منعت السلطات المحلية بمدينة الرباط مساء أمس الجمعة 12 مارس الجاري وقفة تضامنية مع المعطي منجب، كانت قد دعت لها اللجنة الوط٠نية للتضامن مع معتقلي الرأي.
وكان المعطي منجب فد أعلن عن دخوله في إضراب عن الطعام، ابتداء من يوم اللخميس 04 مارس 2021 على الساعة الرابعة زوالًا، بسجن العريجات الذي يقضي فيه عقوبته السجنية.
واعتبر منجب، في بلاغ له، إضرابه عن الطعام " نداء للاستغاثة بالرأي العام" بسبب ما وصفه ب" الظلم والاضطهاد الذي أتعرض له".
وذكر منجب ثلاثة أسباب لإضرابه ، هي ما وصفه ب "الاعتقال التعسفي يوم 29 دجنبر 2020"، الذي يقول بأنه تم" بالتزامن مع انعقاد جلسة محاكمتي"، واصفا إياها بال"سرية" .
ويستطرد منجب أنه لم يستدع " لها ولم يخبر بها دفاعه، وهي المحاكمة المتعلقة بقضية "المس بسلامة أمن الدولة" التي يقول إنها انطلقت سنة 2015 وظلت تتأجل بشكل أوتوماتيكي إلى أن ثمّ اعتقالي لتبتدئ فعلًا، وليحكم عليّ في الاخير غيابيًا بعد جلسة لم أستدع لها، ولم يخبر بها دفاعي. وكان الهدف من اعتقالي التعسفي هو الحكم عليّ غيابيا حتى لا أستطيع الدفاع عن نفسي".
وأشار منجب إلى أن السبب الثاني لإضرابه عن الطعام يتمثل في ما اعتبره " تدخلا بشكل لا قانوني" للمجلس الأعلى للقضاء في قضيته، وذلك بإعلان مساندته للحكم الصادر في حقه غيابيًا، ولتوجيه قضاة الحكم باعتبار أن قضيتي لازالت رائجة أمام القضاء.
وتمثل السبب الثالث في التشهير الذي يقول منجب إنه يتعرض له وأسرته.
وكان المجلس الأعلى للسلطة القضائية قد اتهم رافضي الحكم الصادرعن ابتدائية الرباط الذي قضى ضد المؤرخ المعطي منجب بسنة سجنا نافذا ب"تسييس قضية مرتبطة بالحق العام والمس بالاحترام الواجب للقضاء".
وقال المجلس، في بلاغ له اليوم الاثنين، إن ما تم تداوله من معطيات و تعليقات بخصوص هذه القضية "تعمدت وبسوء النية القفز على الحقيقة استنادا على قراءة انتقائية للوقائع الثابتة، من أجل الطعن في صحة الاجراءات و إيهام الرأي العام الوطني والدولي بعدم توافر ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم المعطي منجب وعدم تمكينه من حقه في الدفاع خلال آخر جلسة التي انعقدت بتاريخ 20 يناير 2021 ".
وأضاف البلاغ أن " المعطي منجب كان مواظبا على حضور جلسات هذه القضية التي انطلقت سنة 2015 والتي كان متابعا فيها في حالة سراح مؤقت من أجل جنحة المس بالأمن الداخلي والنصب، إلى أن قرر وبمحض إرادته عدم حضور الجلسات الخمس الأخيرة، حتى قبل اعتقاله، على ذمة القضية الأخرى المعروضة حاليا على قاضي التحقيق للاشتباه في ارتباك "جريمة غسل الأموال".
واستطرد المجلس الأعلى أن المعطي منجب أحضر إلى المحكمة يوم 20 يناير ليمثل أمام قاضي التحقيق، وبعدما غادر مكتب التحقيق على الساعة 11 و30 دقيقة لم يتم إرجاعه للسجن وبقي بالمحكمة حرصا من السلطات القضائية المختصة على تمكينه من ممارسة حقه في حضور الجلسة الخاصة بقضية سنة 2015 التي انطلقت على الساعة الثالثة والنصف، إذ رغم أنه معتقل في ملف غسل الأموال فهو يعتبر في حالة سراح بالنسبة لقضية 2015 التي صدر فيها الحكم".
