قال رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، إن "الربط الجدلي بين الديمقراطية السياسية المؤسساتية والديمقراطية الاجتماعية، والتمفصل الإيجابي بينهما، هو ما يمنح النموذج الديمقراطي الحداثي والتنموي المغربي فرادته".
وأضاف، في افتتاح الدورة التاسعة لمنتدى العدالة الاجتماعية، اليوم الاثنين، بمجلس المستشارين، أن "ذلك يتجسد بالخصوص في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2005، والتي يرعى الملك مشاريعها في الميدان، بالإضافة إلى برامج التغطية الصحية، والحرص على مجانية التعليم العمومي، والتحفيز على جعله وسيلة للرقي الاجتماعي والإدماج، ومحاربة التهميش، وتنمية العالم القروي، وصولا إلى إقرار منظومة الحماية الاجتماعية بمختلف برامجها ومداخلها، والمؤطرة بمفهوم الدولة الاجتماعية".
وأوضح أن "المغرب نجح بشكل كبير في توفير الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية لتدبير الحماية الاجتماعية بمختلف أشكالها، وأكثر من ذلك، الأهم هو أن المملكة تتوفر على إرادة أكيدة لتطوير منظومتها الحمائية، وفي مقدمتها إرادة ورعاية الملك محمد السادس ورؤيته الاجتماعية للتنمية".
وأبرز أنه "يتبين من خلال النصوص التشريعية، مثل مشاريع ومقترحات القوانين التي صادق عليها البرلمان المغربي منذ 1970، والمتعلقة بالحماية الاجتماعية، والتي بلغ عددها 138 نصا، منها 28 قانونا خلال الولاية الحالية، بين تعديلات جوهرية على نصوص سارية ونصوص تأسيسية، أن الأهمية المركزية لمنظومة الحماية الاجتماعية في التشريع الوطني وفي السياسات العمومية واضحة، ومع ذلك، رغم النجاحات الهامة والملموسة التي حققتها هذه المنظومة، فإنها ما تزال تواجه العديد من التحديات والإشكالات".
وأشار إلى أن "تحدي التمويل ومصادره، وتواضع الموارد مقابل الطموحات والحاجيات، والارتفاع المتزايد لأعداد المحتاجين إلى الحماية الاجتماعية، يتطلب الإبداع والاجتهاد في طرق ومصادر التمويل، خاصة من خلال التضامن بين الأجيال والفئات، وجعل عائد مدخرات مساهمات ذوي الدخل في الصناديق الاجتماعية منتجا، وذا مردودية، وقادرا على تغطية نسب أكبر من اعتمادات الإنفاق على الحماية الاجتماعية".
وذكر أن "نسبة 55 في المائة فقط من كلفة تعميم الحماية الاجتماعية تأتي من مساهمات الأفراد، مما يبرز المجهود العمومي في تمويل الحصة المتبقية، هذا المجهود يبرهن على الابتكار في إيجاد الحلول، وفي هندسة إنفاق المداخيل العمومية، وهو ما يدل على أن بلادنا في الطريق الصحيح، ومع ذلك، يستدعي الأمر توسيع قاعدة المساهمات لضمان استدامة المنظومة وتقوية أسسها وتحسين مردوديتها".
ولفت الانتباه إلى "تحدي الاستدامة، خاصة بسبب التحولات في الهرم الديموغرافي، مما يتسبب في اختلالات بين حجم المساهمات وقاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالتقاعد أو التغطية الصحية أو الدعم المالي للفئات المستحقة، وأبرز أن هناك تحديا آخر يتعلق بالهندسة المؤسساتية للهيئات والصناديق التي تدير الحماية الاجتماعية، مما قد يؤثر على مردودية التضامن باعتباره قيمة حاكمة ومركزية في الحماية الاجتماعية، ويجعل أثرها دون الطموحات".
وشدد على أنه "يجب من جهة أخرى، في مقابل توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، توفير بنيات تكفل واستقبال وتجويد الخدمات، حتى يلمس المواطن أثر الحماية المكفولة له، وتستمر الاستثمارات العمومية الكبرى المنجزة أو الجاري تنفيذها، خاصة في مجال البنيات الاستشفائية الكبرى والمتوسطة والصغرى، في هذا الاتجاه، كما أن عزم بلادنا على ضمان أمنها وسيادتها الدوائية وتنويع عروض التكوين في مجال الصحة يتماشى مع أهداف التعميم والتجويد".