزارة المالية"، مضيفا أنه "خلال أول اجتماع مع وزير الصحة الحالي، بعد تعيينه، وخلال اجتماع ثان مع مساعديه وأطر الوزارة، تم التأكيد والاتفاق على ضرورة الإسراع بتنفيذه، وكذا تنزيل النصوص التطبيقية، في إطار من التشارك والتوافق".
وأبرز التنسيق أنه "بالرغم من ذلك الالتزام، لاحظ عكس ذلك. لاحظ صمتا، ثم توقفا وتجميدا لكل ما تم القيام به من نقاش غني وتوافق، ليحلّ محلّه تماطل لا مبرر له في تطبيق كل ما تم التوصل إليه، وفقط وعود ولا شيء ملموس. بل إن أغلب نقاط الاتفاق لم يتم، إلى حدود الساعة، تنفيذها، وهذا غير مفهوم وغير مقبول"، متسائلا: "فهل سنكون مضطرين، مرة أخرى، للنضال، من أجل تنفيذ اتفاق وقعناه مع الحكومة التي تترأسونها؟".
أما بخصوص السبب الثاني، فأعرب عن "استغرابه الكبير وتذمره من اعتماد الوزير منهجية أحادية بعيدة عن الشراكة والتوافق في تعامله مع قضايا الموارد البشرية والنصوص المرتبطة بها"، مشيرا إلى أن "هذا عكس ما أكد رئيس الحكومة عليه، مرارا، من ضرورة تثمين الموارد البشرية وتحفيزها، للانخراط، بقوة، في الورش الكبير للحماية الاجتماعية، وضمنه تعميم التغطية الصحية وتأهيل المنظومة الصحية بإصلاح جذري يجيب على حاجيات المواطنين ويستجيب إلى انتظارات المهنيين".
وأفاد التنسيق بأن "الشغيلة تعيش جوا من الترقب والانتظار وغياب التواصل وضبابية في الرؤية تعمّ المنظومة، ولاسيما بخصوص كل القضايا التي تعمّ مهنيي الصحة. وأصبحنا نعيش في أجواء غير معتادة من الكتمان والتكتم على معلومات ومعطيات ونصوص تهم الشغيلة وأوضاعها ومستقبلها وحقوقها وواجباتها، بسبب عدم إشراك النقابات في مناقشتها وبلورتها قبل إخراجها! وهذا الأسلوب الانفرادي في التدبير، خاصة المتعلق بأمور الموارد البشرية، ولّى عنه الدَّهر، وكل المواثيق الدولية الضامنة للحقوق الاجتماعية تؤكد ذلك".
وسجل أن "خير مثال على عدم إشراك الشغيلة وممثليها، هو صياغة النظامين الأساسيين الخاصين بموظفي الوكالتين المغربية للدم ومشتقاته والمغربية للأدوية والمنتجات الصحية دون مناقشتهما مع الشركاء الاجتماعيين، ثم المصادقة عليهما في المجلسين الإداريين للوكالتين التي ترأسها رئيس الحكومة، بدون علم التنسيق، بمضمونهما، كشركاء اجتماعيين، ولا العاملين المعنيين بهما كذلك! بل إن لا أحد يعلم هل تتضمن هاته النصوص تنزيل بنود الاتفاق بما يضمن كل المكتسبات والحقوق أم لا، مع العلم أن هذه النصوص هي التي ستؤطر العلاقة بين إدارة الوكالتين والعاملين بها".
كما خاطب التنسيق رئيس الحكومة: "هذا النوع من التعامل غريب ودخيل علينا وعلى قطاع الصحة، ويتناقض، كليا، مع خطابك الرسمي، الذي يؤكد على أهمية الحوار الاجتماعي والشراكة والنقاش والتفاوض للوصول إلى توافق حول القضايا التي تهم الشغيلة، بصفة عامة، ويتناقض مع المواثيق الدولية. وقد طالبنا بالاطِلاع على مسودة النظامين الأساسين للوكالتين، وراسلنا الوزير في الموضوع، لكن لم تتم الاستجاية إلى طلب النقابات، وكأن النظام الأساسي، وهو فقط قرار للمجلس الإداري، قد أصبح من أسرار الدولة، ويجب التكتم عليه، وهذا أمر غير منطقي وغير مقبول!".
وتابع أن "المنهجية التي يشتغل بها التهراوي، والتي خلقت وأنتجت توترا وتدمرا كبيرا، تطرح أسئلة كثيرة حول ما هو آت، إذا استمر في اعتماد نفس المنهجية الأحادية الدخيلة والإقصائية لرأي الشركاء وللشغيلة الصحية، فيما يتعلق بالنصوص الأخرى المقبلة، وبالنقاط المطلبية الواردة في الاتفاق، بشقها الاعتباري القانوني والمادي"؛ حيث أعرب عن "رفضه القاطع له"، معلنا نيته "التصدي له" و"إمكانية اللجوء إلى الاحتجاج بقوة، من جديد، بسبب ذلك".
ولفت التنسيق النقابي الصحي إلى أن "المنهجية المتّبعة من طرف التهراوي أدت إلى احتقان وغضب وتشكيك في المستقبل. وقد يتزايد ويتوسع حجم هذا التذمر أكثر، ويصل إلى الباب المسدود، خاصة وأن الجميع متوجس من أن ما وقع بخصوص الوكالتين قد يتكرر بخصوص النظام الأساسي النموذجي الخاص بالمجموعات الصحية الترابية، بمعنى فرض سياسة الأمر الواقع، بشكل أحادي، وبدون إشراك الشغيلة في البلورة والبناء، وصولا إلى التوافق، وهو ما سيؤدي، لا محالة، إلى انهيار تام للثقة؛ مما يؤهل إلى الدخول في نفق مجهول بالنسبة للمنظومة ككل".
وأضاف أن "هذه المنهجية لا تتلاءم مع قطاع اجتماعي وحيوي، وتدفع في اتجاه فقدان الثقة لدى النقابات والشغيلة في أي حوار وتعامل مع وزارة تمارس الإقصاء، ولا تُنصِت للشركاء وللشغيلة ولممثليها، ولا تُشركهم فيما يهم أوضاعهم ومستقبلهم. كما تساهم، بقوة، في فقدان الثقة في الانخراط في أي إصلاح مرتقب، مادام التهميش بات هو منهج وأسلوب تعامل وزارة الصحة ومن يترأسها، وهو ما لم تحرك الحكومة ساكنا أمامه".