مازال الجدل متواصلا بـ"تويتر" منذ ليلة أمس (الخميس)، حول التغريدتين المتناقضتين لسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، حول جريمة إطلاق الرصاص بمراكش. وفي الحقيقة، ليست هذه المرة الأولى، التي "يسيء" فيها العثماني، استعمال تطبيق الطائر الأزرق، فقد كانت له سوابق اهتم بها حتى الإعلام الدولي، ما ولد أسئلة بينها: هل يسيء العثماني استخدام "تويتر"؟ ماذا وقع أمس وماهي سوابقه من الزلات؟ وهل هناك شخص آخر يغرد باسم العثماني في حسابه وبإذنه؟
ليلة الخميس 2 نونبر الجاري، بينما كان المغرب منشغلا جدا بحادث إطلاق الرصاص في مقهى بقلب المنطقة السياحية لعاصمة المغرب السياحية، سيبادر العثماني في الساعة الحادية عشرة ليلا، إلى التغريد على "تويتر" معلنا القبض على مرتكبي الفعل، الذي يعد "جريمة قتل".
خطوة العثماني كانت على طريقة الرؤساء ووزراء الداخلية في البلدان المتقدمة، إذ يسارعون إلى "تويتر" لطمأنة الناس وإعلان قرارات آنية، لكن الأمور لن تكتمل، إذ بعد 34 دقيقة، وهي مدة كافية لنقل مضمون التدوينة ونشرها على أوسع نطاق، عاد رئيس الحكومة، ليكذب تغريدته الأولى، معلنا أن البحث مازال جاريا عن المشتبه فيهم.
في فيسبوك... الأمر أفدح
هل كان رئيس الحكومة ضحية معلومة خاطئة استدعت تدخل وزارة الداخلية لوضعه في صورة حقيقة الوضع؟ أم وقع خلل في قنوات تلقيه للمعلومات؟ المعني الأول، ظل صباح اليوم (الجمعة) مشغولا باجتماعات وباستقبال شخصية أجنبية.
أما زكرياء سحنون، مستشاره في التواصل، فقال في اتصال أجراه "تيلكيل – عربي"، إته "لم يكن هناك أي خلل، أو خطأ، أعطى معلومة أولية، ولما انضافت عنده معلومات أكثر أضافها في تغريدة ثانية".
ولكن من أين جاءت المعلومات الأولية؟ هل في إطار قناة رسمية؟ جواب عضو ديوان رئيس الحكومة، فيه: "لا أعرف، وإذا كان هناك شيء ما فليس في علمي، والرئيس مشغول حاليا باجتماعات، والأمر في نظري، يظل قضية بسيطة، والإعلام صار يبحث عن "البوز" لذلك لقيت كل هذا الاهتمام".
ذلك رأي سحنون، ولكن في "فيسبوك"، كانت خطوة العثماني أكثر فداحة، فعلى صفحته الرسمية، نشر تدوينة على الساعة الحادية عشرة مساء، أعاد نشر ما أورده على "تويتر"، من إلقاء القبض على مرتكبي الجريمة، لكن بعد مرور 15 دقيقة، عاد وقام بتعديل التدوينة، مضيفا إليها فعل "يبدو أن عناصر الأمن".
وينكشف التعديل المذكور، بفضل زر الاطلاع على التعديلات التي خضعت لها التدوينات، والمتاح من قبل "فيسبوك"، وبعدما أضاف العثماني تدوينة ثانية، يقول فيها هذه المرة إنه "بعد اتصال مباشر مع المسؤولين" تبين أن البحث مازال جاريا عن منفذي جريمة مراكش، مازال كثيرون، طيلة اليوم (الجمعة)، يعاتبونه على زلاته.
وفي هذا الصدد، تساءل عمر الشرقاوي، وهو محلل سياسي يتابعه آلاف الأشخاص في "فيسبوك"، في تدوينة" عنونها بـ'"أسئلة حول: يبدو"، هل كان ضروريا على رئيس الحكومة أن يدون، ليلة أمس (الخميس)، وهل كان هناك طلب مكثف يستدعي تدخله بشأن جريمة مراكش، ليخلص إلى وجود "شهوة مفرطة للتدوين لدى رئيس الحكومة في المواقف وليس في إنتاج السياسات".
قبل مراكش.. "أنا ديودوني" و"سيليا"
في أبريل الماضي، ذهبت وسائل إعلام دولية، حد التشكيك في حقيقة اعتدال سعد العثماني، والسبب تغريداته، إذ تحت عنوان "المغرب: عندما يغرد الوزير الأول عن ديودوني وليس شارلي"، عادت "لوموند" الفرنسية، إلى أرشيف حساب رئيس الحكومة المعين، لتسائل مواقفه، وتتساءل عن "من يضغط حقيقة على زر النشر في حساباته بشبكة التواصل الاجتماعي؟".
