صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب للباحث إحسان الحافظي بعنوان السياسات الأمنية في المغرب: في السلطة وأدوار النُّخَب السياسية.
ويتتبع الحافيظي في هذا المؤلف تشكّل العلاقة بين السلطة والمجتمع السياسي، ويقرأ هذه العلاقة ضمن نسق سياسي مفتوح قائم على تعدّدية حزبية، شكّلت خصوصية مغربية منذ وضع أول دستور للبلاد في عام 1962. كما يبحث في أثر التحوّلات السياسية المغربية في وظيفة الرقابة على البنى الأمنية، بالسعي إلى تفكيك أدوار البرلمان والنخبة السياسية في مجال صوغ سياسات عمومية ذات طبيعة أمنية، والنظر في دور السياق التاريخي والسياسي والمؤسّساتي وتأثيره في الأداء البرلماني.
وأوضح الحافيظي في تصريح لـ"تيلكيل عربي"أن الكتاب يبحث في بناء سياسات عمومية أمنية في التجربة المغربية ودور النخب السياسية في هذه السياسات تنظيما وتوجيها وتشريعا وتوثيق مختلف المداخل لتأطير قطاع الأمن، وذلك بعرض سياقات وتراكم السياسة الأمنية في المغرب، من جهة، وتتبع مختلف آليات الرقابة السياسية والادارية والقضائية على أعمال قطاع الأمن.
ويحاول الكتاب أن يتلمس بعض مقدمات بلورة سياسات أمنية عمومية في المغرب من خلال تحليل ودراسة المقاربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب باعتبارها سياسة عمومية للدولة تأخذ بعين الاعتبار الابعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في مواجهة التطرف الديني علاوة على إصلاح المجال الديني نفسه وتبني يقظة تشريعية دائمة ومستمرة ضمن سياسة عمومية مندمجة.
كما يتتبع كتاب "السياسات الأمنية في المغرب؛ في السلطة وأدوار النخب السياسية" مسارات تَشكُّل هذه السياسات ومحددات الرقابة على الشأن الأمني من خلال مُدخلات التشريع والمرجعيات وأدوار النخب السياسية وفاعليتها في مُخرجات السياسات الأمنية على ضوء فكرتي النسق السياسي والحزبي والسياق التاريخي لبناء المؤسسة الأمنية ووظائفها منذ التأسيس. كما يعرض المؤلف جهدا توثيقيا لمختلف النصوص التشريعية التي تنظم مجال الأمن منذ استقلال المغرب إلى يومنا والممكنات التي وفرتها مختلف دساتير المملكة وصولا الى دستور 2011 من أجل ترسيخ فكرة الرقابة على السياسات الأمنية
يتألف الكتاب (328 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من ستة فصول في قسمين.
سياسات عمومية أمنية
في القسم الأول، "السياسات العمومية الأمنية في المغرب: السياق والتراكم"، نجد ثلاثة فصول
في الفصل الأول، "صناعة القرار الأمني وتعدّد الفاعلين في النظام السياسي"، يتناول الحافظي مسألتين: الأولى هي السياسات العمومية الأمنية وانكفاء فكرة السيادة؛ وفي هذا السياق يبحث في التأسيس لفكرة السياسات الأمنية في التجربة المغربية، وإدارة الأزمات الأمنية من منطلق أنها محاولة في السياسة العمومية، واحتكار السلطة الحكومية تنفيذ السياسات الأمنية، وأثر وزارة الداخلية في تأطير قطاع الأمن. أمّا الثانية فهي تصوّرات السياسات العمومية الأمنية في الدستور؛ وفي هذا السياق يبحث في مأسسة مفهوم السياسات الأمنية في المغرب، وتقاطع السياستين الأمنية والجنائية في التجربة المغربية، والسياسات العمومية الجنائية في دستور 2011، وتقويم السياسات العمومية الأمنية من منطلق دستوري.
