قال محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إن السنة الماضية انتهت على وقع الارتفاع المهول في عدد الساكنة السجنية والذي أصبح يتجاوز 100.000 سجين منذ شهر غشت الماضي، مع ما لهذا الوضع من انعكاسات سلبية على ظروف الاعتقال والأمن والبرامج التأهيلية.
وأضاف خلال كلمة له بمناسبة الذكرى 16 لتأسيس مندوبيته أن هذا الوضع أدى إلى زيادة الضغط على الموظفين في أداء مهامهم اليومية، خاصة على مستوى تدبير الخدمات الأساسية المقدمة للسجناء والحفاظ على الأمن والانضباط بالمؤسسات السجنية، وهو ما يجعل من عمل هذه الفئة من موظفي الدولة مهمة ذات حساسية استثنائية ومختلفة تماما عما عليه الحال بباقي الوظائف العمومية، إذ يتم الاضطلاع بها في مجال مغلق وفي إطار الحركية الدائمة التي تعرفها المؤسسات السجنية طيلة أيام الأسبوع وخلال الأعياد الوطنية والدينية، مع ما ينجم عن ذلك من ضغوطات نفسية وإنهاك بدني للموظفين، علاوة على الاعتداءات الجسدية واللفظية التي يتعرضون لها على إثر احتكاكهم بأفراد في نزاع مع القانون على اختلاف وضعياتهم ونزوعاتهم.
وأوضح المصدر ذاته أنه على مستوى أنسنة ظروف الاعتقال، تركزت جهود المندوبية العامة على مواجهة معضلة الاكتظاظ من خلال تنزيل برنامجها لتحديث حظيرة السجون وتعزيز طاقتها الاستيعابية ومواصلة أشغال الترميم والتهيئة بالعديد من المؤسسات السجنية وتعزيز تجهيز المؤسسات السجنية بالأفرشة والأغطية وتحسين خدمات النظافة والصيانة والتغذية، وكذا معالجة إشكالية ربط المؤسسات السجنية بشبكات التطهير السائل وإحداث محطات لمعالجة المياه العادمة ببعض السجون.
واعتبر التامك أنه ولأن العمل السجني يتقاطع في أسسه مع مبادئ حقوق الإنسان، فقد حرصت المندوبية العامة على مواصلة دمج البعد الحقوقي في مختلف الخدمات المقدمة للسجناء وترسيخ ثقافة مهنية تقوم على الموازنة بين التحديات الأمنية والمتطلبات الحقوقية، وذلك من خلال تنظيم دورات تكوين لفائدة موظفي السجون في مجال حقوق الإنسان والوقاية من التعذيب بشراكة مع الهيئات الفاعلة في هذا المجال، خاصة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي تعزز التعاون معه من خلال الزيارات التي تقوم بها لجانه الجهوية والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مع تمكينه من كافة التسهيلات اللازمة بخصوص جلسات الاستماع والتحري في الشكايات الواردة عليه من طرف السجناء أو عائلاتهم.
وأكد التامك أنه وانطلاقا من مهامها المحورية في الحفاظ على الأمن والانضباط وسلامة السجناء وتهيئ الظروف لجعل المؤسسات السجنية فضاء آمنا لإنجاح هذه البرامج، عملت المندوبية العامة على مواصلة تعزيز المؤسسات السجنية بالمعدات والتجهيزات الأمنية وتنزيل إجراءات الأمن الوقائي والتتبع اليومي للوضعية الأمنية بالمؤسسات السجنية والـتأكد من سلامة بناياتها مع اتخاذ التدابير الفورية اللازمة بشأن الاختلالات المسجلة حفاظا على سلامة نزلائها والعاملين بها. مضيفا أن هذه المقاربة الوقائية والاستباقية مكنت من تعزيز قدرة هذه المؤسسات على مواجهة الأزمات الطارئة كما هو الحال بالنسبة لكارثة الزلزال التي حلت ببلادنا خلال شهر شتنبر 2023، حيث تفاعلت المندوبية العامة بشكل فوري معه من خلال تعبئة مصالحها ومسؤوليها من أجل تفقد أحوال النزلاء مع تفعيل خلية أزمة مركزية عهد إليها القيام بزيارات تفقدية للمؤسسات السجنية، خاصة الواقعة بمنطقة الحوز أو بمحيطها، حيث تم الـتأكد من عدم تسجيل أية أضرار بشرية أو مادية بمجموع هذه المؤسسات. كما تم العمل على تمكين السجناء من الاتصال بذويهم للاطمئنان عليهم وتقديم الدعم والمواكبة النفسية اللازمة للنزلاء الذين فجعوا في بعض أقاربهم جراء هذا الحادث الأليم.