رغم الإنجازات التي تحققت بعد تبني المغرب للمخطط الأخضر، إلا أنه يفترض بذل جهود إضافية بغية بلوغ هدف الأمن الغذائى، وتنويع الإنتاج الزراعي، والتكيف مع انتطارات المستهلكين والإكراهات ذات الصلة بتغير الظروف المناخية. تلك هي الخلاصة الرئيسية، التي توصل إليها المركز المغربي للظرفية، الذي يتصور أن التغيرات المناخية، قد تعيق قدرة الزراعة على رفع النمو الاقتصادي وضمان الأمن الغذائي، وهو تحدي يلوح بقوة في أغلب الاقتصاديات العالمية.
ويرى المركز أن البيانات المتوفرة، تشير إلى أن الاستثمارات العمومية، التي أنجزت بين 2008 سنة إطلاق المخطط الأخضر و2017 ، وصلت إلى 75 مليار درهم، بينما تضاعفت الصادرات خلال تلك الفترة.
ويلاحظ المركز، الذي يرأسه الحبيب المالكي، في نشرته الأخيرة، التي اهتم فيها بالفلاحة بالمغرب، أن مساهمة القطاع في التشغيل أضحت ملموسة، والإنتاجية في بعض الزراعات، بلغت مستويات قياسية.
ويسجل أن المغرب لم يسلم من تأثيرات التغيرات المناخية، فقد أضحى الإنتاج الزراعي، منذ سنوات، مرتهنا للمناخ، الذي من تجلياته عدم انتظام التساقطات المطرية، مع دورات جفاف متوالية، وعدم استقرار في مردودية مختلف الزراعات.
ويعتبر أن التحدي، الذي يواجهه المغرب، يتمثل في التكيف مع هذه الظروف، وهو تحد يثقل على المغرب أكثر، في ظل وجود نصف الساكنة بالعالم القروي، والتي تحصل على إيرادات من الزراعة. وتعاني تلك الساكنة من الهشاشة، مادامت تواجه مخاطر ذات صلة بالمحاصيل الضعيفة، وفقدان القطيع.
ويذهب إلى أن دور القطاع الزراعي، لاينحصر فقط في تحسين وضعية الساكنة في العام القروي، بل يتمثل، كذلك، في رفع النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والمساهمة في التشغيل.
ويشير إلى أنه كي يضطلع بهذا الدور، يفترض إتاحة ذلك عبر سياسات عمومية مواكبة نشطة وفعالة، بما يتيح للقطاع التكيف مع التغيرات التي تطرأ على بيئة النشاط الزراعي، والتي قد لا تكون أخذت بالحسبان بما يكفي في السياسات الزراعية.
ويؤكد على أن السياسات الزراعية المتوالية، كانت طموحة، ورامت تحويل الزراعة إلى رافعة للنمو والاستثمار والتخفيف من ارتهانها للمناخ، إلا أنها لم تتح للقطاع تحقيق نتائج متواصلة، رغم التقدم الذي حققته، خاصة منذ تبني المخطط الأخضر.
وذكر المركز بالتعليمات الملكية، التي جرى الإلحاح، عبرها، على بعث دينامية جديدة في المخطط الأخضر، بما يتيح بروز طبقة وسطى في العالم القروي، وتوفير أنشطة جددية مدرة للدخل وفرص عمل لفائدة الشباب، ناهيك عن تقليص الفوارق وتقليص دائرة الفقر والتحكم في الهجرة القروية.
ويعتبر المركز أن بلورة مثل هذه الاستراتيجية، لا يمكن أن يغفل هاجس تعبئة معقلنة للموارد المتاحة، خاصة المياه، التي تعرف إفراطا في الاستغلال، رغم التحفيزات التي يتيحها المخطط الأخضر من أجل التحول من طرق السقي التقليدية إلى التقنيات الأكثر اقتصادا للماء.
ويشدد المركز على ضرورة معالجة مشكل العقار، الذي يفضى وضعه الحالي إلى صعوبة تثمينه، خاصة في ظل المضاربة، التي تصيبه كعامل من عوامل الإنتاج، في ذات الوقت الذي يلح على تخصيص عناية خاصة للموارد البشرية في القطاع الزراعي، التي تعاني من ضعف التأهيل والأجور.