أوضح الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، محمد الطوزي، أن "الديمقراطية ليست محطة سنصل إليها ونقف عندها، بل هي ثقافة عيش ونضال، وتتعرض لمنحى دائري وليس خطي صاعد".
وأضاف الطوزي في حوار مفتوح أداره امحمد جبرون، عشية أمس الجمعة، ضمن فعاليات مهرجان ثويزا، بطنجة، أن "المواطنة داخل الديمقراطية ليست مواطنة سلبية، بل هي حرب يومية لأخذ الحقوق، وهذه من البديهيات".
وبين أن "الأزمة الحالية هي أزمة الديمقراطية التمثيلية في أغلب البلدان، وما يجري الآن في فرنسا دليل على ذلك، ويمكن تسميته بثورة على الديمقراطية التمثيلية من طرف رئيس الدولة".
وتابع: "هل نلخص الديمقراطية في الاقتراع والانتخابات ولا شيء آخر؟ علينا أن نعرف أن الديمقراطية مرتبطة بتصورنا عن المعرفة، وهي بناء جماعي للوصول إلى الحقيقة، وهذه الأخيرة تتحقق نتيجة للتداول الجماعي".
وأشار إلى أن "الإشكال هو تدبير التداول، وهناك نزوح كبير في جميع الدول، مثلا نحو أوليغارشيات تتكون من مصالح معينة".
وشدد على أن "عدم الديمقراطية في التمثيلية كرسته وأعطته بعدا دراماتيكيا التطورات التقنية الحديثة، أما الديمقراطية التمثيلية التي مدتها أربع سنوات أو ست سنوات، فهي تعتمد على الثقة، ولكن رد الفعل اليومي للمغلوب عليه بالعاطفة جعل النخب التي تتحكم تواجه ردة الفعل أولا دون أن تأخذ وقتا في التداول، ولا يمكنها أن تدبر الزمن الطويل".
وأبرز أن "النظام المختلط الذي جاء به أرسطو موجود في العالم ككل، فإلى جانب الشرعية الانتخابية هناك شرعية الخبرة، أو ما يسمى بمؤسسات الحكامة. ولا أتحدث عن التكنوقراط، بل عن آليات الحكامة التي تتسم بالاستقلالية والخبرة، ولكنها غير منتخبة، إذن هناك تعايش بين هاتين الشرعيتين".
وأكد أن "الديمقراطية ليست فقط آليات الانتخاب، بل هي أيضا الحريات العامة، وأهمها حرية التعبير، حرية التنظيم، حرية التجمع، وحرية التفكير. أما الآلية الثانية فهي آليات التداول، التي تشمل البرلمان والمجتمع المدني، فعندما يتخذ قرار ما، وعندما يراد إنجاز طريق، يجب سؤال الناس".
وأبرز أهمية الحريات العامة بـ"أنها تمنح المواطن القدرة على مواجهة خطر تمركز السلطة والتدبير غير المعقول، والفيصل أن يعمل المسؤول للمصلحة العامة وليس لمصلحته الشخصية".
وأشار إلى قناعته بأن "الديمقراطية المباشرة أو التمثيلية تبقى أحسن الأنظمة التي تناسب الإنسان".
وأضاف: "الآن، بعد الزلزال، الدولة تظن أنها تعرف ما يريده الناس في الحوز، تعتقد أن سكان الحوز يسكنون في الجبل، فتفكر بمنطق المدينة وتبني لهم ثلاث غرف وصالون وحمام، وهذا ما نراه، لكن إذا فكرت بأنهم يعيشون في الجبل، فيجب أن تفكر في "الكوري" ومكان السلعة..".
وشدّد على أن "الحقيقة لا يمتلكها التقني أو الدولة، بل تنبع من التداول ومعلومات عن عيش الناس".
وأوضح أن "الديمقراطية تهتم بقضية المساواة، ومن أزمة الديمقراطية على مستوى العالم هي المساواة المجالية. نرى تمركز الثورة، وليس معقولا أن نتحدث عن الديمقراطية في الغرب، وعشرة أشخاص يمتلكون 80 في المائة من ثروة العالم".
وختم قائلا: "لتحقيق الديمقراطية على المستوى العالمي، يجب معالجة قضايا عدم المساواة، وأكبر الديمقراطيات تشهد تمركزا للثروة".