الخراطي لـ"تيلكيل عربي": "الدوارة" غتولي بثمن الحولي وحان الوقت لتبين الحكومة حنة يديها

بشرى الردادي

في سوق تشهد فوضى عارمة، تحوّلت "الدوارة" من بقايا لحمية تُستهلك بعد الأضحية إلى سلعة فاخرة يتنافس عليها المستهلكون بأسعار تفوق المنطق. قبل أيام من عيد الأضحى، بلغت أسعار الأحشاء الحيوانية في المغرب مستويات غير مسبوقة تتراوح ما بين 700 و800 درهم، في مشهد يعكس خللا هيكليا في ضبط السوق، ويطرح علامات استفهام حول مدى قدرة الدولة على حماية القدرة الشرائية للمواطن.

وفي ظل هذا التصاعد الحاد للأسعار، لم يستبعد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن تلامس أسعار "الدوارة" سقف 900 درهم، خلال الأيام المقبلة.

وأوضح الخراطي أن "أسعار الدوارة تتضاعف عادة مقارنة بالمعدلات العادية، قبل كل عيد أضحى بعشرة إلى خمسة عشر يوما، بالنظر إلى ارتفاع عدد المواطنين العازفين عن الذبح؛ مما يخلق فجوة بين العرض والطلب، إلا أن الوضع هذه السنة ازداد سوءا مع غياب الذبيحة، بشكل ملحوظ؛ ما أدى إلى بلوغ مستويات سعرية لم يشهدها المغرب من قبل"، مؤكدا: "إذا استمرت هذه الوتيرة، قد يصبح ثمن الدوارة مساويا لسعر الأضحية نفسها".

من جهة أخرى، حذر المتحدث نفسه من التداعيات الخطيرة لما يحصل على القطيع الوطني؛ حيث استشهد بالمثل الشعبي: "اللي حرثو الجمل دكو"، مضيفا: "سنجد أنفسنا أمام وضع تصبح فيه كل ذبيحة موجهة فقط لاستخراج الدوارة. والأكثر خطورة من ذلك هو احتمال لجوء البعض إلى ذبح إناث المواشي بشكل سري، بهدف بيع الأحشاء؛ وهو ما يهدد حرفيا الأمن الغذائي الوطني".

وشدد الخراطي على "ضرورة تدخل وزارة الداخلية بشكل صارم، من خلال تعبئة أعوان السلطة، وتطبيق القانون على كل من يثبت تورطه في الذبح خارج المجازر المرخصة".

كما سلط الضوء على جانب آخر من الأزمة؛ حيث أشار إلى تزايد الطلب على الكبد بشكل خاص مع اقتراب عيد الأضحى، موضحا أن "جزءا منها يتم استيراده من بولندا وأمريكا الجنوبية، ويُباع بسعر 60 درهما للكيلوغرام، ويُوجه غالبا للمطاعم الجماعية؛ بما فيها الفنادق، والمستشفيات، ووحدات الجيش، إلا أن بعض الجزارين يستغلون هذه الفجوة لبيعها بأسعار تتراوح بين 150 و250 درهما، دون أن يتمكن المستهلك من التمييز بينها وبين الكبد المحلية".

وختم الخراطي تصريحه بالقول: "نعيش حالة من الفوضى في هذا القطاع، وقد حان الوقت لتدخل الحكومة بشكل واضح. خاصها تبين لينا حنة يديها، وتفعل المادة الرابعة من قانون حرية الأسعار والمنافسة، قصد تسقيف أسعار اللحوم والأحشاء لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة. الظروف الحالية استثنائية، وكل المؤشرات تبرر اتخاذ هذا القرار دون تأخير".

ويبدو أن استمرار غياب رؤية حكومية واضحة في تنظيم الأسواق الموسمية، يفتح الباب أمام ممارسات احتكارية تهدد ليس فقط القدرة الشرائية، بل أيضا التوازن الفلاحي والغذائي الوطني. ووسط هذه الفوضى، لا تزال الحكومة تتلكأ في اتخاذ ما يكفي من إجراءات لحماية المواطن. وبينما ترتفع الأسعار وتُسحق القدرة الشرائية، يُطرح سؤال مُقلق: هل تملك، حقا، الإرادة لضبط السوق، أم أنها تكتفي بدور المتفرج؟