الغلوسي يعتبر التضييق على الجمعيات في تقديم الشكايات "حماية لمافيات الفساد"

خديجة عليموسى

اتهم محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، الأغلبية الحكومية بمحاولة تمرير تعديلات قانونية لتجاوز الرقابة والمحاسبة، وعلى رأسها المادة 3 و7 من مشروع المسطرة الجنائية، معتبرا أن الهدف من ذلك هو "السطو على المجتمع وتحييده عن معركة مكافحة الفساد".

وقال الغلوسي، خلال ندوة صحافية نظمتها الجمعية المغربية لحماية المال العام، اليوم الخميس بالرباط، "إن الأغلبية الحكومية سعت إلى تهريب النقاش حول قضية جوهرية ومصيرية تهم المغاربة، دولة وشعبا، إلى مجال آخر.. إلى مجال التنابز، ومجال التهريج، ومجال التهديد، ومجال الغوغائية".

وتابع "سمعنا ممثلين من داخل البرلمان يتهمون الجمعيات بممارسة الابتزاز، ويلوحون بأن بعض رؤساء الجمعيات يتوفرون  على ممتلكات وبعضهم قال إن هناك من لم يكن يملك حتى الصندل، واليوم أصبح يملك أشياء وأشياء"، مؤكدا أن "هذا تسطيح للنقاش وتعبير عن انزلاق نخبة لم تؤد الضريبة مطلقا في ما وصلنا إليه من مكتسبات وهامش من الحقوق والحريات".

وأضاف موجها كلامه إلى هذه "النخبة" أنه "لا يشكل لها أي حرج أن تنقلب على هذه المكتسبات، بل أن تلغيها حتى من النصوص".

وزاد الغلوسي "إذا كانت بعض الجمعيات تمارس الابتزاز، فمكان هذا الكلام ليس البرلمان بل القضاء، والنيابة العامة"، مضيفا "هم يبتزون الشعب صباح مساء، بمشاريع قوانين، وبنصوص، وبممارسات سياسية، وبقرارات ضد المجتمع".

واسترسل " إذا كان السبب في التوجه إلى خنق الأصوات المنتقدة للفساد هو الابتزاز فعليكم ألا تسكتوا، وإذا كان لديكم شيء ضد الجمعية المغربية لحماية المال العام، بما فيها أنا كرئيس الجمعية، نوجه لكم النداء، لا تظلوا صامتين وافضحونا، ولا تكتفوا بالكلام. من لديه شيء فليذهب إلى القضاء لأنه هو الفيصل بيننا".

وشدد الغلوسي على أن "هذه الاتهامات يعاقب عليها القانون الجنائي، وعليهم أن يبلغوا بها، لأن عدم التبليغ يشكل في حد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون".

ووفق الغلوسي، فإن الهدف الحقيقي ليس هو الابتزاز أو تقنين مصدر الشكايات، بل هناك توجه لحماية من وصفهم بـ"مافيات وشبكات فساد بالمغرب".

وأضاف أن "الفساد لا ينفصل عن معركة الديمقراطية"، مشددا على أنه السبب الرئيسي وراء تأجيل الإصلاحات، وعرقلة البرامج التنموية، وعدم ظهور أثر هذه البرامج على واقع مناطق متعددة في المغرب.

كما أشار الغلوسي إلى أن "هناك مافيات وشبكات فساد تشكلت في المدن وفي الجهات، تستعمل القرار العمومي للسطو على العقار العمومي، والتلاعب في الرخص الاقتصادية ورخص التعمير، والتلاعب في مواقف  السيارات والدراجات، وفي ما يتعلق بالصيد البحري، والسياحة، وملاعب القرب، والاستثمار".

وأوضح أن "هذه الشبكات تغولت واستفادت من سيادة الإفلات من العقاب، ومن ضعف حكم القانون، وضعف آليات الرقابة، فتكونت في الجهات وفي المدن شبكات ومافيات فساد، تمنع أن يكون للبرامج التنموية أي أثر على حال الناس، وواقعها".

الغلوسي، لم يفوت المناسبة أيضا دون انتقاد الأغلبية الحكومية بشدة بسبب "إقبار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتجميد اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي يرأسها رئيس الحكومة، وسحب تجريم الإثراء غير المشروع، وتوقيف مشاريع إصلاحية مثل تنظيم احتلال الملك العمومي ومراجعة قانون التصريح بالممتلكات".

كما لفت إلى أن محاولة تكبيل يد الجمعيات في التبليغ عن جرائم المال العام امتد أيضا ليشمل النيابة العامة التي قامت بتحريك ملفات فساد كبرى، حيث تم تقييد صلاحياتها في هذا المجال.

وتابع موضحا "الوكيل العام للملك لم يعد يملك صلاحية التحرك التلقائي بشأن ملفات الفساد، وأصبح مطالبا بالانتظار إلى حين توصله بتقارير من مؤسسات الرقابة"، معتبرا أن هذا الوضع يمس باستقلالية السلطة القضائية، ويجعلها تابعة للسلطة التنفيذية.

وفي سياق مقارن، شبه الغلوسي هذا التوجه بما كانت عليه محكمة العدل الخاصة، التي لم يكن يسمح لها بمباشرة المتابعات ضد مسؤولين إلا بملتمس كتابي من وزير العدل، معتبرا أن عودة هذا المنطق بعد سنوات من النضال من أجل استقلال القضاء، يمثل تراجعا خطيرا عن دولة الحق والقانون.

ومن جانب آخر، دعا الغلوسي إلى فتح تحقيق بشأن الدعم الموجه لحماية القطيع الوطني، مع المطالبة بنشر لائحة المستفيدين منه، مشيرا إلى أن عددا من التقارير تفيد بوجود اختلالات وتجاوزات في هذا المجال، وهو ما أثر سلبا على الثروة الحيوانية وأسهم في قرار إلغاء ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى.