قتل الجيش الإسرائيلي، الإثنين، تسعة فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ثمانية منهم في مخيم جنين حيث ينفذ عملية توغل يتخللها قصف جوي بطائرات مسيّرة، هي الأوسع منذ نحو 20 عامًا.
وتشن إسرائيل العملية الواسعة التي أعلنت عنها في وقت مبكر الإثنين بعد أسبوعين من عملية كبيرة أخرى استهدفت مخيم جنين تخللها استخدام الطيران المروحي للمرة الأولى منذ عدة سنوات.
وصارت مدينة جنين ومخيّم اللاجئين المجاور لها مسرحًا للمواجهات بين الفلسطينيين والقوّات الإسرائيليّة التي كثّفت في الأشهر الماضية عملياتها في شمال الضفة الغربية المحتلة مع تزايد العمليات المسلحة التي تستهدف إسرائيليين ومعها هجمات المستوطنين على الفلسطينيين وأملاكهم ومزروعاتهم.
أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان أن "حصيلة شهداء جنين ترتفع إلى 8، إضافة إلى شهيد في رام الله والبيرة بوسط الضفة الغربية. ما يرفع حصيلة شهداء اليوم إلى 9، إضافة إلى 50 جريحاً بينهم 10 بحالة الخطر".
وقال مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين محمود السعدي لوكالة فرانس برس إنّ الهجوم الإسرائيلي يتمّ من الجو والبرّ.
وأضاف "قُصفت منازل ومواقع عدّة... الدخان يتصاعد من كلّ مكان".
ويشهد مخيم جنين اشتباكات مسلحة، فيما تهرع سيارات الاسعاف لنقل الجرحى الى المستشفيات، وفق ما أفاد مصور لوكالة فرانس برس.
وقال إن الجيش الاسرائيلي اقتحم مخيم جنين وما زالت الاشتباكات المسلحة جارية، ويُسمع صوت الانفجارات في المخيم، كما انتشر الجيش في شوارع مدينة جنين وفي محيطها.
وأوضح أن شبانا يقومون برمي قنابل على الآليات العسكرية الإسرائيلية، في حين يقوم آخرون برشقها بالحجارة.
وأشار الى أن بعض العائلات تنزح من بيوتها في المخيم وتحمل حقائب جمعت فيها بعض ملابسها وأغراضها وهي تغادره.
بدأ الجيش الإسرائيلي منذ فجر الإثنين بقصف أهداف في مدينة جنين. وأوضح المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت للصحافيين "نتخذ إجراءات" ضد أشخاص محددين.
وقال الناطق العسكري "نحن نركز على البنية التحتية داخل المخيم. يمكن أن تستمر ساعات، ويمكن أيامًا. بمجرد أن نحقق الإنجاز الذي نحتاج إلى تحقيقه، سنخرج من هناك".
وأضاف "هناك ايضا نهج بأن ينتهي كون المخيم ملاذًا آمنًا للارهاب لمن ينفذون هجمات في جميع أنحاء الضفة الغربية ضد الاسرائيليين، ويهرعون عائدين للاختباء داخل المخيم. لن يكون هناك ملاذ آمن لهؤلاء الارهابيين وهذا هو سبب تحركنا".
وقال إن العملية "يشارك فيها النخبة من كل القوات الاسرائيلية، وتجري اعتقالات وما زال العدد غير معروف".
وذكر الجيش في وقت سابق أنّ قوّاته قصفت "مركز عمليّات مشتركة" بذريعة أنّه يشكّل مركز قيادة "كتيبة جنين"، وهي مجموعة مسلحة أعلن عن قيامها حديثًا.
وقال الجيش إنّ العمليّة استهدفت موقعًا "للمراقبة والاستطلاع"، فضلًا عن منشأة لتخزين الأسلحة ومخبأ لمَن زعم أنّهم مُسلّحون نفّذوا هجمات على أهداف إسرائيليّة خلال الأشهر الأخيرة.
من جهته قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت "خلال الساعات الماضية، كانت قواتنا الأمنية تعمل ضد بؤر الإرهاب الساخنة في مدينة جنين. وفي مواجهة ذلك، نتخذ نهجا استباقيا وحاسما. من يؤذي مواطني إسرائيل، سيدفع ثمناً باهظاً. ... نحن نراقب عن كثب تصرفات أعدائنا ومستعدون لكل سيناريو".
وذكر بيان للجيش أن "جندياً أصيب بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية للجيش الإسرائيلي خلال عملية جنين وتم نقله إلى المستشفى".
وقالت كتائب القسام التابعة لحركة حماس في مخيم جنين في بيان "مجاهدونا من كافة الفصائل الفلسطينية يواجهون جيش الاحتلال في أزقة مخيم جنين محدثين فيهم الإصابات المباشرة".
ومن جهتها اكدت سرايا القدس - كتيبة جنين التابعة للجهاد الاسلامي "رداً على العدوان المستمر، وضمن معركة بأس جنين نفذ مجاهدونا منذ الصباح عددًا من الضربات النوعية في صفوف قوات وآليات الاحتلال". وأضافت أن "تمكن مجاهدونا من تفجير عدد من عبوات (طارق 1) التي تدخل الخدمة لأول مرة حيث تم تفجيرها بجيب مصفح صباح اليوم ما أدى إلى إعطابه واشتعال النيران فيه ومقتل وإصابة من فيه".
وكتيبة جنين اعلن شبان من انتماءات مختلفة عن تشكيلها في 2021 بهدف" مقاومة الاحتلال".
ووصف عضو اقليم حركة فتح في محافظة جنين محمود حواشين الاوضاع في مخيم جنين بأنها "كارثية". وقال لفرانس برس وهو يتفقد الجرحى في مستشفى ابن سينا "هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته".
وتابع حواشين وهو من مخيم جنين "باغت الجيش سكان جنين بمسيِّراته واستهدف البنية التحتية من ماء وكهرباء وسيارات. معظم الذين استشهدوا هم مواطنون مدنيون وليسوا من المقاومة". وقال "لسنا عشاق دم، نحن عشاق الحرية".