الأزمة تستفحل..مدريد تلغي الحكم الذاتي في كاتالونيا السبت

من الاحتجاجات التي تطالب باستقلال كتالونيا عن إسبانيا
المختار عماري

دخلت الأزمة الجارية بإسبانيا على خلفية رغبة الكاتالونيين في الانفصال، منعطفا تصعيديا كبيرا، صباح اليوم (الخميس)، إذ بعد حلول الأجل المحدد من قبل مدريد لإعلان برشلونة تراجعها عن الاستقلال أو تطبيق الفصل 155 من الدستور عليها، أجاب الانفصاليون في رسالة تقول إن "استقلال كاتالونيا سيعلن إذا مرت مدريد إلى تطبيق الفصل 155 من الدستور"، وهو ما لم تتأخر مدريد في التفاعل معه بدعوة مجلس وزرائها للانعقاد السبت المقبل للشروع في تطبيق ذلك الفصل.

وينص الفصل 155 الذي لم يسبق تطبيقه منذ اعتماد الدستور الإسباني الحالي في 1979، على أنه "إذا لم تحترم منطقة مستقلة الواجبات المفروضة عليها بموجب الدستور وباقي التشريعات، أو تصرفت على نحو يمس بالصالح العام لإسبانيا، تقوم الحكومة، بعد توجيه إنذار إلى رئيس الجهة المعنية دون أن يستجب، وبعد موافقة الأغلبية المطلقة في البرلمان، باتخاذ الإجراءات الضرورية لحملها على احترام واجباتها وحماية الصالح العام لإسبانيا".

وينطوي أي تطبيق فعلي للفصل 155 من الدستور على تبعات خطيرة، فهو يظل غامضا من حيث عدم تحديده طبيعة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة، وبالتالي يفتح الباب أمام احتمالات من قبيل إلغاء مدريد لنظام الحكم الذاتي بإقليم كاتالونيا والحجز على أمواله، أي الأخذ بزمام الأمور في تسيير الإقليم، وإنزال المزيد من الشرطة المركزية وقوات حفظ النظام إليه، في ما يشبه إعلان حالة استثناء بالإقليم، وهو ما قد تكون له ردود فعل ومقاومة من الكاتالونيين، قد يؤدي إلى تعميق الأزمة التي لم تشهد لها إسبانيا مثيلا منذ سقوط نظام الجنرال فرانكو، وإرساء الديمقراطية.

وكان بوتشدمون، رئيس الحكومة المحلية في برشلونة المتزعم للانفصال، في رسالته الجوابية عن الأجل الذي وضعته أمامه الحكومة المركزية، والتي نشرت مضامينها قبل 10 دقائق من حلول العاشرة صباحا، واضحا في مضيه نحو جر السلطات العليا في مدريد إلى طاولة الحوار، بقوله إن جلسة البرلمان لـ10 أكتوبر الجاري لم يعلن فيها الاستقلال، لكنه مستعد للقيام بذلك، إذا استمرت في مدريد في رفض الحوار وقررت مواصلة القمع واللجوء إلى الفصل 155 من الدستور، ما يعني أن السبت المقبل، سيكون أخطر يوم في تاريخ إسبانيا.

وتأتي تلك التطورات يواصل فيه الاتحاد الأوربي ودوله، النأي بأنفسهما عن التدخل المباشر فيس ما يعد "شؤونا داخلية لإسبانيا"، رغم أن الانفصاليون الكاتالونيون، ومنذ استفتاء فاتح أكتوبر، الذي نطكوه رغم قول المحكمة الدستورية الإسبانية أنه غير قانوني وغير شرعي، يطلبون الحوار ووساطة الاتحاد الأوربي، الذي تعتبر مالمجموعات السياسية في برلمانه أن استفتاء فاتح أكتوبر بكاتالونيا يظل غير دستوري وغير قانوني، لكن على مدريد تفادي القمع وإيجاد حلول أخرى للأزمة من غير التصعيد بين الطرفين.

يشار إلى أن الاستفتاء الشعبي لفاتح أكتوبر الجاري،  الممنوع من قبل القضاء الدستوري بإسبانيا، مر في جو من الاحتقان والتوتر بين المطالبين بالاستقلال والحكومة الإسبانية، ما فجر أزمة تعد الأكبر منذ الانتقال الديمقراطي في 1975، بين الحكومة المركزية والإقليم الذي يطمح إلى إعلان جمهورية مستقلة، والذهاب أبعد من الحكم الذاتي الذي يتمتع به منذ 1979، ويعيش تحته 16 % من مجموع سكان إسبانيا المتكونة من 17 إقليما، ويساهمون في إنتاج 20 % من الناتج الداخلي الخام للمملكة الإيبيرية.