نظمت وزارة العدل، يوم أمس الثلاثاء، بالرباط، ندوة دولية تحت عنوان: "الاعتراف بقيمة العمل المنزلي واحتسابها في حالات الطلاق-تجارب مقارنة".
وتندرج هذه الندوة ضمن الدينامية الإصلاحية الشاملة التي يشهدها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى تعزيز مبادئ العدالة والكرامة والإنصاف داخل الأسرة، مع إيلاء عناية خاصة لحماية حقوق النساء والأطفال، والارتقاء بالمساواة الاقتصادية بين الجنسين.
وتناولت المداخلات نماذج رائدة؛ مثل نظام التعويض المالي عن العمل المنزلي في القانون الإسباني (المادة 1438)، والمقاربة الفرنسية التي تعتمد مبدأ الإنصاف في منح المستحقات، وكذا النماذج السويسرية والبلجيكية التي تولي أهمية للمجهود المنزلي ضمن منطق تقاسم الأعباء والمكتسبات.
وفي هذا السياق، قالت ماريا إيلان مدينا، مدعية عامة ملحقة بوزارة العدل باسبانيا: "اجتمعنا، اليوم، في هذه الورشة الهامة، لدعم المغرب في هذا الظرف التشريعي الحاسم، وذلك في إطار المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس، والمتعلقة بإصلاح مدونة الأسرة لسنة 2024، لاسيما في ما يتعلق بموضوع محدد يتمثل في الاعتراف بقيمة العمل المنزلي وتثمينه، خصوصا في حالة انتهاء العلاقة الزوجية أو الطلاق".
وأوضحت مدينا أن هذا اللقاء يهدف إلى تبادل الممارسات الجيدة والسيئة التي ينبغي تكييفها وتطويرها على مستوى بعض الدول الأوروبية، في ضوء تجارب مجلس أوروبا، والميثاق الاجتماعي الأوروبي، وكذلك اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، من أجل تقاسم المعارف والخبرات والدفع في اتجاه دعم المغرب خلال مرحلة سن القوانين ذات الصلة.
وأضافت المدعية العامة، أن من بين الأهداف كذلك من الملتقى اقتراح معايير واضحة تكفل حماية الطرف الأضعف داخل العلاقة الزوجية في حالة الطلاق، والذي يكون غالبًا هو المرأة، والعمل على تقييم الجهد غير المرئي الذي قامت به داخل المنزل من رعاية الأطفال والاهتمام بالأسرة.
وأبرزت المتحدثة، أن الأزواج يقررون في شؤون حياتهم وتقاسم المسؤوليات بحيث هناك من يتولى العمل خارج المنزل وهناك من يتولى شؤون المنزل والأطفال، لكن الأساس هو أن يكون هناك توازن اقتصادي فيما يخص موارد كلا الطرفين.
ولفتت في معرض حديثها إلى أن "الطلاق قد يؤدي بالفعل إلى تحمل طرف المسؤولية أكثر من الآخر، وبالتالي يصعب على الزوجة مثلا بعد الطلاق أن تعيد بناء حياتها خاصة إذا أمضت سنوات في رعاية أسرتها. فعندما يكون طفل جديد مثلا تقبل الأمهات إما بتقليص ساعات العمل أو التوقف بالمرة عن العمل، وتسخير كل وقتها لرعاية الأسرة وأطفالها، وبالتالي لا ينبغي أن ننسى أن خيار المرأة هو أيضا عمل".
تأتي هذه الندوة لإغناء النقاش الوطني، وتعزيز التراكم المقارن، وتؤكد مرة أخرى انفتاح المغرب على التجارب الدولية، في إطار سيادته التشريعية والتزامه الراسخ بقيم المساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وترسيخاً لمبدأ الشراكة داخل الأسرة كفضاء مشترك يقوم على التوازن والتكافل.