لم ترق الاستثمارات الإسبانية بالمغرب إلى مستوى المبادلات التجارية بين البلدين، حيث مازالت بعيدة عن فرنسا التي تستثمر في مشاريع كبيرة بالمملكة، وهو الأمر الذي يرده إسبان إلى نوع من "الأفضلية الفرنسية" و عدم "القوة المالية" لشركات بلدهم.
وقد تساءل محمد ساجد، وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، اليوم الثلاثاء، في افتتاح منتدى الاستثمار والأعمال المغربي والإسباني بالدار البيضاء، حول السبب وراء عدم إقبال المستثمرين الإسبان على المغرب، الذي يبعد عن بلدهم بأربعة عشرة كيلومترا، بينما ينجزون استثمارات في أمريكا اللاتينية وآسيا.
ولاحظ أن العديد من الشركات الإسبانية تعمل بالمغرب، وتساهم في تطوير اقتصاده، مسجلا أن استثماراتها تتراوح سنويا بين مليارين ومليارين ونصف المليار درهم.
وبسط مصطفى الباكوري، رئيس جهة الدار البيضاء-سطات، ورئيس الوكالة الوطنية للطاقات المستدامة، أمام المشاركين في المنتدى المشاريع التي تنجز في الجهة، حاثا إياهم على التوجه نحو جهات أخرى والاستثمارات في قطاعات مثل السياحة والطاقات المتجددة.
وأشار إلى أن الاستثمارات بين البلدين، تتميز بالتوفر على هيئة تحكيم مشتركة، يعود لها تسوية النزاعات التي يمكن أن تثور في عالم الأعمال.
وقد صرحت ماريا رييس موراتو، وزيرة الصناعة والتجارة والسياحة، في كلمتها الافتتاحية للمنتدى، بأن الهدف من المنتدى هو توسيع مجالات العلاقات الاقتصادية مع المغرب، مؤكدة في الوقت نفسه على دور ذلك في تحقيق هدف تدويل الشركات الإسبانية، خاصة المتوسط والصغيرة منها.
وأكدت على أن المغرب يتمتع بموقع جيواستراتيجي غير عادي بفضل ساحل الأطلسي والمتوسطي وقربه من القارة الأوروبية، مشيرة إلى أنه بفضل انفتاحه التجاري وتطويره لبنيات تحتية، أضحى المغرب منصة وبوابة لأوروبا نحو القارة الإفريقية وحلقة وصل في النقل الجوية والتدفقات التجارية.
وأكد سفير إسبانيا بالمغرب، ريكاردو دييز هوشتانير رودريغيز، أن المنتدى يشكل فرصة لتطوير العلاقات الثنائية، وجعل المغرب منصة من أجل تنمية القارة الإفريقية، داعيا إلى استثمار التكاملات بين اقتصادي البلدين.
وتعتبر إسبانيا أول شريك تجاري للمغرب، حيث وصل حجم المبادلات إلى 15 مليار يورو، غير أن مستوى الاستثمارات الإسبانية، لم يواكب ذلك التطور في المبادلات في الأعوام الأخيرة.
ويصل عدد الشركات الإسبانية المصدرة نحو المغرب إلى أكثر من 22 ألف شركة، بينما يبلغ عدد الشركات المستقرة به 600 شركة توفر 20 ألف فرصة عمل مباشرة.
وينصب اهتمام المشاركين في المنتدى على قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات، والبنيات التحتية الخاصة بالنقل، والتكنولوجيات الفلاحية، الصناعات الغذائية، والخدمات التربوية والقطاع السياحي.
وتلاحظ وكالة "إيفي" الإسبانية إلى أن مستوى الاستثمارات الإسبانية، الذي لا يرقى لمستوى المبادلات التجارية بين البلدين، يعزى، من جهة، إلى "الأفضلية الفرنسية"، التي ترى أنها برزت، دائما بالمغرب في المشاريع الكبرى مثل القطاع الفائق السرعة ومصانع تركيب السيارات لـ "رونو" و "بوجو"، ويرد من جهة أخرى، إلى عدم تعبير إسبانيا عن "قوة مالية" من أجل تمويل هذه المشاريع.
ولاحظت الوكالة أن هذه المشاريع، جذبت مهندسين وفنيين إسبان كمناولين، بينما تبقى ملكية المشاريع عائدة لبلدان أخرى.
ونقلت "إيفي" عن وزيرة الصناعة والتجارة والسياحة الإسبانية، رييس موراتو، عدم نفيها تدخل ذلك العاملين في كبح تطور الاستثمارات بالمغرب، غير أن الوزيرة أكدت على أن الدعم المؤسساتي يبقى الوسيلة الأفضل من أجل تجاوزهما، وهو ما يؤشر عليه الدعم السياسي الذي تحيط به الحكومة الإسبانية منتدى الأعمال المنعقد بالدار البيضاء.
وقد شددت الوزيرة على أن الحكومة الإسبانية أحدثت صندوقين من أجل دعم المقاولات الإسبانية الصغرى والمتوسطة في عملية تدويل نشاطها.
وتعلق "إيفي" بأنه في الوقت الذي وصلت العلاقات السياسية مع المغرب إلى مستويات استثنائية، خاصة مع زيارة العاهل فيليبي السادس ورئيس الحكومة بيدرو سانشير، أضحى ضرورة الارتقاء بالاستثمارات إلى نفس المستوى.
ويتصور نبيل دريوش، الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية، إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تطورت بشكل ملفت في الأعوام الأخيرة، خاصة على مستوى المبادلات التجارية، كما أن المغرب شكل متنفسا للشركات الإسبانية، خاصة إبان الأزمة الاقتصادية.
ويرى أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا، أضحت بعيدة عن التأثر بالظرفيات السياسية الصعبة في بعض الأحيان، معتبرا أن رجال الأعمال لهم منطقهم وسرعتهم الخاصين.
ويرى دريوش صاحب كتاب "الجوار الحذر"، أن للاقتصاد دور حاسم معالجة العديد من المشاكل التي تثور بين المغرب وإسبانيا، هذا ما إدركه وزير الخارجية الأسبق أنخيل موراتينوس، الذي كان يتحدث عن "شبكة المصالح" لتقوية العلاقات بين البلدين.