أبرزت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، اليوم الاثنين، بالرباط، أن استقلالية الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة ليست مجرد ميزة مؤسسية، بل هي ضرورة حتمية لاضطلاع هذه الأجهزة بمهامها، وإحداث الأثر لأشغالها على أرض الواقع.
وأضافت العدوي، في كلمة افتتاحية لندوة دولية حول: "استقلالية الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة"، أن هذه الاستقلالية تعتبر أحد المقومات التي لا غنى عنها لتحقيق المقاصد من إنشاء هذه الأجهزة، وضمانة لفعالية حماية قيم ومبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية والحكامة الجيدة، مؤكدة أن مواجهة التحديات الحاضرة، وتحقيق الطموحات المتمثلة في "أجهزة رقابية قوية ومستقلة ومهنية"، يتطلب تجاوز التشخيص الوصفي، والوقوف عند الأسباب العميقة الكامنة وراء تأخر تحقق شروط استقلالية الأجهزة، كما تم تكريسها في إعلاني ليما ومكسيكو، وباقي الوثائق ذات الصلة في الممارسة الرقابية اليومية للأجهزة العليا للرقابة.
كما يقتضي ذلك، بحسب العدوي، العمل على المعالجة الجذرية لتلك الأسباب وظروفها، مع مراعاة السياقات الوطنية والجهوية، والخصوصيات المتصلة بمختلف نماذج الرقابة العليا على المالية العامة.
وركزت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أيضا، على ضرورة تبني مقاربات جديدة استباقية وأكثر فاعلية في التعامل مع مسألة الاستقلالية واتخاذ المبادرات الضرورية، في الوقت المناسب، موضحة أن مسار تعزيز هذه الاستقلالية يظل رهينا بتبني مقاربات متكاملة وفعالة؛ من بينها، على الخصوص، الانخراط الفاعل للأجهزة العليا للرقابة في بناء فهم مشترك لمفهوم الاستقلالية، يضمن تمثلا موحدا له لدى جميع أصحاب المصلحة، ويدعم وجاهة مؤشرات ومصفوفات تقييم الاستقلالية.
وأبرزت العدوي أن المجلس الأعلى للحسابات يحرص على تعزيز مكتسبات الرقابة العليا على المالية العمومية في مجال الاستقلالية التي مرت بمحطات أساسية.
كما قدمت نبذة عن التدرج الذي عرفه النموذج المغربي، والذي انتقل من لجنة إدارية يرأسها قاض، مرورا بتبني النموذج القضائي للرقابة المالية، منذ سنة 1979، وصولا إلى التنصيص الصريح لدستور سنة 2011 على استقلالية المجلس الأعلى للحسابات، والتنزيل القانوني لذلك، الذي يقدم ضمانات للقضاة الماليين، من خلال تعيينهم من طرف الملك، مع عدم القابلية للعزل والتحصين المهني والمالي والحماية عند ممارسة مهامهم.
وعلى هامش هذه الندوة، سيتم يومي 5 و6 يونيو، تنظيم ورشة عمل "الوساطة" لرفع مستوى الدعم للأجهزة العليا للرقابة الخاصة بإقليم الأرابوساي، وذلك من أجل تعزيز الشراكات الإستراتيجية بين الشركاء والأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.