''الإبداع الغنائي الذي يشمل الكلمة الهادفة واللحن الجميل، غير موجود، حاليا، في المغرب بنسبة 90 في المائة''، هكذا وصف الملحن المغربي مولاي أحمد العلوي واقع الأغنية المغربية الحالية، معتبرا أن 10 في المائة، فقط، في الساحة الغنائية المغربية هم من يحترمون العنصرين المذكورين.
ملحن أغنية ''يَا دَاكْ الإنسان'' للفنان عبد الهادي بلخياط أضاف، في حديث مع ''تيل كيل عربي''، أن كلمات الأغاني المغربية الحالية أصبحت بدون معنى، مبرزا أن بعضها سوقية، وغير لائقة للغناء. وفيما يخص ألحان الأغاني المغربية الحالية، فالعلوي يعتبر أنها متشابهة على مستوى الأسلوب اللحني، إذ قال بشأنها ''شِي كَيْقَلّْدْ شِي، وهناك استثناءات، طبعا، لشباب اجتهدوا، ولكنني لن أذكر أسماءهم''.
ملحن أغنية ''أمري لله'' للفنانة نعيمة سميح أفاد بأنه يلوم المغنيين الشباب المغاربة الحاليين، لأنهم لا يعتبرون أن الكلمة تخاطب العقل، والموسيقى تخاطب الوجدان، مبينا أن هذين العنصرين، كما وصفهما، يجتمعان، ويخلقان ما أسماه بـ ''الإبداع''. وأوضح العلوي أن كلمات الأغاني يجب أن تكون هادفة، وذات مدلول، وأن تعالج موضوعا؛ سواء له علاقة بالتفاؤل، أو بالتشاؤم، أو بالطبيعة، أو بالوجدان، الخ، مشددا على ضرورة إمداد موضوع الأغنية، من خلال كلماتها، للمستمع بحكم مرتبطة بالحياة.
العلوي اعتبر، في حديثه المطول مع ''تيل كيل عربي''، أن الإبداع الغنائي في المغرب، حاليا، تطبعه الضوضاء، بحيث بين ملحن أغنية ''يَا دنيا'' للفنانة لطيفة رأفت أن الحفلات الغنائية التي تقام حاليا، في أي مسرح وفي أي مكان، في المغرب، يذهب إليها الناس، ويلوحون بأيديهم، ويرقصون على ما اصطلح عليه بـ ''الرِّيتْمْ''، دون أن يفهموا معنى الكلمات، مبرزا أنهم لا يجلسون، أيضا، فوق الكراسي عندما يتعلق الأمر بالحفلات الغنائية التي تقام في المسارح.
''ضمن هؤلاء المغنيين الشباب المغاربة الحاليين، هناك أصوات لا تصلح للغناء، وأصحابها يكذبون على ذواتهم، ويعتبرون أنفسهم مغنيين''، يقول العلوي مبديا رأيه في بعض المغنيين المغاربة، مضيفا أنه يلتقي، حاليا، بملحنين مغاربة شباب، ويسألهم عن مَقَامَاتِ وأوزان أغاني لَحَّنُوهَا، فيجدهم لا يعرفونها، الشيء الذي يدفعه التساؤل متعجبا ''إذن فلماذا يلحنون؟!''.
العلوي، الذي اشتغل في مجال التلحين لمدة 45 سنة، قال إن الاستمرار على هذه الحال سيجعل الأغنية المغربية تموت، موضحا أن دول عربية أخرى، كذلك، تشكو من هذه الوضعية، ومن بينها، حسب نفس المصدر، دولة مصر.
العلوي يرى أنه لا يمكن لأي شخص أن يكتب كلمات الأغاني، وهو لا يعرف الخليل بن أحمد الفراهيدي، والبحور والأوزان الشعرية، منتقدا الاستنساخ والقرصنة التي يقوم بها كتاب الكلمات والملحنون المغاربة الشباب الحاليين، مستدلا على كلامه بأغنية خاصة بجينيريك مسلسل عرض على القناة الأولى في رمضان سنة 2015، إذ قال عنها إن لحنها سرق من أغنية ''مغلوبة'' للمغنية المغربية سميرة سعيد.
بعض المغنيين المغاربة الشباب الحاليين يقولون إنهم هم من أوصلوا الأغنية المغربية إلى باقي الدول العربية، معتبرين أن الأجيال التي سبقتهم من المغنيين المغاربة لم تكن لديهم القدرة على فعل ذلك. هؤلاء يرد عليهم العلوي قائلا ''الأغنية المغربية وصلت إلى الآخر الأجنبي في الخمسينيات مع المغنية بهيجة إدريس، صاحبة أغنيتي ''التلفون'' و''يَا الْغَادِي فْالطُّومُوبِيلْ''، التي كانت تذاع أغانيها في إذاعة ''البي بي سي'' في بريطانيا، وفي إذاعة ''صوت العرب'' في القاهرة، وفي أواسط السبعينيات مع عبد الوهاب الدكالي، وعبد الهادي بلخياط، وسميرة سعيد، الخ''.
ويعتبر العلوي أن أصحاب هذه الفكرة لم يفكر أحد فيهم في الغناء، قبل أن يحفظ أغاني رواد الأغنية المغربية. كما أبرز أن أغلب المغنيين المغاربة الشباب الحاليين خرجوا إلى ساحة الغناء من خلال برنامج اكتشاف المواهب الغنائية المغربية، الذي كان يبث على القناة المغربية الثانية، ''ستوديو دوزيم''، مبينا أنهم كانوا، خلال المسابقة، يغنون أغاني الرواد المغاربة في هذا المجال.
العلمي توجه إلى المغنيين المغاربة الشباب الحاليين الذين يسيئون إلى رواد الأغنية المغربية قائلا ''إذا لم تستطيعوا أن تقدموا أعمالا جيدة مثل تلك التي قدمها الرواد، فالزموا الصمت''، معتبرا أنهم يمشون هنا وهناك، ويخلقون الضوضاء فوق الخشبة، لإقناع الجمهور بما يغنونه، في حالات تقديمهم لحفلات أمام متفرجين.
العلوي قال إن إنجاح شكل غنائي جديد لا يتطلب خلق الضوضاء، مبرزا أن ناس الغيوان وجيل جيلالة ومسناوة خرجوا، في وقت معين، بأسلوب غنائي جديد، وجعلوا يستمع إليه، ويفهمه، ويرقص معه، دون الحاجة إلى الضوضاء. كما أضاف أن الإخوان ميكري خلقوا نمطا غنائيا جديدا، عندما ظهروا في الساحة الغنائية، ذو طابع غربي، واستطاعوا إيصاله إلى الجمهور دون خلق ضوضاء كالتي يخلقها المغنون المغاربة الشباب حاليا.
ويذكر أن الملحن مولاي أحمد العلوي لحن أغنية ''بين العمارات'' للفنان عبد الهادي بلخياط، وأغنية ''كون جيد'' للفنانة نعيمة سميح، وأغنية ''ما زال الحال'' للفنان محمود الإدريسي، وأغنية ''سؤال الليل'' للفنانة سميرة بنسعيد، وأغنية ''اليوم الأول'' للفنانة سميرة غفران، الخ.