أكدت مجلة الجيش بالجزائر، في عددها لشهر شتنبر، أن "عهد الإملاءات وصناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة"، منددة بمحاولة "بعض الأذناب تعكير صفو مسار الحوار بالترويج لمراحل انتقالية للوقوع في فخ الفراغ الدستوري".
"نهاية عهد الإملاءات"
أكدت افتتاحية المجلة أنه في الوقت الذي زكى فيه الشعب الجزائري بكل مكوناته مسعى الجيش للخروج من الأزمة، ومقاربته المبنية على الحوار العقلاني بدون إقصاء في إطار الشرعية الدستورية، "تحاول بعض الأذناب تعكير صفو مسار الحوار بالترويج لمراحل انتقالية للوقوع في فخ الفراغ الدستوري ومحاولة تغليط وتضليل الرأي العام داخليا وخارجيا بأفكار مشبوهة ومسمومة مستغلة في ذلك آمال وطموحات ومطالب الشعب المشروعة ويبدو أن هؤلاء يجهلون أن عهد الإملاءات وصناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة".
وذكرت المجلة في هذا الشأن بتصريح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق قايد صالح، حيث أشار إلى أنه "لا تزال بعض الأصوات الناعقة المعروفة بنواياها الخبيثة والتي باعت ضمائرها لتخدم مصالح العصابة ومصالح أسيادها، تعمل بكل الوسائل المتاحة على عرقلة عمل الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، لاسيما من خلال محاولة فرض شروط تعجيزية وإملاءات مرفوضة جملة وتفصيلا، على غرار الترويج لفكرة التفاوض بدل الحوار والتعيين بدل الانتخاب".
وشددت الافتتاحية على أن اصرار القيادة العسكرية على "اصطفاف الجيش إلى جانب الشعب وإحداث التغيير المنشود وتشجيع الحوار العقلاني النزيه والإسراع قدما نحو انتخابات رئاسية شفافة هو مبدأ لن يحيد عنه الجيش الوطني الشعبي"، مضيفة أن المرحلة التي تمر بها البلاد "تتطلب ترجيح الشرعية الدستورية من خلال تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال يتمخض عنها انتخاب رئيس الجمهورية مراده خدمة البلاد العباد بكل اخلاص وصدق بعيدا عن كل المهاترات والمزايدات و محاولة فرض الشروط التعجيزية والإملاءات المسبقة والترويج لأفكار استعمارية بائدة لفضها التاريخ و رفضها الشعب".
كما نددت المجلة بـ"أفراد العصابة الذين لم يتجرعوا هزائمهم المتكررة وفشلهم الذريع بالمتاجرة والالتفاف على مطلب الشعب" الذي "كشف العصابة وأذنابها ولقنها درسا في الإخلاص والوطنية من خلال رفضه لمقترحاتها المشبوهة وأفكارها المسمومة". وتابعت "أن هؤلاء الأذناب ومن على شاكلتهم يتحاملون على المؤسسة العسكرية وبشككون في نواياها ومجهوداتها من خلال بعض الأقلام المأجورة والقنوات المشبوهة والأحزاب المرفوضة شعبيا التي لا هم لها سوى الانتقاد والعويل والعمل على تحقيق مصالح ذاتية على حساب المصلحة العليا للوطن، يشككون في الجيش الوطني الشعبي وفي الهيئة الوطنية للوساطة والحوار وفي الشعارات التي يرفعها الشعب في مختلف مسيراته السلمية وفي جهاز العدالة".
وبخصوص مكافحة الفساد، أكدت المجلة أن جهاز العدالة "يعمل ليل نهار على تطبيق القانون بحذافيره ضد المفسدين من خلال معالجة كافة الملفات دون استثناء"، مشيرة إلى أن العدالة وبعد استرجاعها لكافة صلاحياتها وحريتها ودورها الحقيقي ستواصل تطبيق القانون ضد الفاسدين والمتورطين ومكافحة الفساد بشتى أنواعه وفي كافة المجالات والمستويات".
وأبرزت أن الجيش سيواصل "مرافقة عمل العدالة وتوفير المناخ المناسب لمواصلة جهودها وأداء مهامها النبيلة بعيدا عن الضغوطات مهما كان مصدرها".
في الأخير، أكدت المجلة على ثبات مواقف الجيش الوطني الشعبي وتعهده وإصراره على مرافقة الشعب ومؤسسات الدولة ومسار الحوار لأنه "السبيل الأوحد والأمثل للحفاظ على أمن الجزائر واستقرارها وصيانة سيادتها وضمان بناء جزائر الغد...".
استقالة بدوي في الأفق
في سياق متصل، قال مصدران كبيران لرويترز، اليوم الثلاثاء، إن رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي سيستقيل قريبا لتسهيل إجراء انتخابات هذا العام.
ويرى الجيش في الانتخابات السبيل الوحيد لإنهاء أزمة الاحتجاجات التي بدأت قبل شهور.
ورحيل بدوي مطلب أساسي للمحتجين الذين أجبروا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في أبريل ويرفضون إجراء انتخابات جديدة لحين حدوث تغيير جذري في هيكل السلطة.
وقال قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الأسبوع الماضي، إن مفوضية الانتخابات ينبغي أن تدعو إلى الانتخابات بحلول 15 شتنبر الجاري في خطوة تعني بدء عد تنازلي لمدة 90 يوما حتى يوم التصويت.
وبدأت الاحتجاجات الحاشدة في فبراير واستمرت حتى بعد تنحي بوتفليقة حيث تطالب بمغادرة كافة الرموز المتصلة به وبتقليص دور الجيش في شؤون الدولة.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات في يوليوز لكنها تأجلت بسبب الأوضاع الراهنة مما جعل البلد المصدر للغاز والنفط في مواجهة أزمة دستورية.
وخلال الصيف، قدمت السلطات تنازلات باعتقال رموز بارزة لها صلة ببوتفليقة لاتهامهم بالفساد وكثفت الضغط في الوقت نفسه على المحتجين بالإجراءات الأمنية الصارمة.
واستمرت الاحتجاجات في أيام الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع لكن على نطاق أصغر مقارنة بما كانت عليه في الشهور الأولى من العام، عندما كان مئات الآلاف يشاركون على نحو منتظم في مسيرات بوسط الجزائر العاصمة.