أوضح يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، أن "المجلس في سياق عمله خلال هذه المدة، مجموعة من الإكراهات والتحديات في ممارسة اختصاصاته المحددة في القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة".
تأخر صدور النظام الداخلي للمجلس
أوضح مجاهد، في اللقاء دراسي حول الإعلام الوطني والمجتمع، صباح اليوم الأربعاء، بمجلس النواب، أن النظام الداخلي للمجلس، "يتضمن مجموعة من المقتضيات المتعلقة بممارسة اختصاصاته خاصة ما يتعلق منها بمجال أخلاقيات مهنة الصحافة وممارسة مهمة الوساطة والتحكيم، فكما تعلمون، تم تنصيب المجلس الوطني للصحافة يوم 05 أكتوبر 2018، في حين أن النظام الداخلي لم يصدر إلا يوم 25 ماي 2019، أي بعد مرور أزيد من سنة وسبعة أشهر".
وأضاف أن "هذا التأخر جعل المجلس مكبلا لا يمارس اختصاصاته بالشكل الذي يتناسب مع مقتضيات القانون المحدث له، فإذا كان القانون ينص مثلا على تلقي الشكايات المتعلقة بخرق الصحافيين المهنيين والمؤسسات الناشرة للصحف لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة الذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 29 يوليوز 2019، فإن نفس القانون لم يسمح للمجلس بالبت في الشكايات إلا وفق المسطرة المنصوص عنها في النظام الداخلي للمجلس".
الولوج إلى ممارسة مهنة الصحافة
وأورد أن "المجلس وقف عند عدم وضوح النص القانوني في ما يخص شروط الحصول على بطاقة الصحافة المهنية لاسيما شرط الشهادة أو الدبلوم بالنسبة لطالب بطاقة الصحافة لأول مرة، إلى جانب صعوبة ضبط الوثائق المتعلقة بجذاذات المداخيل في ظل غياب معايير واضحة من الإدارات المختصةـ إضافة إلى عدم التزام مجموعة من المقاولات الصحافية بالتصريح بالصحافيين الأجراء لديها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل منتظم وكذا عدم احترام الحد الأدنى للأجور في مجال الصحافة وفق ما تنص عنه الاتفاقية الجماعية".
وأشار إلى أنه "رغم كل هذه الإكراهات، فقد عمل المجلس على ضبط أكثر دقة للولوج للمهنة، من خلال اعتماد الصرامة في احترام الشروط القانونية، ووضع حدا أدنى للأجر، كما قان بالتنسيق مع إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للتأكد من سلامة الوضع القانوني، لطالب البطاقة، بالإضافة إلى تطوير تبادل المعطيات بخصوص الدبلومات، مع الوزارات والإدارات المختصة".
أخلاقيات مهنة الصحافة
ولفت إلى أنه "أوكل المشرع للمجلس النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحافية والصحافيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها، وخلال الممارسة العملية، سجل المجلس على مستوى مسطرة التأديب الخاصة بالقضايا المرتبطة بأخلاقيات مهنة الصحافة مجموعة من الإشكاليات".
وعلى رأس، المشاكل، حسب نفس المصدر، "إشكالية التبليغ فيما يتعلق بدعوته للاطلاع على الملف أو الاستدعاء لحضور جلسات الاستماع أمام اللجنة المختصة مما يؤثر على مبدأ الحق في الدفاع وكذلك طول المسطرة التأديبية؛ وإشكالية طول المسطرة مما يجعل الأمر لا يتطابق مع خصوصيات المجال الإعلامي الذي يتطلب السرعة".
وسجل "عدم التنصيص على مقتضيات تتعلق بالتدخل الاستعجالي للمجلس في القضايا التي تمس المجتمع وتقتضي تدخلا استعجاليا؛ وتعتري المنظومة القانونية الحالية في مجال التأديب مجموعة من الإشكالات على مستوى العقوبات من جهة التي تعترضها صعوبات لتنفيذها على أرض الواقع؛ وعدم تحديد آجالات الطعن أمام لجنة الطعون في القرارات الصادرة عن لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية".
وتابع: "سنتي 2019 و2020 فقد واجهت لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، للبت في الشكايات التي توصلت بها، مجموعة من الإكراهات القانونية التي حالت دون القيام بعملها، ومن بينها أساسا غياب النظام الداخلي للمجلس الوطني للصحافة الذي بم ينشر بالجريدة الرسمية إلا في بتاريخ 25 ماي 2020 والذي صادف مرحلة الحجر الصحي التي عرفها بلادنا جراء انتشار فيروس كورونا. وهو ما يفسر صدور القرارات المتعلقة بالشكايات المتوصل بها في سنة 2020 خلال سنة 2021 نظرا لطول المسطرة المعمول بها وكذا للظروف المشار إليها سابقا".
وأبرز أنه "بخصوص سنة 2021 فقد أصدرت لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية ما مجموعه 47 قرارا في الشكايات الواردة عليها. وتتعلق هذه القرارات بالشكايات الواردة على المجلس خلال سنتي 2020 و2021. كما اتخذت لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية إلى حدود نهاية نوفمبر 2022 ما مجموعه 29 قرارا".
دور الوساطة والتحكيم
وأكد أن "التجربة العملية أثبتث بخصوص ممارسة المجلس لاختصاصاته في مجال التحكيم في القضايا التي تهم المهنيين في قطاع الصحافة والنشر، وجود تضارب بين النصوص القانونية المكونة لمدونة الصحافة والنشر، مما أدى إلى رفض طلبات تذييل مجموعة من الأحكام التحكيمية أمام المحاكم المختصة".
واستطرد قائلا: "هنا تطرح إشكالية إلزامية اتفاق التحكيم حيث أن الأحكام القضائية متضاربة في هذا الموضوع حيث أيدت مجموعة من الأحكام التحكيمية مع الإقرار بإلزامية اللجوء ولو بعدم وجود اتفاق التحكيم وأحكام رفضت تذييل الأحكام التحكيمية بالصيغة التنفيذية بعلة عدم الإدلاء باتفاق التحكيم أثناء وضع طلب التذييل".
اجتياز تجربة التأسيس بنجاح
ونبه إلى أنه "دون الإطالة، في تقديم هذه الحصيلة، فإن الخلاصة التي يمكن أن نؤكدها هنا، هي أن بلادنا تتوفر اليوم على هيأة للتنظيم الذاتي، تمكنت من اجتياز تجربة التأسيس بنجاح، رغم ما سجلناه من إكراهات رافقت هذه التجربة، خاصة على المستوى القانوني، سواء في ممارسة صلاحياته أو في الإشكالات التي طرحت حول مستقبله".
وشدّد على أن "هاجسنا، دائما، كان هو أن نحترم مسؤوليتنا الأخلاقية والمهينة، وأن نكون أوفياء لروح الحوار الوطني "الإعلام والمجتمع"، الذي، رغم مرور عشر سنوات على إنتهاء أشغاله، مازالت توصياته ودروسه صالحة لتشكل أساس إنطلاقة جديدة للصحافة والإعلام في بلادنا".