ينتصر الأديب المغربي محمد الأشعري لما يسميه "لغة عربية حديثة" هي نتاج الكتابة الصحافية والنص الأدبي تحديدا. ويرى صاحب رواية "القوس والفراشة"، الذي تحدث في ندوة خلال المعرض المغاربي الثاني للكتاب بوجدة، أن ثمة تقدما مؤكدا على صعيد التأثير المتبادل بين الأدبين المغاربي والمشرقي، بفضل التبادل الثقافي وانتشار وسائل الاتصال والقفزة التي حققها الإنتاج الأدبي في العالم العربي.
وفي هذا الحديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش المعرض الذي نظم مؤخرا بوجدة- عاصمة الثقافة العربية للعام 2018، نتعرف إلى آراء الأديب والشاعر المغربي في قضايا مرتبطة بلغة الكتابة وجغرافيتها وجمالياتها:
- الأدب المغاربي عموما لا يقرأ كثيرا في المشرق العربي. لو صحت هذه المقولة: أين يقع الإشكال؟
* إطلاقا. هناك الكثير من الأشياء المسبقة الموجودة في الذهن، ولم تعد موجودة في الواقع. الكتاب المغربي مقروء في المشرق على نطاق واسع. إسأل دور النشر المغربية التي تذهب إلى كل المعارض في المشرق العربي. ولك أن تلاحظ، بعد ذلك، الإقبال الكبير على الكتاب المغربي. هذه الفكرة ترجع إلى عقود سابقة. الآن الوضع مختلف تماما.
- هناك من يقول إن القارئ المشرقي تعود على أسلوب في الكتابة مختلف، بلغة عربية مختلفة، و"كلاسيكية" أيضا .. في حين أن الكتاب المغاربة يستكشفون تجارب حداثية قادمة من أوروبا بحكم القرب الجغرافي؟
* لا أعتقد ذلك. هناك اليوم تجانس في اللغة العربية عبر العالم العربي. ثمة خصوصيات بكل تأكيد، لأن كل لغة عربية مكتوبة تستدعي الحياة اليومية إلى مجالاتها الخاصة. وباستدعائها الحياة اليومية، فإنها تستدعي أيضا الخيال اللغوي الموجود محليا. هذا صحيح بالنسبة للأدب المغربي، وصحيح كذلك بالنسبة للأدب المشرقي. ونحن أصبحنا اليوم ندرك ذلك من قراءاتنا ونتآلف معه بسهولة نسبية. لذلك يجب أن ننتبه إلى هذه الجغرافيا الجديدة التي أنتجها الأدب المكتوب بالعربية. نحن نكتب بعربية حديثة على فكرة. العربية التي نكتب بها لا علاقة لها بالعربية الكلاسيكية والعربية التقليدية.
- حينما تقول عربية حديثة، السيد الأشعري، هل تعني أن التحديث يجب أن يطال قواعد اللغة؟
* لا. أبدا، لا أقصد قواعد اللغة. التحديث يجب أن يطال المجال اللغوي برمته. إذا قارنت بين الرواية التي كتبها طه حسين في منتصف القرن الماضي وبين ما يكتب اليوم، تجد فرقا واضحا في طريقة التعبير والمفردات وفي طريقة تركيب اللغة وفي الخيال اللغوي.. ولك أن تسأل: هل هناك علاقة بين مقامات بديع الزمان الهمداني والرواية العربية الحديثة؟ لا علاقة مطلقا. ولذلك يجب أن ننتبه إلى الإنجاز المتحقق من خلال النص الأدبي.
- على عكس هذا الرأي، هناك من يزعم أن لغة الصحافة لم ترق إلى "رصانة" اللغة العربية
* بالعكس، لقد ساهمت في تحديث اللغة العربية. الصحافة منذ نهاية القرن التاسع عشر ساهمت في تحديث العربية. واللغة التي نكتب بها اليوم نحن مدينون بها للصحافة المكتوبة وللأدب العربي المكتوب.
- لكن ثمة من يقول إن بنية هذه اللغة "الحديثة" هي أقرب إلى بنية اللغة "المترجمة" في نهاية المطاف
* هذه تقييمات مرتجلة، لا أظن بأنها تستند إلى تحليلات علمية رصينة ومختبرية. المشكل لدينا هو أننا نتصور أن اللغة العربية هي عربية واحدة. نحن مختلفون بالطبع.. ولكن حين ننتقل من الشفوي إلى المكتوب، فإننا ننتقل إلى الجغرافيا المشتركة.
- وأنت، الشاعر والأديب.. لماذا تكتب؟
* لأعيش..
الحياة عندي هي الكتابة!