النظام السياسي للمغرب نظام تعددي حزبي، تمارس في بوثقته السياسية أحزاب يفوق عددها الثلاثين حزبا، عدد يحيل على وجود أكثر من ثلاثين برنامجا سياسيا بخلفيات يتقاطع فيها الليبرالي بالاشتراكي بالمحافظ لكي لا أقول إسلامي، خريطة سياسية غنية بهياكل حزبية متوافق بشأنها في أغلب الأحيان، تؤشر على تعاظم معضلة الولاءات المصاحبة الضيقة التي تساهم بطريقة سلبية على انتاجية العجلة الحزبية ما مرجعه إلى استمرار تدبير هذه الأحزاب من قبل وجوه مستهلكة وعائلية من جهة وبناء أجهزة تقريرية على المقاس لخدمة الحاضر والمستقبل الشخصي والمصلحي ليس إلا.
أسئلة كثيرة تطرح في هذا المضمار، أليس من المنصف في حق هذا الوطن التواق منذ الحركة الوطنية والاستقلال والعهد الجديد والمستقبلي أن يكف الساسة عن تعميق تلكم الهوة التي لا زالت تتعاظم بينها وبين الناخب أي المواطن؟ ألم يحن الوقت ﻷن يتم الاعتراف بالأخطاء الحزبية والترفع عن خدمة المصلحة الشخصية على حساب انتظارات الناخب؟ أليست هناك كفاءات داخل أحزابنا السياسية لتزأر بصوت الضمير والحق من داخل هذه الأحزاب وخاصة أننا أمام منظومة قانونية تشجع الكفاءات من داخل المؤسسات الحزبية .
الجواب على كل هذه التساؤلات يكمن في نقطة مفصلية عنوانها من يقوم بماذا داخل أحزابنا السياسية، ذلك أن تجميع السلطة الحزبية بيد من يملك المال أو مول الشكارة أو حتى من يقومون بخدمتهم داخل الأحزاب السياسية لم ولن يجدي في شيء، هذا التقييم ليس تمام لا على أحد وإنما هي صرخة ضمير مواطن من أجل الإفصاح عن المسكوت الحزبي الذي لا يعجب أحدا ، وخاصة أمام هذا الجسم الحزب السياسي الذي أصابه الوهن ويعيش على وقع السكتة القلبية، نعم إن المنقذ الذاتي للزعيم علال الفاسي لخير نبراس نستشهد به في هذا الباب، نقذ يجب أن يبدأ من زعيم الحزب إلى القواعد التي هي مسؤولة كذلك عن هذا الانحدار الحزبي المقرون بالخوف على ضياع اللقمة أو الأعطية الحزبية، إنها أزمة حقيقية تعيشها المنظومة الحزبية المغربية التي لم تعد فعالة إزاء ما يعرفه المغرب من تحولات عميقة إن على المستوى الداخلي، الإقليمي، القارئ والدولي.
كما أنه وفي نفس المضمار وتفاعلا مع التجارب الدولية المقارنة، فإن كل التنظيمات الحزبية الدولية تعيش دائما على وقع التغيير الدائم والبناء القائم على توزيع الاختصاصات والتسلط الحزبية على أساس ديمقراطي يتم من خلاله الكشف عن مسؤولية كل متدخل ما يمكن دائما من خلف جو من التنافس بداخلها ويؤدي بذلك إلى خلق عروض حزبية قادرة على استمالة الناخب ومن ثمة تنزيل سياسات عمومية تزاوج بين الأصالة والحداثة.
إن المشهد الحزبي المغربي لا يجب أن يحتكر من قبل الأعيان ذوي الميولات الإقصائية وأصحاب المصالح الضيقة ، بل يجب أن تمثل فيه جميع الأطياف المجتمعية والتي لا تكرس قط لتوجه البروليتاريا والبورجوازية بداخلها ، وإنما تؤسس لقاعدة نضالية رسائلها الأساسية الإصلاح ، التدبير الناجع والفعال وذلك من خلال بناء كوادر حزبية تزاوج بين التكوين والممارسة الكفيلين بتمكينها من خوض غمار التجربة السياسية من أوسع أبوابها.
قد يعتقد البعض على أن الكاتب يتحدث عن التوجه الميكيافيلي أو عن المدينة الفاضلة الحزبية السياسية بالمغرب، بل على العكس من ذلك فالكاتب يتحدث عن توجه الوطنية الحقة المقرونة بنقذ الذات ثم التشبع بالروح الوطنية العالية والاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن، إنها المحددات الأساسية لإنقاذ الذات الحزبية من حالة التقهقر التي تعيشها ومن ثمة التمكن من تنزيل توليفة من يقوم بماذا داخل أحزابنا السياسية خدمة للوطن والمواطن