ويعود سبب التشكيك أساسا، إلى تغريدة للعثماني، في 15 يناير 2015، قال فيها "مواقع التواصل الاجتماعي تشتعل تضامنا مع الفنان الفرنسي الساخر ديودوني، أين المدافعين عن حرية التعبير؟"، أي أسبوعا فقط، تقول "لوموند" على وقوع الهجوم الإرهابي على مقر مجلة "شارلي إيبدو".
وتضامن العثماني، خلال ذلك اليوم، مع الفنان الساخر، لأنه وضع رهن تدابير الحراسة النظرية، بعد نشره في صفحته على "فيسبوك"، تدوينة أثارت جدلا كبيرا، وبدت إشادة بالإرهاب، إذ في ما انشغل العالم بهاشتاغ التضامن "جوسوي شارلي"، كتب الفنان الساخر "جوسوي شارلي كوليبالي"، في إشارة إلى أحمد كوليبالي، الذي نفذ عملية إرهابية خلال الأسبوع نفسه أودى بحياة أبرياء.
وفيما استغرب كثيرون حينها تغريدة العثماني المتضامنة مع فنان يحقق معه من أجل الإشادة بالإرهاب، سيما وصفه ذلك بـ"حرية تعبير"، ذهبت "لوموند" أبعد من ذلك، واستخرجت من حسابه تغريدة أخرى، يعلن فيه وفاة المفكر الإسلامي محمد قطب، شقيق "الشهيد" سيد قطب، فاعتبرت الصحيفة أن اختياره كلمة "الشهيد" في وصف سيد قطب، الذي يعد أبا للفكر الجهادي، حرص عليه العثماني لتجديد الوفاء لفكر الحركة الإسلامية.
ومن أحدث هفوات العثماني في "تويتر"، التي يؤدي سوء اختياره للكلمات واللغة إلى عكس مفعولها، ما حدث في شتنبر الماضي، حول منح جواز السفر لسيليا الزياني، ناشطة حراك الريف التي نالت عفوا ملكيا بعد اعتقالها، إذ طرحت قضية منعها من جواز السفر على العثماني، فأجاب أنه لا وجود لمنع، مرجعا التأخر إلى "مصادفة طلبها شهر غشت".
وسرعان ما تلت تبرير العثماني، موجة استنكار تعلقت بأي منطق يتم تعطيل مصالح منح جواز السفر خلال الصيف، ما اضطر العثماني، إلى التوضيح من جديد، في تغريدة بأن "مصالح الجوازات ليست متوقفة في غشت؛ لكن عملها يتباطأ فعلا بسبب العطل".
كيف يعمل حساب الرئيس؟
إذا كان العثماني، أول رئيس حكومة مغربي يستعمل "تويتر"، ويتوفر فيه على أكثر من 33 ألف متابع، فالسؤال المطروح، هو من يضغط على زر النشر؟ ومشروعية السؤال تأتي من أن العثماني واضح في الإشارة في تقديم حسابه على "تويتر"، بقوله "حسابي يديره فريق وتغريداتي فيه أوقعها بـ: س.ع". وبالعودة إلى التدوينات المتعلقة بجريمة مراكش، فلا وجود فيها لذلك التوقيع "س.ع". فمن يكون صاحب تغريدات أمس (الخميس)؟
أبرز شخص معروف بأنه يدير حسابات رئيس الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، بما في ذلك الحرص على البث المباشر لمداخلاته في بعض الأنشطة، كما كان الحال في مؤتمر السنة النبوية بالدار البيضاء، السبت الماضي، يدعى "يحيى شوطة"، وهو شاب في مقام "فريد تيتي" لدى عبد الإله بنكيران، ويحمل دكتوراه في "السوسيو- لسانيات"، وعمره 28 سنة.
"تيلكيل – عربي"، نقلت السؤال إلى يحيى شوطة، فأوضح أن المقاربة ذاتها مازالت معتمدة، "التغريدات الموقعة بحرفي السين والعاء (س.ع) أعني أن سعد الدين العثماني هو من وضعها على حسابه الشخصي، والتي لا تحمل ذلك التوقيع، يقف وراءها فريق".
وبالنسبة إلى المتحدث ذاته، "الحساب الذي نشرت فيه التغريدات حول جريمة مراكش، شخصي وخاص، وليس حساب سعد الدين العثماني بصفته رئيسا للحكومة"، مضيفا "والحساب الشخصي يسيره فريق، والتغريدات الموقعة بـ(س.ع) فهو من نشرها، والتي لا يوجد فيها التوقيع نشرها الفريق".
ويرفض يحيى شوطة، الكشف عن من نشر التغريدات حول جريمة مراكش، بقوله: "في الحقيقة ليس لدي ما أقوله رسميا بشأن ذلك، وثانيا داكشي ماشي شي حاجة، وأنا لا أعرف لماذا أعطي له كل هذا الاهتمام، ليس لدي تفسير، والمهم هو أن التغريدات جاءت في الحساب الشخصي، وليس الرسمي الخاص بمؤسسة رئيس الحكومة". انتهى الكلام!