نظمت الجمعية المغربية لحماية المال العام مساء اليوم السبت وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان بالرباط، ندد خلالها المشاركون بما وصفوه بالانحراف التشريعي الساعي إلى تحصين الفساد والمفسدين والمساس باستقلالية النيابة العامة من خلال تمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.
وشهدت الوقفة رفع شعارات تطالب بإسقاط الفساد وتجريم الإثراء غير المشروع وربط المسؤولية بالمحاسبة، من قبيل " يا مغربي يا مغربية إسقاط الفساد معركة وطنية"، و"هذه دولة ولا غابة لا مراقبة لا محاسبة".
كما رفعوا شعارات ضد رئيس الحكومة عزيز أخنوش وأعضائها من قبيل "ارفع شارة الزيرو.. للحكومة هاهي.. ولأخنوش هاهي"، و"الشكاية حق مشروع ووهبي مالك مخلوع"، في إشارة إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، على اعتباره المعني بمشروع قانون المسطرة الجنائية.
وفي كلمة ألقاها خلال الوقفة حذر محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام من خطورة تمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية مؤكدا أن الهدف منهما هو تحييد المجتمع وعزله عن معركة مكافحة الفساد من جهة وتقييد النيابة العامة في تحريك المتابعات والأبحاث القضائية في قضايا نهب المال العام بما يعد ضربا مباشرا لاستقلالية السلطة القضائية.
واعتبر الغلوسي أن "هناك نخبة وأغلبية وحكومة عنوانها زواج المال بالسلطة تسير نحو تعميق الفساد وتعزيز مناخ الرشوة ونهب المال العام والإثراء غير المشروع" مضيفا أن الحكومة الحالية تسعى إلى إنجاز عقد تأمين سياسي لزبنائها وأنصارها الذين تعول عليهم انتخابيا.
وقال إن الأصوات المطالبة بتخليق الحياة العامة تزعج هذه الحكومة متهما إياها باستغلال البرلمان من أجل سن قوانين على المقاس لتوفير الحصانة لفئة محظوظة ومنع مساءلتها شعبيا وقضائيا، مشددا على أن هناك جهات مستفيدة من الفساد تسعى إلى عرقلة التقدم والعودة بالمغرب إلى ما قبل المكتسبات الحقوقية والدستورية.
وأكد الغلوسي أن الجمعية تراهن على الغرفة الثانية للبرلمان وعلى المحكمة الدستورية لإسقاط المادتين المثيرتين للجدل في مشروع قانون المسطرة الجنائية.
الوقفة عرفت أيضا مشاركة عدد من المواطنين المتضررين من ملفات اجتماعية واقتصادية بارزة بينهم ضحايا زلزال الحوز الذين طالبوا بفتح تحقيق شامل في اختلالات إعادة الإعمار وتعويض المتضررين إلى جانب ضحايا مشروع سوق الصالحين بسلا، ومشاركين من مدينة السمارة اشتكوا من تراكم الثروة وغياب المحاسبة.
وشدد الغلوسي على ضرورة فتح تحقيقات قضائية بشأن اختلالات توزيع الدعم العمومي ومراقبة كل البرامج التنموية بالأقاليم الجنوبية، داعيا إلى افتحاص شامل لكل السياسات العمومية وتفعيل تقارير المفتشية العامة والمؤسسات الرقابية وإحالتها على القضاء لمحاكمة المتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب المال العام.
كما دعا إلى فتح تحقيق في الدعم الموجه إلى استيراد المواشي والأغنام، وما يعرف بـ"الفراقشية"، وإنصاف عدد من الكسابة المتضررين المقصيين من الدعم العمومي.
وجدد الغلوسي التأكيد على أن الفساد استشرى في مختلف القطاعات الحكومية ولا يمكن بناء دولة قوية في ظل غياب المحاسبة ووجود فئات محمية فوق القانون، داعيا إلى استرجاع الأموال المنهوبة ووقف الإفلات من العقاب وربط فعلي للمسؤولية بالمحاسبة دون انتقائية أو استثناء.