التسلح البحري للمغرب.. تنافس فرنسي ألماني شرس للفوز بصفقة غواصات

بشرى الردادي

تثير خطط المغرب لتعزيز أسطوله البحري، بضم غواصتين جديدتين، منافسة حامية بين عدد من أكبر شركات الدفاع العالمية.

ويتصدر المشهد كل من المجموعة البحرية الفرنسية "Naval Group" وشركة "TKMS" الألمانية؛ حيث تقدم كل منهما تكنولوجيا متطورة تلبي الاحتياجات الاستراتيجية للمملكة.

حلم قديم يتجدد

ولطالما كان تعزيز القدرة البحرية للمغرب هدفا استراتيجيا قيد الدراسة؛ حيث وصف موقع "El Confidencial Digital" الإسباني، في فبراير 2025، هذه الخطوة، بأنها "حلم قديم"، ازداد إلحاحه في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة.

العرض الفرنسي

وحسب تقارير دولية، تقدمت "Naval Group" بعرض يتمثل في الغواصة من طراز "Scorpène"، المعروفة بتصميمها المتقدم ومستواها العالي في التخفي والتكيف مع متطلبات العمليات.

ويتمتع هذا الطراز بقدرة على الغوص لمسافات طويلة، خاصة مع تزويده ببطاريات "ليثيوم-أيون"، التي تزيد من مدة التشغيل تحت الماء.

ويبلغ طول النموذج الأساسي "CM-2000" حوالي 217 قدما، بينما يمتد طراز "AM-2000" المجهز بنظام دفع مستقل عن الهواء (AIP) إلى 231 قدما، مع حمولة غاطسة بين 1600 و2000 طن.

ومن الناحية التسليحية، تحمل الغواصة 18 سلاحا، تشمل الطوربيدات والصواريخ المضادة للسفن، وتتمتع بمنظومة قتالية متطورة من فرنسا، إضافة إلى أنظمة سونار عالية الدقة من "Thales S-Cube".

Scorpène class | How can a submarine without an AIP be popular in the market?

 

العرض الألماني

من جهتها، تطرح "TKMS" خيارين أمام المغرب؛ الغواصة "The Dolphin AIP" المتطورة، والغواصة "290/1400mod" ذات التاريخ العريق.

وفيما يخص طول "The Dolphin AIP"، فهو يبلغ 223 قدما بحمولة غاطسة تصل إلى 2050 طنا، وهي مجهزة بنظام دفع مستقل عن الهواء؛ مما يمكنها من البقاء تحت الماء لأسابيع دون الحاجة إلى الصعود إلى السطح. كما أنها تتميز بتوقيع صوتي منخفض، وتضم ستة أنابيب طوربيد 533 مم، وأربعة أنابيب إضافية بقياس 650 مم لإطلاق الطوربيدات والصواريخ والألغام.

أما الغواصة "290/1400mod"، فتُعتبر خيارا اقتصاديا موثوقا؛ حيث يبلغ طولها 204 أقدام، وتعمل بمحرك ديزل-كهربائي دون نظام "AIP"، لكنها تمتاز بسجل حافل؛ إذ تم تسليم أكثر من 60 وحدة منها إلى 14 دولة، منذ السبعينيات.

(22) Germany's Type 212 Submarine: F-22 Of The Ocean - YouTube

منافسة دولية أوسع

ولم تقتصر المنافسة على فرنسا وألمانيا؛ إذ عرضت روسيا على المغرب الغواصة "Amur 1650"، منذ سنة 2013، دون أن تجد مشترٍ بعد.

كما قدمت اليونان والبرتغال غواصات مستعملة كخيار اقتصادي لبناء القدرات البحرية للمملكة.

الأبعاد الإقليمية والاستراتيجية

وتأتي هذه الخطوة وسط منافسة بحرية مع الجزائر، التي تمتلك أسطولا قويا يضم غواصات "Kilo" المسلحة بصواريخ "Klub-S" القادرة على ضرب أهداف برية من تحت الماء.

ومع منطقة اقتصادية حصرية تمتد على 81 ألف ميل بحري مربع، إلى جانب الحاجة إلى مراقبة مضيق جبل طارق، فإن امتلاك الغواصات سيوفر للمغرب عمقا استراتيجيا بحريا مهما.

الأثر الدولي والمستقبل

ويعتقد خبراء دوليون أن نتيجة هذه الصفقة ستحدد ملامح الشراكات المستقبلية للمغرب. فإذا فازت "Naval Group"، سيعزز ذلك النفوذ الفرنسي في المجال الدفاعي المغربي، خاصة مع إدارة الشركة المحتملة لحوض بناء السفن في الدار البيضاء. أما إذا وقع الاختيار على "TKMS"، فقد يشير ذلك إلى انفتاح المغرب أكثر على التعاون مع ألمانيا.

من جانبها، قالت كلير دوبون، المحللة الأوروبية لشؤون الدفاع: "الأمر لا يقتصر على غواصتين، بل هو بوابة لدخول سوق الدفاع المتنامي في شمال إفريقيا".

يشار إلى أنه حتى 3 مارس 2025، لم يصدر أي قرار نهائي من البحرية الملكية المغربية؛ حيث لا يزال العالم يترقب الخطوة القادمة للمغرب في سباق التسلح البحري.