اندلعت، صباح اليوم الجمعة، اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، في باحة المسجد الأقصى في القدس، في أول مواجهات من نوعها منذ بدء شهر رمضان، ما أسفر عن سقوط أكثر من 150 شخصا.
وقال بيان الشرطة الإسرائيلية إنه قرابة الرابعة فجرا (01,00 ت غ)، دخل إلى المسجد الأقصى، "عشرات من الشبان الملثمين"، وأشعلوا مقذوفات، وألقوا حجارة باتجاه حائط المبكى.
وذكر شهود عيان أن فلسطينيين رشقوا بالحجارة، قوات الأمن الاسرائيلية التي ردت بإطلاق الرصاص المطاط وقنابل صوتية.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني لوكالة "فرانس برس" إن 153 جريحا أدخلوا المستشفى، وتمت معالجة "عشرات" في المكان، خلال الصدامات في البلدة القديمة في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967.
من جانبها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن ثلاثة من عناصرها على الأقل، جرحوا في المواجهات التي توقف الجزء الأكبر منها، ظهر اليوم الجمعة.
ويشهد الحرم القدسي في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة باستمرار صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين.
وأتت هذه الاشتباكات في ظل توتر شديد مستمر منذ ثلاثة أسابيع، مع أعمال عنف قاتلة في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، مع تزامن عيدي الفصح اليهودي، والمسيحي، وشهر رمضان.
وهذه الاشتباكات في الحرم القدسي هي الأولى هذا العام، منذ بداية شهر رمضان الذي يتجمع المسلمون خلاله في الموقع المقدس، الذي يشكل أحد محاور النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وخلال شهر رمضان في 2021، تحولت تظاهرات ليلية في القدس واشتباكات في باحة الأقصى إلى حرب استمرت 11 يوما بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة، وإسرائيل.
وقال وزير خارجية إسرائيل، يائير لبيد، إن "أعمال الشغب" الني نشبت الجمعة، "غير مقبولة".
وأضاف: "تزامن عيد الفصح اليهودي وشهر رمضان وعيد الفصح المسيحي يرمز إلى ما يجمع بيننا. يجب ألا ندع أحدا يحول هذه المناسبات المقدسة إلى منصة للكراهية والتحريض والعنف".
ودعا موفد الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط، تور فينيسلاند، "المسؤولين في الجانبين إلى خفض تصعيد الوضع، والحؤول دون حصول استفزازات جديدة من أوساط راديكالية".
وأضاف بيان الشرطة الإسرائيلية أن "الجموع كانت ترمي الحجارة باتجاه حائط" المبكى، وأنه مع ارتفاع منسوب العنف، "انتظرت (الشرطة) حتى نهاية الصلاة"، ومن ثم "اضطرت للدخول إلى الأراضي المحيطة بالمسجد".
وشدد البيان على أن "قوات الشرطة لم تدخل إلى داخل المسجد".
لكن مدير المسجد عمر الكسواني قال لوكالة "فرانس برس" أن "اقتحاما حصل داخل المسجد الأقصى".
وشدد على أن المسجد الأقصى "خط أحمر"، مشيرا إلى أن أكثر من 80 شابا كانوا داخله أخرجوا منه.
وكثفت كل من إسرائيل والأردن المحادثات، قبل حلول شهر رمضان، في محاولة لتجنب تكرار أعمال العنف المسجلة العام الماضي.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، مندد ا، إن "ما يحدث من اقتحام للمسجد الأقصى ودخول قوات الاحتلال إلى المسجد القبلي تطور خطير وتدنيس للمقدسات، وهو بمثابة إعلان حرب على شعبنا الفلسطيني".
وأضاف أبو ردينة: "المطلوب هو التدخل الفوري من كافة الجهات الدولية لوقف هذا العدوان الإسرائيلي الهمجي".
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، الذي دعت حركته إلى التعبئة ضد الدولة العبرية: "لا مكان للغزاة والمحتلين في قدسنا المقدسة".
ويرى محللون أن حركة "حماس" التي تأثرت قدراتها في حرب 2021، تسعى إلى استمرار الصراع في الضفة الغربية المحتلة والقدس، مع تجنب التصعيد في قطاع غزة، لا سيما أن إسرائيل يمكن أن تلغي آلافا من تصاريح العمل للعاملين في غزة إذا اندلع نزاع.
وأكدت الحركة في بيان، اليوم الجمعة، على أن "الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى جريمة عدوانية يتحمل الاحتلال كامل المسؤولية عنها وعن تداعياتها (...)، وكان محاولة فاشلة من قبل الاحتلال لإفراغ المسجد الأقصى، بهدف تدنيسه من قبل المستوطنين الإرهابيين".
وأضافت أن "العدو سيدرك أن هذه النار التي يشعلها بحقده الأعمى سترتد عليه وستحرقه، وما لم يكف الاحتلال يده عن الأقصى ويوقف عدوانه على شعبنا، فإن المواجهة ستكون أقرب وأصعب مما يظن".
وتأتي الاشتباكات بينما أرسلت إسرائيل تعزيزات إلى الضفة الغربية وعززت الجدار الفاصل معها، بعد أربع هجمات أدت إلى سقوط 14 قتيلا في الدولة العبرية، غالبيتهم من المدنيين، في الأسابيع الثلاثة الأخيرة.
في المقابل، قتل 22 فلسطينيا، من بينهم عدد من منفذي هجمات، في أعمال عنف متفرقة منذ ذلك الحين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة "فرانس برس".
وقتل ثلاثة فلسطينيين، أمس الخميس. فيما شنت القوات الإسرائيلية عمليات جديدة في منطقة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، في أعقاب هجوم مميت نفذه فلسطيني في تل أبيب، الأسبوع الماضي.
وأعلنت إسرائيل، أمس الخميس، أنها ستمنع المرور من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى إسرائيل من بعد ظهر اليوم الجمعة، حتى غد السبت؛ أي أول ليلتين من عطلة عيد الفصح اليهودي. وقد تعمد إلى تمديد قرار المنع طوال العطلة.
وبعد هجوم تل أبيب، أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قوات الأمن، "الحرية الكاملة للتحرك" تحت عنوان "دحر الإرهاب" في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، محذرا من أنه "لن تكون هناك حدود" لهذه الحرب.
وشن بعض الهجمات داخل إسرائيل فلسطينيون من الداخل، اعتبروا مرتبطين أو متعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.
وشهدت القدس الشرقية، العام الماضي، صدامات امتدت إلى باحات المسجد بعد ظاهرات احتجاجا على تهديد عائلات فلسطينية بالإخلاء، في حي الشيخ جراح، من قبل المستوطنين الإسرائيليين؛ حيث تطورت الاحتجاجات وأدت إلى تصعيد دام مع قطاع غزة استمر 11 يوما.