من يقف وراء اغتيال الرئيس جون كينيدي الذي صدم العالم في 22 نوفمبر 1963؟ وثائق سرية تكشف حيرة الأمريكيين.
يبرز نزع السرية عن آلاف من ملفات التحقيق سيلا من الفرضيات التي لم تدع حينها حتى مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية بمعزل عن الشكوك.
يتبين من الوثائق المنشورة أن مختلف أجهزة الحكومة الأميركية تعقبت كل شبهة وكل شائعة، وكيف قادها ذلك إلى معسكر رماية تابع لميليشيا يمينية، وكيف حققت في أوساط النازيين والشيوعيين على السواء وحتى ناديي "كاندي كاين" و"كيتي دوفيل" الليليين في نيو اورلينز.
وتركزت الشكوك في البدء على الاتحاد السوفياتي السابق وانصب الاهتمام خصوصا بعد الاغتيال مباشرة على تواصل مطلق النار "لي هارفي أوزوالد" مع "عضو في دائرة الاغتيالات في الاستخبارات السوفياتية كي جي بي" في السفارة السوفياتية في مكسيكو في سبتمبر وأكتوبر 1923.
ويبين تقرير للاستخبارات الأميركية نشر بعد أيام من الاغتيال أن البيت الأبيض تلقى بسرعة معلومات تفيد بأن موسكو كانت تعد اوزوالد "مجنونا" يعمل لصالح مؤامرة يمينية تهدف إلى تسميم العلاقات الأميركية السوفياتية، لكن هذا الأمر لم يكن كافيا لإزالة كل الشكوك، حتى مع مواصلة موسكو التأكيد على موقفها.
وأفاد تقرير استخباراتي أنه في القاهرة في 24 مايو 1964، عبر الرئيس الروسي نيكيتا خروتشيف عن وجهة النظر هذه في حديث مع الكاتب الصحافي الشهير درو بيرسن الذي كان مؤثرا في واشنطن وكانت لعائلة زوجته صلات مع السي آي ايه.
قال خروتشيف لبيرسن أنه لا يسعه تصديق أن أوزوالد وجاك روبي، صاحب الملهى الذي قتله، تصرفا بمفردهما. ويفيد تقرير للسي آي ايه عن المحادثة أن خروتشيف لم يصدق أن أجهزة الأمن الأميركية "على هذا القدر من عدم الكفاءة". وتكون لدى بيرسن "الانطباع بأن الرئيس خروتشيف كانت لديه شكوك حول وقوف اليمين الأميركي وراء هذه المؤامرة" ورفض كل الحجج التي قالت عكس ذلك.
لقد دارت شكوك حتى حول السي آي ايه نفسها. وتفيد مذكرة كتبت في سنة 1975 أن شائعات ظهرت بعد أيام من الاغتيال تقول إن أوزوالد عمل مع وكالة الاستخبارات. والحقيقة أن وثائق السي آي ايه بينت أن الوكالة كانت لديها معلومات عن اوزوالد.
وبحلول 27 نوفمبر 1963، شعرت الوكالة بضرورة أن تجري تحقيقا داخليا.
وفي المذكرة، يقول رئيس جهاز مكافحة التجسس بول هارتمان إنه راجع سجلات السي آي ايه، ومكاتبها الفرعية ونقاطها الخارجية، ومسؤولي المحطات والعمليات السرية ولم يتوصل إلى شيء، وفق تقرير رفعه إلى مدراء الوكالة بعد أسبوع.
وبينت النتائج أن لي هارفي أوزوالد "لم تكن له أي صلة من أي نوع بالوكالة" وفق ما جاء في المذكرة، لكن المذكرة بينت كذلك أن الشكوك لم تخمد في منتصف السبعينات ولاحظت أن قناة "سي بي أس" التلفزيونية كانت تعد قصة عن العلاقة بين السي آي ايه واوزوالد.
وعبر "ريتشارد هلمز"، نائب المدير وحينها مدير السي آي ايه من 1962 و1973، عن صدمته من الحديث المستمر عن وجود مؤامرة.
وفي شهادة فرضت عليها السرية في 1975 للجنة "روكفلر" التي حققت في اغتيال السي آي ايه قادة أجانب، قال هلمز حتى "ليندون جونسون" الذي خلف كينيدي رئيسا، كان يروج فرضيات غريبة.
"كان الرئيس جونسون يدور على الناس ويقول إن سبب اغتيال الرئيس كينيدي هو أنه أمر باغتيال رئيس (جنوب فيتنام) "دييم" وما جرى هو تطبيق العدالة فحسب".وأضاف هلمز "لا أعرف من أين جاء بهذه الفكرة".
يبين ملف للجهاز السري يقع في 167 صفحة أن الوكالة الفدرالية المكلفة حماية الرئيس تتبعت المئات من خيوط التحقيق المتعلقة بأفراد.
ومن بين هؤلاء العشرات من سكان بورتوريكو المعروفين بتأييدهم لفيدل كاسترو، ومن الكوبيين المعادين لكاسترو، والناشطين السود الأميركيين، وأعضاء جماعة كلو كلوكس كلان العنصرية، والنازيين، والشيوعيين والمعادين للشيوعيين.
ودققت في ماضي وحاضر المئات من الذين هددوا أو حاولوا الاتصال مع كينيدي خلال حكمه في سنة 1963. كما حققت مع "جون دونوفان" الذي هدد من السجن بقتل الرئيس "لأنه يقود العالم إلى حافة الدمار النووي"، و"جوزف ويسون" الذي وجه رسالة تهديد الى الرئيس موقعة باسم جاره.
وحققوا كذلك بشأن "سيلفيا سترلنغ" التي اتصلت بعائلة كينيدي وقالت إن لديها مفاتيح البيت الأبيض لكنها أضاعتها وهيلدغارد اوليفيريو التي اتصلت بالبيت الأبيض مرتين في 1963 مؤكدة أنها زوجة جون كينيدي.
الأرجح، ولكن من غير المؤكد، أن أحدا منهم لم يقتل كينيدي.
عن (أ.ف.ب) بتصرف