الضريبية التصالحية.. خبير: 127 مليار رقم مهم ويجب تعزيز الثقة بين الدولة ودافعي الضرائب

بشرى الردادي

أطلقت الحكومة مبادرة التسوية الضريبية الطوعية لتشجيع الأفراد على التصريح بممتلكاتهم وأموالهم غير المعلنة سابقا، في مقابل أداء مساهمة إبرائية بنسبة 5 في المائة؛ ما يعني إتاحة الفرصة لتسوية وضعياتهم الجبائية وتجنب التبعات القانونية.

وحسب مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، فإن هذا الإجراء مكن من تصريح الملزمين بأكثر من 127 مليار درهم، مع ضخ العائدات الضريبية من هذه العملية ما يفوق 6 مليارات درهم في الخزينة العامة.

ويُعد الإعفاء الضريبي بنسبة 5 في المائة في إطار التسوية الطوعية حافزا لجذب الأفراد إلى النظام الضريبي الرسمي؛ ما يعني المساهمة في توسيع الوعاء الضريبي وزيادة الإيرادات العامة، على المدى الطويل.

وفي هذا الصدد، حاور "تيلكيل عربي" أمين سامي، الخبير في الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية.

1 - ما الاستراتيجيات التي يجب أن يتم التركيز عليها من أجل ضمان توجيه هذه الموارد نحو استثمارات منتجة؟

لضمان استخدام الموارد الناتجة عن التسوية الضريبية بفعالية، يمكن التركيز والعمل على الاستراتيجيات التالية:

أولا؛ العمل على تحفيز الاستثمار في القطاعات الحيوية، من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات للمستثمرين في قطاعات؛ مثل الصناعة، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، واقتصاد البيانات والتجارة الإلكترونية، واقتصاد البحر، والعديد من الاقتصادات الواعدة والمستقبلية، وتشجيع الاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية والمستقبلية المنتجة للثروة والمساهمة في خلق فرص الشغل، سواء المباشرة وغير المباشرة.

ثانيا؛ العمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال تشجيع التعاون في مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة، لزيادة الكفاءة وتحقيق التنمية المستدامة.

ثالثا؛ العمل على تطوير سوق رأس المال، من خلال تحسين البيئة التنظيمية لتشجيع الاستثمار والدفع قدما بمثياق الاستثمار في الأسواق المالية والعمل على توفير قنوات تمويل متنوعة.

رابعا؛ دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمقاولات الناشئة والمقاولات الاجتماعية، من خلال تسهيل الوصول إلى التمويل وتقديم الدعم الفني لتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني، من أجل العمل على تحويل التحديات الاجتماعية إلى فرص اقتصادية، مع المحافظة على الموارد الطبيعية. وبالتالي، المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأهداف النموذج التنموي المغربي 2035.

خامسا؛ العمل على المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية والتحكم في معدلات التضخم وسعر الفائدة الرئيسي؛ مما سيساهم في تطوير المقاولات وزيادة الإيرادات الضريبية، وسيحسن مناخ الأعمال.

2 - 127 مليار درهم، هل هي كثيرة أم قليلة على ما يمكن تحصيله؟ وكيف ستؤثر هذه السيولة البنكية على النمو الاقتصادي؟

تحقيق رقم 127 مليار درهم يُعتبر إنجازا كبيرا، ورقما مهما.

أما من ناحية التأثير؛ فالتدفق النقدي سيساهم في تعزيز السيولة البنكية. وبالتالي، سيمكّن البنوك من زيادة الإقراض وتوفير التمويل للمشاريع الاستثمارية، خاصة أن المغرب مقبل على مشاريع استثمارية كبرى؛ من بنية تحتية أساسية، وطرق ومطارات وموانئ، وخدمات وتجهيزات وبنية تحتية رقمية؛ من تطوير قطاع الاتصالات والخدمات الرقمية، والعديد من القطاعات الأخرى؛ منها السياحة، والطاقة، وصناعة السيارات، وصناعة الطائرات والقطارات،...

من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال دعم الاستثمارات المباشرة الأجنبية والوطنية، والمساهمة في تطوير وتعزيز مناخ الأعمال الترابي، وخلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تعزيز الثقة في النظام المالي، وتقليل حجم الاقتصاد غير المهيكل. كل هاته الأمور سيكون لها تأثير إيجابي على تطوير الاقتصاد الوطني، وجعله لاعبا أساسيا في محيطه الإقليمي والقاري.

3- هل تتوفر الدولة على موارد كافية حتى تكون لديها إدارة ضريبية موثوقة وشفافة؟

تمتلك الدولة المغربية الموارد اللازمة لتعزيز الإدارة الضريبية، خاصة مع التحول نحو الرقمنة وتبني التكنولوجيا في العمليات الضريبية. وبالتالي، فبناء إدارة ضريبية موثوقة وشفافة موجود وقائم، حاليا، ولكن في المقابل، يجب زيادة الاستثمارات، بشكل مستمر، في التدريب والتكنولوجيا، بالإضافة إلى تعزيز الثقة بين الدولة ودافعي الضرائب، من خلال سياسات شفافة وعادلة؛ ما يعني أن التسوية الضريبية الطوعية تشكل فرصة لتعزيز السيولة البنكية ودعم النمو الاقتصادي في المغرب. ولضمان تحقيق الفوائد المرجوة، يجب تبني استراتيجيات فعّالة لتوجيه هذه الموارد نحو استثمارات منتجة، مع تعزيز الشفافية والعدالة في النظام الضريبي، وتطوير البنية التحتية للإدارة الضريبية، لضمان استدامة هذه المكاسب، على المدى الطويل.