وأضاف أنه تم إبقاء المعطي بالمحكمة في انتظار التعبير عن رغبته في حضور الجلسة، إلا أنه لم يطلب ذلك، لا هو و لا دفاعه رغم إعلامه بتاريخ الجلسة، بل ورغم حضور أحد محاميه للجلسة حيث كان يمثل موكلا آخر في قضية أخرى. وعند انتهاء الجلسة تم إرجاعه إلى السجن.
ويسنتج المجلس بعد هذا العرض أن تخلف المعطي عن الحضور بالجلسة "ناتج عن قرار شخصي إرادي للمعني به على عكس ما تم ترويجه من مغالطات تستهدف تزييفا متعمدا للحقيقة من أجل دعم أطروحات متهافتة مفتقدة لأي أساس واقعي".
وقال المجلس الأعلى للسلطة القضائية إن " قانون المسطرة الجنائية المغربي يعطي الحق لأي متهم يحاكم في حالة سراح، في عدم حضور الجلسات ولا تلزمه المحكمة بهذا الحضور ولا تعيد استدعائه وإنما تسجل في محضر قانوني غيابه رغم إعلامه بتاريخ الجلسة وتصدر في حقه حكما يوصف قانونا "بمثابة حضوري".
وأوضح أن ذلك "ما تم تطبيقه بشكل عادي من طرف المحكمة في قضية المتهم المعطي منجب التي تبقى كغيرها من القضايا الجنحية التي يفضل غالب المتابعين فيها في حالة سراح عدم مواصلة حضور الجلسات وتصدر الأحكام فيها رغم تخلفهم عن آخر جلسة."
كما أبرز المجلس أن المعطي منجب الذي أدين في هذه المرحلة الابتدائية من أجل المنسوب إليه متاح له قانونا، كغيره، الحق في ممارسة الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي الصادر في مواجهته ومناقشة كل حيثياته وإبداء ما يراه مناسبا من أوجه دفاعه وفق الشكل المتطلب قانونا.
وخلص المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى أنه "تبقى تبعا لذلك كل المزاعم التي يتم الترويج لها لإظهاره في صورة المحروم من حقه في الدفاع وفي المحاكمة العادلة لا أساس له واقعا وقانونا".
وكانت لجنة التضامن مع المؤرخ والناشط الحقوقي قد أدانت الحكم بسجنه سنة وصفته بأنه "انتقامي" بعد إدانته "بالمس بأمن الدولة والنصب" دون الاستماع إليه أو إلى مرافعات الدفاع، وجددت المطالبة بالإفراج عنه.
وصدر الحكم بينما يوجد المؤرخ، المعروف بآرائه النقدية، رهن الاعتقال الاحتياطي منذ مدة على ذمة قضية أخرى تتعلق "بغسل أموال".
وقالت اللجنة التي تضم نشطاء حقوقيين في بيان "لم يسبق أن استمعت المحكمة لمنجب أو لمرافعات الدفاع في القضية، ... ولم يجر بشأنها أي نقاش أو تقديم حجج الادعاء ومرافعات الدفاع".
وظلت جلسات هذه المحاكمة تؤجل لنحو 20 مرة دون أن تنعقد، ولوحق فيها المتهمون بـ"المس بأمن الدولة" على خلفية علاقة بمركز ابن رشد للبحوث، الذي أسسه منجب وكان يعنى بدعم صحافة التحقيق والحوار بين الإسلاميين والعلمانيين.
ووصفت اللجنة الحكم بكونه "سياسيا يهدف بالأساس إلى الانتقام من الدكتور المعطي منجب وتبرير استمرار اعتقاله التعسفي، بدعوى أنه محكوم على ذمة قضية أخرى".