اعتبر مصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، أن حزبه بحاجة إلى تجديد خطابه وقياداته، وإلا فلن يكون له مكان في سياسة البلد مستقبلا.
ودعا الخلفي، خلال الندوة التي عقدتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، حول "حصيلة الحزب وأسئلة المستقبل"، يوم أمس السبت: "المستقبل بيد الله، ولكن لنا موقعنا، بشرط تجديد الإطار التصوري والبرنامجي الذي نشتغل فيه".
وأضاف المتحدث نفسه: "تراجعنا لم يكن في إطار سياسة قمعية، كما وقع في مصر، أو تونس، أو في إطار سياق حرب أهلية، كما وقع في لبنان، بل وقع في سياق سياسي مؤسساتي".
وتابع الخلفي: "كان هناك سياق سلطوي صاعد على مستوى المنطقة، وسياسات دولية معادية لوجود الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في تدبير الشأن العام، لكن كان هناك حد أدنى ميز الدولة المغربية في ظل هذ السياقات؛ حيث دائما ما كانت تصل إلى توافقات معها".
وسجل الوزير السابق أن "تجربة حزبه لم تنته بعد"، موضحا: "فكما كانت هناك مرحلة ما قبل سنة 2011، والمرحلة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2021، فنحن نؤسس، حاليا، لمرحلة جديدة تحتاج، فعلا، إلى خطاب جديد وقيادات جديدة، تحت ظل وجود واقع جديد".
وقال الخلفي: "ليس لدينا إشكالية أن نعارض، حاليا، أمورا كنا ندافع عنها ونحن في الحكومة. الواقع اليوم مغاير؛ لأن التجربة السياسية التي نشأت بعد سنة 2021 اعتمدت سياسات لمحو السياسات التي كنا نقوم بها نحن، وهذا واقع سياسي جديد في طور التشكيل والتأسيس".
وعودة إلى بدايات الحزب في ترأس الحكومة، تساءل الخلفي: "السؤال ليس هو: لماذا صوت الناس لصالحنا، في سنة 2011؟ فبالنظر إلى السياق حينها، كان هناك إشكال، والحزب آنذاك طرح إصلاحا في ظل الاستقرار. لقد كانت هناك إشكاليات موضوعية. لكن السؤال هو: لماذا صوت الناس لصالحنا، في سنة 2016، بعد خمس سنوات من المشاركة في الحكومة، وبعد الإصلاحات والإجراءات الصعبة المرتبطة بالمقاصة، والتقاعد، والزيادة في ثمن الكهرباء، ومحاربة التغيب غير المشروع، واعتماد المباريات كمدخل للتوظيف، والانخراط في الصدامات والتوترات مع نقابات ومع أحزاب ومع هيئات، وتدبير تناقضات داخلية على مستوى المواقف الحكومية في إشكاليات متعددة؟".
وأبرز أن "بمعنى المشاركة وتقديم نتائج أولية، مكلفة نعم، ولكن ينتج آثارا على الموقف الشعبي، ممكن. وأقرّ بأن "البلوكاج" الحكومي كان له آثار؛ لأن الناس آمنوا بأن بإمكانهم أن يشاركوا، وتظهر مشاركتهم في صناديق الاقتراع، ما يعني ظهورها في بعض السياسات، ولا أقول كلها".
من جهة أخرى، قال الخلفي إن "المغاربة كانوا خائفين من "البيجيديين"؛ حيث اعتقدوا أنهم سيحولون البلاد إلى سجن كبير، بفرضهم الحجاب على النساء، وهدمهم للمنظومة السياحية والاستثمارية، ليتفاجؤوا بعد ذلك بارتفاع عدد السياح الوافدين على المغرب، وبتعديلات القانون الجنائي الذي جاء به وزير العدل، خاصة حينما طرح مشروع عدم تزويج المُغتصبة من طرف مغتصبها. بمعنى أن التصور النمطي الذي كان مشكلا ليس هو الواقع كما مورس فعليا".
كما سجل "حسم الحزب مع فكرة الطائفية، وهو ما ظهر في التعيينات"، موضحا: "فمن بين أزيد من 900 تعيين، لم يتجاوز عدد المعينين المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية 20 شخصا، وهو ما خلق لنا مشكلا كبيرا. فعدد من الناس كانوا كيقولوا ماذا يعني انتماؤنا إليكم، إلا كنا فالتعيينات بالمناصب العليا ماغاديش نكونوا؟".
وحول النقطة التي أثيرت عما إذا كان الحزب ليبيراليا جديدا، أوضح الخلفي: "حينما نراقب طريقة ممارستنا السياسية، سنلاحظ أن الحزب الذي اعتبر أن إحدى قضاياه هي تيسير حياة المقاولات هو العدالة والتنمية؛ أولا لأننا خففنا العبء الضريبي، بشكل كبير، على المقاولات المتوسطة والصغرى، كما شجعنا الاستثمار المنتج عوض الاستثمار في الأسهم في البورصة، وقمنا بتحسين ترتيب مناخ الأعمال، ولكن أهم شيء هو أداء الديون المتراكمة على المقاولة. وقتها، كان الاتحاد العام لمقاولات المغرب يبحث عن اعتراف من الدولة بالديون على الضريبة على القيمة المضافة، وفعلا، قمنا بتأديتها، وعقدنا معهم اتفاقا. وبناء على ذلك، يمكنني القول إن الفترة الذهبية للاتحاد كان في عهد حزب العدالة والتنمية، بناء على الاتفاقيات الموقعة، والتي كانت صعبة".
وأضاف: "لكن هذا التوجه لا يعني أننا حزب ليبيرالي جديد؛ لأنه فيه نفس الوقت، تم إرساء منظومة الدعم، وإعطاء الأولوية للفئات الهشة وصل إلى مستوى أعلى. لقد طرحنا تصورا كان، في البداية، مرفوضا، وتم ترسيخه كسياسة، بشكل تدريجي".
وختم الخلفي حديثه بالقول: "كنت ألتقي باحثين من الغرب يجدون صعوبة في تصنيف العدالة والتنمية، وفق الأصناف المتواجدة في بلدانهم، فكنت أقول لهم: المغرب مختلف في تصنيفاته. الحزب قدم أجوبة اقتصادية؛ الشيء الذي كان مفاجأة للكثيرين. مثلا، إصلاح التقاعد، ها هم عاجزون، إلى حدود الساعة، عن إيجاد حل له، رغم مرور أربع سنوات على ولاية الحكومة الحالية".