تم، صباح اليوم، بالرباط، الإطلاق الرسمي للإستراتيجية الوطنية "المغرب الرقمي 2030"، بحضور المستشار الملكي، أندري أزولاي، وعدد من الوزراء، على رأسهم وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور.
ويأتي إطلاق هذه الإستراتيجية انسجاما مع الرؤية الملكية؛ حيث دعا عاهل البلاد إلى الاستثمار الأمثل للفرص التنموية الهائلة التي يتيحها الانتقال الرقمي، وضرورة تسريع وتيرة الرقمنة وجني ثمار الطفرة الرقمية التي يشهدها العالم، وباعتبار الرقمنة رافعة حقيقية للتغيير والتنمية، ومحفزا للتحولات المهيكلة وذات الأثر القوي.
وفي كلمة تسجيلية، أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن هناك جهود كبيرة لمختلف الفاعلين الوطنيين، من أجل تطوير خارطة الطريق هاته، موضحا أن الإستراتيجية كانت، لعدة شهور، محط مشاورات موسعة؛ حيث عملت الحكومة على إشراك الفاعلين الرئيسيين في مجال الرقمنة، لتدارس مضامينها، سواء كانوا من الإدارات العمومية أو الاتحادات المهنية أو مؤسسات التكوين، أو من القطاع الخاص والمجتمع المدني.
كما أشار أخنوش إلى أنه تم عقد، على وجه الخصوص، اجتماعين للجنة الوطنية للتنمية الرقمية؛ وهو ما مكن من الوصول إلى صيغة مشتركة للتوجهات العامة لإستراتيجية "المغرب الرقمي 2030".
وأبرز أخنوش أنه تم التأكيد، في عدة مناسبات سابقة، على أن تجاوز الآثار التي خلفتها الأزمات المتتالية على سوق الشغل في بلادنا، يعد الشغل الشاغل داخل الحكومة، للمدة المتبقية من هذه الولاية الانتدابية. وإذ تتوفر الحكومة على رؤية متكاملة وإجراءات ملموسة، سيتم الإعلان عنها بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، فإن تفعيل إستراتيجية "المغرب الرقمي 2030" يعد من الروافع الأساسية لخارطة الطريق الحكومية قصد النهوض بالتشغيل.
وسجل رئيس الحكومة، أن الحكومة تهدف من خلال هذه الإستراتيجية، التي رصدت لها 11 مليار درهم، ما بين عامي 2024 و2026، إلى تكوين 100.000 شاب، سنويا، في المجال الرقمي (عوض 14,000، سنة 2022)، وتضع هدف تشغيل 240,000 في القطاع الوطني الرقمي.
وشدد أخنوش على أنه لبث دينامية جديدة للتشغيل من خلال الاقتصاد الرقمي، تعتمد الإستراتيجية الرقمية 2030 عددا من الروافع والآليات؛ منها الارتقاء بعرض الاستعانة بمصادر خارجية والتصدير الرقمي، وتعزيز منظومة المقاولات الناشئة، من خلال إطار قانوني يدعم نموها دوليا، وييسر وصولها إلى الصفقات العمومية، واعتماد آليات التمويل المناسبة لمواكبة حاملي المشاريع، طوال دورة حياة المقاولة الناشئة.
واعتبر رئيس الحكومة أن إنجاح هدف التشغيل في المجال الرقمي رهين بمدى قدرة بلادنا على تدريب المواهب والكفاءات بالقدر الكافي من الجودة كميا ونوعيا، مضيفا أن الحكومة بادرت إلى تعزيز أعداد خريجي الجامعات العمومية المغربية في التخصصات الرقمية، ابتداء من سنة 2023، في أفق مضاعفة عدد الخريجين المكونين في مجال الرقمنة في التعليم العالي، ثلاث مرات، بحلول سنة 2027. كما وقعت المملكة العديد من الاتفاقيات مع مجموعة من الشركات متعددة الجنسيات الرائدة في المجال الرقمي والبحث والتطوير والابتكار، من أجل تسريع التحول الرقمي وتعزيز الرأسمال البشري المحلي.
وتابع أخنوش أنه إذ كان التشغيل الهدف الرئيسي من وضع إستراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، فإن لها مساع أخرى، خاصة منها رقمنة الإدارة لتيسير مسارات المواطنين والمقاولات عند لجوئهم للخدمات العمومية، مع تعزيز الشفافية ومحاربة الرشوة بفعالية. وبذلك، تصبو الحكومة إلى رفع مكانة المغرب في مجال الإدارة الرقمية إلى المرتبة الأولى إفريقيا، والخمسين عالميا.
وأضاف أنه لتحقيق هذه الغايات، تسعى إستراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، أولا، إلى إعطاء الأولوية لرقمنة المسارات المرتبطة بالإصلاحات التي باشرتها الحكومة في القطاعات التي يعتبرها المواطنون ذات أولوية، خصوصا الصحة والحماية الاجتماعية، والاستثمار، والتعليم، والتشغيل، وثانيا، إلى تركيز مهام الوكالة المغربية للتنمية الرقمية من أجل تعزيز مواكبتها لرقمنة الإدارات، وثالثا، توحيد الإجراءات الإدارية عبر بوابة موحدة تدمج مختلف الخدمات الرقمية في جميع مراحلها.
وصرح أخنوش بأنه فضلا عن المحورين المتعلقين بدعم الاقتصاد والتشغيل في المجال الرقمي، من جهة، وتيسير الولوج للخدمات الإدارية، من جهة أخرى، تعتمد هذه الإستراتيجية على محفزين آخرين؛ يتمثل أولهما في تقديم خدمات حوسبة سحابية متنوعة تحترم السيادة الوطنية، وتستجيب للمعايير الدولية، وتلبي احتياجات القطاعين العام والخاص، فيما يتمثل ثانيهما في تجويد تغطية شبكة الأنترنت وتحسين جودة الاتصال للاستخدامات الأساسية، بهدف مواصلة توسيع هذه التغطية في المناطق القروية، وإطلاق الجيل الخامس (5G).
كما جدد التأكيد على عزم الحكومة متابعة تنفيذ مختلف التدابير المبرمجة كجزء من خارطة الطريق الخاصة بهذه الإستراتيجية، حتى تتمكن بلادنا من ولوج العصر الرقمي بخطى راسخة، وتحقق الاستفادة القصوى من إمكاناتها الهائلة بفضل الابتكار الرقمي.