الزيادة في سعر "البوطا".. خبير: وجب استهداف الشركات الكبرى والأغنياء من خلال الضرائب

خديجة قدوري

أعلن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن استعداد الحكومة المغربية للزيادة في سعر غاز البوتان بمقدار 10 دراهم، في الفترة الممتدة بين ماي ويونيو المقبلين، وذلك خلال الندوة الصحفية التي عقدها عقب الاجتماع الفصلي لمجلس إدارة بنك المغرب المنعقد يوم الثلاثاء الماضي.

وفي هذا السياق، أفاد الخبير الاقتصادي، حسان وامان، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي"، اليوم الجمعة، أن "هذا القرار ستكون له تأثيرات كبيرة على المواطنين".

وأضاف وامان: "إذا كانت لدى الحكومة مشاكل في الميزانية، وتسعى إلى تعديل توازناتها الاقتصادية الكبرى، فيجب عليها أن تختار تدابير أخرى؛ من قبيل استهداف الطبقات الاجتماعية الثرية من خلال الضرائب، على وجه الخصوص".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الطبقة الاجتماعية تجد صعوبة، بالفعل، في الخروج من هذا الوضع، والسلطات العامة بزيادتها في الأسعار تصب الزيت على النار.

وفي رده على سؤالنا، بخصوص التدابير التي يمكن أن تتخذها الحكومة للتخفيف من هذا التأثير، شدد وامان على أهمية توجيه الضرائب للأغنياء والشركات الكبرى، مشيرا إلى أن الأسر تجد نفسها في وضعية شبه هشة.

وفي سياق متصل، كان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية، فوزي القجع، قد صرح بأن الحكومة تخصص سنويا 15 مليار درهم لدعم غاز البوتان عن طريق صندوق المقاصة، بينما تستفيد منه الفئات الفقيرة الأكثر هشاشة بنسبة 14 بالمائة فقط، في حين تستفيد الفئات الأكثر غنى بنسبة 27 بالمائة.

وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، الصالح هشام،  في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، إنها وسيلة للمساعدة على خفض مستويات الفقر في المغرب، أو على الأقل تثبيتها. ولكن اعتبارها الوسيلة الأكثر فعالية ليس صحيحاً. فلا يكفي دعم المنتجات أو إعطاء المال مباشرة للفقراء لانتشالهم من الفقر. فلو كان الأمر بهذه البساطة، لانخفضت مستويات الفقر منذ زمن بعيد، وليس فقط في المغرب بل في بلدان أخرى في مستوانا الاقتصادي تطبق أحد هذين النظامين أو كليهما في نفس الوقت.

وأوضح الخبير، أنه بالإضافة إلى هذين النظامين، يجب على الدولة أيضًا وضع سياسات محددة في قطاعين مهمين، وهما التعليم والتشغيل. إذا أردنا الخروج من الفقر، من الضروري أن تستثمر الدولة بكثافة في نظام تعليمي عالي الأداء، وأن تركز سياستها الاقتصادية على وضع شروط إدارية وتشريعية واقتصادية فعالة لتعزيز العمالة في بلدنا.

ولفت إلى أنه من الطبيعي أن تحاول الدولة تبرير سياستها الجديدة في تقديم المساعدات المباشرة للفقراء من جهة، ومن جهة أخرى تحاول التشكيك في سياسة الدعم.

وأضاف أنها ستقول إن الفقراء ليسوا وحدهم من يستفيدون من الدعم. خذ على سبيل المثال قارورة الغاز: إذا كان الفقراء يشترون قارورة واحدة فقط في الشهر، فإن الأغنياء يشترون 3 قارورات، فمن المستفيد أكثر؟ إنهم الأغنياء. وبالمناسبة، استخدموا نفس الحجة عندما ألغوا الدعم على البنزين والديزل.

وتابع قائلا: إذا عدنا إلى قارورة الغاز، عليك أن تدرك أنه إذا استخدم الخباز هذه القارورة لإنتاج الخبز مثلاً وارتفع سعر الغاز، فسيكون لذلك تأثير على سعر الخبز مثلاً! مما يعني ارتفاعاً في تكلفة المعيشة! وهناك أمثلة أخرى على ذلك. بالنسبة للدولة، فإن تخفيض الدعم أو إلغائه له مصلحة مالية أيضًا.

وأبرز الخبير ذاته أن الإعانات مكلفة بالنسبة لميزانية الدولة، أكثر بكثير من المساعدات المباشرة. علاوة على ذلك، فإن تقلب الأسعار العالمية يجعل من الصعب على الدولة التحكم في نفقاتها. وقد وصل الدعم على الغاز المعبأ في قوارير الغاز لعام 2024 إلى أكثر من 12 مليار درهم، دون أن ننسى المنتجات الأخرى التي لا تزال مدعومة في الوقت الحالي، مثل السكر والقمح اللين.

وفي ما يتعلق بالموضوع المتعلق بالطبقة الوسطى، أفاد الخبير، أنه في العلوم السياسية والعلوم والاقتصادية، وخاصة في الجزء المتعلق بالتنمية الاقتصادية، تؤثر الطبقة الوسطى على استقرار البلد وتنميته الاقتصادية.

وأضاف أنه لا يمكن لأي بلد حر وديمقراطي أن يبقى مستقرًا سياسيًا بدون طبقة وسطى. هذا أمر مؤكد! فالطبقة الوسطى لا تحب التطرف أو التغييرات الجذرية في المجتمع. من الناحية الاقتصادية، فإن الطبقة الوسطى هي الأكثر استهلاكًا داخل البلد وهي التي تدفع معظم الضرائب - ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الدخل على سبيل المثال - لذا فهي جيدة للاقتصاد لأن لها تأثيرا على الاستهلاك وعلى ميزانية الدولة من خلال الضرائب.

وتساءل الخبير قائلا، هل سياسة تخفيض الدعم على بعض المنتجات ودفع الأموال مباشرة للفقراء تجعل الأمور أكثر هشاشة، أو على الأقل أكثر صعوبة بالنسبة لهذه الفئة؟ من الواضح أن الإجابة هي نعم. لنأخذ مثالًا بسيطًا، فمع ارتفاع أسعار قوارير الغاز والمنتجات البترولية فقدت هذه الفئة من السكان بعضًا من قدرتها الشرائية بشكل واضح.

وأضاف أنه في كل مرة تشتري فيها أسرة من الطبقة المتوسطة قارورة غاز، تخسر 10 دراهم عن كل قارورة، وفي كل مرة تستقل فيها السيارة تخسر من 2 إلى 3 دراهم عن كل لتر، وهكذا بالنسبة إلى جميع المنتجات والخدمات التي لم تعد مدعومة.

واختتم حديثه قائلا: يجب أن تأخذ الحلول في الاعتبار أيضًا أهم بنود الإنفاق بالنسبة للطبقة المتوسطة، مثل التعليم والصحة. فإذا وفرت الدولة للسكان مدارس حكومية ذات جودة عالية، فإن ذلك سيقلل من إنفاقهم على التعليم، والأمر نفسه ينطبق على الصحة. هناك أيضًا مسألة العقارات، وعلينا إيجاد طرق لمنح هذه الفئة إمكانية الحصول على مساكن جيدة بأسعار مغرية للحد من تأثير الأقساط على الدخل المتاح. هذه بعض السبل التي يجب استكشافها.