البوكيلي لـ"تيلكيل عربي": قوة هذا المشروع تكمن في الشرعية الدينية للملك محمد السادس

خديجة قدوري

ترأس الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل مخصصة لمناقشة مراجعة مدونة الأسرة. وقد تم عقد هذه الجلسة بعد أن قدمت الهيئة المكلفة بالمراجعة تقريرًا للملك، تضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، وذلك عقب إتمام مهامها ضمن الإطار الزمني المحدد.

في هذا السياق، أشار أحمد البوكيلي، الأستاذ الجامعي والباحث في الشأن الديني، إلى أن "مراجعة المدونة في السياق الاجتماعي والسياسي تعد مهمة شاقة ومعقدة نظراً لتعدد الاجتهادات الفكرية والمرجعيات الإيديولوجية التي تشكل التنوع الاجتماعي والسياسي في المجتمع المغربي، بما في ذلك شرائحه المختلفة ونخبه وتياراته المتنوعة".

وتابع البوكيلي قائلاً: "ومع ذلك، ما يميز عملية إدارة ملف مراجعة مدونة الأسرة بالمغرب هو دور الملك محمد السادس، سواء من خلال صفته الدستورية أو الروحية. ومن هنا، لا يخفى علينا أن المغرب قد شهد في مرحلة ما استقطاباً إيديولوجياً حاداً حول هذا الملف، بين معسكرين أطلق عليهما معسكر الحداثة مقابل معسكر المحافظة".

وأشار البوكيلي إلى أن هذا الاستقطاب أدى إلى تنظيم مسيرتين، واحدة في الرباط وأخرى في الدار البيضاء، لولا التدخل الملكي لكان المجتمع على وشك الوصول إلى مرحلة التكفير السياسي والتصادم الأيديولوجي.

وأضاف قائلاً: "وهنا تكمن الخصوصية المغربية، فرغم كل الاختلافات، نجد من يجمعنا ويوحدنا، ويحمي مجتمعنا من الصراعات الحزبية والسياسية والدينية.

أوضح البوكيلي أن "قوة هذا المشروع تكمن في الشرعية الدينية للملك محمد السادس، التي ساهمت في تحقيق الإجماع الوطني حول أبرز القضايا الوطنية. ومع ذلك، وبما أننا جزء من العصر العالمي ولا نعيش في جغرافيا معزولة، فإن هناك من يتأثر بخطابات متطرفة في فهم الدين أو بعقليات متشددة تتبنى مواقف معادية له.

وتابع قائلاً: "ما يفسر خطورة هذه الاختراقات هو تحويلها إلى أيديولوجية تهدف إلى صناعة الفتنة، لأن هناك من لا يقبل هذه الوحدة الوطنية والإجماع الروحي حول ثوابتنا. ومن هنا، يتم استغلال المشاعر الدينية وتوجيهها نحو الأهداف الأيديولوجية، وهنا نتفهم محاولات الجهات المتشددة التي تسعى للاستفادة من موجة الإشاعات ونشر الأكاذيب".

واختتم حديثه قائلاً: "ومع ذلك، تكمن قوة المجتمع المغربي في مرجعيته الموحدة المبنية على أصول الاعتقاد الديني وثوابته الوطنية، وفي إيمانه بضرورة الاجتهاد المستند إلى أسس راسخة ومراجعة دائمة للمشاريع التجديدية، بما يتماشى مع تطور الزمن ومرونة العقل".