تحديات وفرص
في هذا السياق، تواصل "تيلكيل عربي"، اليوم الأربعاء، مع محمد الناجي، خبير دولي ورئيس شعبة هندسة الصيد وتربية الأحياء المائية، فأفاد أن هذه الوكالة، التي أُحدثت لأول مرة في عام 2011، جاءت ضمن الإصدار الأول لاستراتيجية "أليتوس" 2009-2020. وكان دورها مهمًا جدًا في تفعيل مكون أساسي للاستراتيجية، وهو تربية الأحياء المائية وإنتاج 200 ألف طن من الأنواع البحرية، التي كانت هدفا سنويًا في الاستراتيجية.
وأشار إلى أن هذا الهدف كان طموحًا للغاية، مقارنةً بدول الجوار، مثل إسبانيا وتركيا واليونان، وكذلك إيطاليا، التي تُعد من أكبر المنتجين للأسماك على مستوى تربية الأحياء المائية.
وأضاف الناجي أنه عندما بدأت الوكالة أول مرحلة، كانت البداية منهجية، حيث بدأوا بتطوير مخططات التهيئة لتربية الأحياء المائية. كانت المقاربة المتبعة فعالة، فهي تعد واحدة من المقاربات القليلة التي عملت على هذا النحو الشامل. تم تشخيص الساحل بأكمله بشكل دقيق، من أجل تحديد الخصائص والمميزات الفريدة لكل منطقة. بناءً على هذا التشخيص، تم تحديد أنواع الأحياء المائية التي يمكن تنمية تربيتها في تلك المناطق، مما يعكس تحليلا متعمقا للبيئة المحلية.
المخططات البحرية
وأوضح الخبير ذاته إلى أن المخططات التي تم تطويرها كانت تعطي كل منطقة الأنواع المناسبة لتربيتها، وكذلك الطاقة الإنتاجية الممكنة بناءً على تشخيص دقيق. وقد قام خبراء في العلوم البحرية وتربية الأحياء البحرية بهذا التشخيص لتحديد قدرة التحمل البيئية لكل منطقة، بحيث يتم تجنب التأثيرات السلبية على البيئة.
ولفت الناجي الانتباه إلى أن نتيجة هذه الدراسة أدت إلى إنجاز8 مخططًا حتى الآن. في كل مخطط يتم تحديد قدرة استيعاب عدد من المشاريع وأنواع الأحياء البحرية التي يمكن تربيتها. وبالتالي، يتم تقديم طلبات إبداء الاهتمام للجمهور بالنسبة لمن يرغب في الاستثمار، حيث تقوم الوكالة بعملية الفرز لتحديد الأشخاص المؤهلين لمنحهم رخص الاستثمار. وهكذا، انطلقت تربية الأحياء المائية، التي كانت موجودة بالفعل، حيث أن الوحدات الأولى لتربية الأحياء المائية في المغرب تعود إلى حوالي 100 سنة، مثلما هو الحال مع تربية المحار في بحيرة الواليدية.
واستطرد قائلا إنه كان هناك مشروع ضخم في بحيرة مرشيكا في إقليم الناظور، والذي كان يشمل مشروعًا ملكيًا لإنتاج الأسماك والقوقعيات، إلا أنه اختفى في بداية التسعينيات بسبب عدم قدرته على مواكبة منافسة الشركات الموجودة في الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط. وبطبيعة الحال، بقيت بعض الشركات مستمرة في العمل، خاصة في الواليدية والمضيق. والآن، هناك انطلاقة جديدة لعدد من المشاريع التي تفوق 400 مشروع مختلف تمت المصادقة عليها.
من بلح البحر إلى الأسماك
وفي سياق متصل، أفاد أن هناك ثلاثة مكونات رئيسية في البرامج الاستثمارية للوكالة. الجزء الأول يتعلق بتربية بلح البحر، حيث توجد مجموعة من المشاريع في البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك خليج أكادير والداخلة وجنوب الداخلة. وقد وصلت العديد من هذه المشاريع إلى مرحلة الإنتاج. أما المحور الثاني فيتعلق بتربية المحار، حيث بالإضافة إلى الوحدات التاريخية الموجودة في الواليدية، تم إنشاء العديد من الوحدات الإضافية في خليج الداخلة. حالياً، يوجد حوالي 100 مشروع في منطقة الداخلة.
واسترسل قائلاً إن المحور الثالث هو محور الأسماك، والذي يعد المحور الأصعب نظرًا لأنه يحتاج إلى إمكانيات مادية وخبرة كبيرة جدًا. بالإضافة إلى الوحدة القائمة في المضيق، تمت إضافة وحدات جديدة، خاصة على مستوى البحر الأبيض المتوسط، مثل تلك الموجودة في رأس الماء، بالإضافة إلى مشروع آخر على مستوى خليج الداخلة. هناك أيضًا مشروع كبير يدمج بين البعد التجاري والبعد التحسيسي، والذي يتم تنفيذه في عرض ساحل مدينة سيدي إفني.
تربية الأحياء المائية في المغرب
في رده على سؤالنا حول مساهمة الاستراتيجية الجديدة التي أطلقتها الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية البحرية في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة في المغرب، أفاد أنه إذا استثنينا المحار وبلح البحر، فإن المحور الذي يتداخل مع الصيد والموارد الطبيعية هو محور الأسماك. من المفترض أن تربية الأحياء المائية تساهم في تقليل الضغط على الموارد الطبيعية للصيد، حيث ينبغي أن يولي البحارة اهتمامًا أكبر بالاستزراع السمكي، مما يساهم في تقليص الضغط على الموارد البحرية الطبيعية بسبب الصيد الجائر. وقد كان هذا الهدف دائمًا حاضرًا لدى الوكالة بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث سعت إلى تعزيز الاستزراع السمكي كحل مستدام يقلل من التأثيرات السلبية على البيئة ويعزز الاقتصاد الوطني.
واختتم الناجي حديثه قائلاً إن المسألة الثانية هي التحدي الكبير الذي يواجهه المغرب على مستوى التسويق، حيث بدأنا متأخرين في هذا المجال. في البحر الأبيض المتوسط، هناك دول تتمتع بميزة الأسبقية ولديها تاريخ طويل في هذا القطاع، مما يجعلها من كبار المنتجين لأنواع السمك التي بدأنا نحن في إنتاجها، مثل القاروس. في جنوب أوروبا، هناك فائض كبير في الإنتاج، وبالتالي ستكون المنافسة شديدة في الأسواق القريبة، وبالأخص الأسواق الأوروبية.