ويرصد المؤلف في الفصل الثاني، "أثر التراكم المعياري في تأصيل مراقبة السياسات الأمنية"، مسألتين: المسألة الأولى هي مرجعيات الرقابة على السياسات الأمنية، من خلال الرقابة الإدارية على السياسات الأمنية، وسلطة القضاء في مراقبة قطاع الأمن، ودور الرقابة البرلمانية في تأطير التشريع للسياسات الأمنية، والمجتمع المدني ووسائل الإعلام بوصفها وسائط جديدة للرقابة. أما المسألة الثانية فهي التأصيل المعياري والمؤسّساتي للرقابة على الأمن، من خلال البحث في التأسيس الحقوقي للرقابة على الشأن الأمني، وضوابط السياسات الأمنية وحدود أعمال السلطة، وبنية قطاع الأمن وحدود المسؤولية التقصيرية للدولة، والتراكم المؤسساتي للرقابة على السياسات الأمنية.
أما الفصل الثالث، "تمثّلات السياسات الأمنية وهيكلة القطاع وبنية النص"، فيتناول فيه الحافظي تحوّلات بنية قطاع الأمن في المغرب (الجهاز، والتشريع، والسياق) دارسًا بنية قطاع الأمن في المغرب، والتشريع الأمني من تشريع العنف إلى تطويع النصّ. كما يبحث في أثر السياق التاريخي في بناء القطاع الأمني في المغرب مسلطًا الضوء على التضخّم التشريعي في بنية قطاع الأمن، وعلى تشريع العنف الذي يضع النصّ في خدمة السلطة. ويختم الحافظي هذا الفصل بقراءة في تركيبة التشريع الأمني في ضوء غلبة التأطير الملكي، مستندًا إلى غلبة التشريع الظهيري على النصوص المؤسِّسة لبنية الأمن، وتأثير التشريع الملكي في تفعيل آليات المراقبة.
تمثلات ومراقبة السياسات الأمنية
في القسم الثاني، "المراقبة السياسية للسياسات الأمنية: الآليات والتشريع والنخبة"، ثلاثة فصول
في الفصل الرابع، "تمثّلات الفكرة الأمنية في الخطاب السياسي والترافع الحقوقي"، يسلط الحافظي الضوء على أُسس الخطاب بشأن بنية الأمن في المغرب، منطلقًا من تصوّرات السياسات الأمنية، وأُسس الخطاب لدى الفاعل السياسي، والترافع الحقوقي، وأثر السياق التاريخي في قراءة السياسات الأمنية. كما يتناول المؤلف تجربة العدالة الانتقالية في تدبير عنف الأجهزة الأمنية، دارسًا تجربة المجلس الاستشاري في التأسيس للعدالة الانتقالية، والتمرين الديمقراطي لهيئة التحكيم المستقلّة.
ويدرس الحافظي، في الفصل الخامس، "مراقبة السياسات الأمنية: السياق السياسي والدستوري"، محدّدات مراقبة السياسات العمومية في المغرب، مركّزًا على الرقابة على تنفيذ السياسات الأمنية في المغرب، وعلى مدخل الملاءمة والتأصيل التشريعي للمراقبة. كما يتناول مسألة البرلمان والرقابة السياسية في التجربة المغربية، دارسًا حدود الممارسة البرلمانية في مجال السياسات العمومية، والسياسات العمومية والبرلمان من حيث هي أدوار تحدّ منها بنية السلطة، وحدود أداء النخبة الحزبية في مجال الرقابة السياسية.
أما الفصل السادس، "أثر النخبة السياسية في مراقبة التشريع الأمني"، ففيه يعالج الحافظي مسائل أربعًا: الأولى حدود تأثير النخبة السياسية في الفعل الرقابي، باحثًا في النظام البرلماني في بنية دستور 2011، والرقابة البرلمانية من حيث النصّ وممكنات استعادة السلطة؛ والثانية تجلّيات الرقابة السياسية على القرار الأمني، باحثًا في مراقبة التشريع الأمني، وتمثّلات الرقابة السياسية على السياسات الأمنية؛ والثالثة حدود مراقبة الموازنة في تنفيذ السياسات الأمنية، دارسًا أثر سلطة الاحتكار الحكومي في التشريع المالي، وتمثّلات رقابة الموازنة على تكلفة الشأن الأمني؛ والرابعة إصلاح القطاع الأمني وتوصيفه بسياسة عمومية، من خلال البحث في تطوير العمل التشريعي والسياسات، وتجويد المراقبة البرلمانية على السياسات الأمنية، وتعزيز مسؤولية الأجهزة التنفيذية عن أعمال قطاع الأمن.