"ندعو المغرب منذ ثلاثة أعوام على أن يكون أكثر إصرارا في علاقته مع بريطانيا"، هكذا تحدث، محمد الريحاني، مدير الغرفة التجارية البريطانية بالمغرب، عندما كان يتناول، في ندوة، الفرص والمخاطر المرتبطة بالبريكسيت بالنسبة للمغرب، وذلك في إشارة إلى ضرورة إعادة ترتيب الأوراق الاقتصادية مع بريطانيا.
مازال الخبراء لم يتمكنوا من تحديد سيناريوهات لما ستكون عليه العلاقات الاقتصادية بعد الخروج المتفاوض حوله لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع المغرب، غير أنهم يؤكدون على أن تغييرات ستطرأ على تلك العلاقات، معتبرين أنه يفترض في المغرب أن يسعى إلى إبرام اتفاق تجاري جديد.
يحيل المحلل السياسي مصطفى السحيمي على دراسة، نشرت في أبريل من العام الماضي، حيث تجلى أن المغرب يوجد من بين العشرين بلدا إفريقيا التي ستفقد حصص في السوق بسبب البريكست، حيث ستصل الخسائر إلى حوالي 97 مليون دولار، بينما سترتفع صادرات بلد مثل جنوب إفريقيا بحوالي 2,4 مليار دولار.
ويلاحظ أن المبادلات التجارية بين المغرب وبريطانيا انتقلت إلى 14 مليار درهم في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى المبادلات التجارية بين البلدين مافتئت ترتفع كي تصل صادرات المغرب إلى 6 ملايير درهم، مقابل واردات في حدود 10 مليار درهم، مايعني أن الميزان التجاري يميل لفائدة بريطانيا.
ويعتبر السحيمي، في ندوة نظمتها الغرفة البريطانية التجارية بالمغرب أول أمس بالدارالبيضاء، حول فرص ومخاطر مرتبطة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالنسبة للمغرب، أن هذا الأخير يسعى إلى توضيح الإطار القانوني للعلاقات التجارية مع بريطانيا، التي كان خاضعة قبل بريكسيت لاتفاق الشراكة الذي أبرمه المغرب مع الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن الوضعية الحالية، ستفرض التفاوض على إطار جديد للعلاقات.
وأثار الانتباه إلى أن المغرب معني بتوضيح العلاقات مع بريطانيا، مشيرا إلى أن الزيارة التي قامت بها وزير الفلاحة والصيد البحري لبريطانيا، في أبريل من العام الماضي، تندرج ضمن ذلك السياق، حيث يمكن للمغرب أن يرنو إلى زيادة صادراته من الحوامض مثلا في إطار اتفاق جديد مع بريطانيا بعيدا عن القيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.
ويعتقد أن يجب تناول القضايا المرتبطة بتلقبات الجنية الاسترليني، وتأثيرات ذلك على المبادلات التجارية والتعاملات المالية في المستقبل، كما عرض لمسألة التحكيم التي كان يرجع فيها في ظل الاتحاد الأوروبي إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية والمحكمة الأوروبية.
ويتصور خبراء شاركوا في الندوة أن الآثار المرتبة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لن تظهر بشكل آني، حيث ترتيبات الخروج في المرحلة الانتقالية ستمنح فرصة لبلد مثل المغرب من أجل إعادة تشكيل علاقاته التجارية مع بريطانيا، علما أن السحيمي يعتبر أن العلاقات بين البلدين لها بعد سياسي لا تطغى عليه الاعتبارات الاقتصادية.
ويذهب الاقتصادي والاستشاري الدولي، غابرييل بانون، الذي يعتبر أن بريطانيا لم تكن عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي، ما دامت لم تنظم لمنطقة الأورو، أن مفاوضات المرحلة الانتقالية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ستترتب عنها آثار على المغرب الذي يرتبط باتفاق شراكة مع ذلك الفضاء، وهو ما يعتبره خبراء فرصة للمملكة لإعادة التفاوض مع بريطانيا.
وصادق مجلس العموم البريطاني، أول أمس الثلاثاء، على قانون الحكومة حول الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، غير أنه رفض خطة إنهاء الإجراءات في ثلاثة أيام فقط، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر الجاري.
وصرح رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، بأنه سيقدم توصية لقادة الاتحاد من أجل تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد إلى غاية 31 يناير 2020.