القضاء الإسباني يحقق في تسجيلات سرية تكشف كواليس أزمة الهجرة بين الرباط ومدريد  

تيل كيل عربي

كشفت تسجيلات سرية أجراها كولدو غارسيا، المستشار السابق لوزير النقل الإسباني الأسبق خوسيه لويس أبالوس، أن المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية، فرانسيسكو باردو، أبلغه في نونبر 2020 بأن المغرب كان يسمح للمهاجرين بالعبور إلى إسبانيا. جاء ذلك، وفق ما كشفته صحيفة "ذي أبجكتيف"، في خضم أزمة الهجرة التي شهدتها جزيرة غران كناريا.

قضية "كولدو" أصبحت واحدة من أكثر قضايا الفساد إثارة في الأوساط السياسية الإسبانية، بعد أن كشفت التسجيلات التي أجراها المستشار السابق عن شبكة علاقات ونفوذ في أعلى المستويات، وسط اتهامات بسوء استغلال السلطة وتضارب المصالح خلال فترة الجائحة.

تسجيل سري في قلب تحقيق قضائي

المحادثة، التي جرت في 18 نونبر 2020، أصبحت جزءًا من ملف التحقيقات في قضية "كولدو"، التي تنظر فيها المحكمة العليا، بعد أن صادرت وحدة العمليات المركزية في الحرس المدني الإسباني (UCO) التسجيلات ضمن تحقيقات موسعة في قضايا فساد.

وجاء الحوار عشية زيارة وزير الداخلية فرناندو غراندي-مارلاسكا للمغرب، وفي وقت كان وزير النقل آنذاك، أبالوس، يستعد للتوجه إلى جزر الكناري، وسط توتر سياسي بسبب تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين على الجزيرة.

"المغرب يفتح حدوده... وأوروبا تغلق أبواب الترحيل"

في المكالمة، يقول باردو بوضوح إن المهاجرين "مغاربة ويتم إرسالهم من المغرب"، لكن إعادة ترحيلهم مستحيلة ما دامت الحدود مغلقة بسبب قيود السفر المفروضة خلال جائحة كورونا. وأضاف: "المشكلة أن المغرب يسمح لهم بالخروج، خصوصًا عبر منطقة الصحراء، بينما أوروبا لا تسمح بإعادتهم ما دامت الحدود مغلقة".

كولدو عرض، من جانبه، حينها توفير طائرات تابعة لشركة "إير يوروبا" لترحيل المهاجرين، مقترحًا عرض الخطة على أنخل فيكتور توريس، الذي كان يشغل حينها منصب رئيس حكومة جزر الكناري، ويشغل حاليًا منصب وزير السياسة الإقليمية والذاكرة الديمقراطية. لكن مدير الشرطة حذّر من هذا الطرح، قائلاً إن ذلك قد يشجّع المزيد من المهاجرين على القدوم، محذرًا من "تأثير الإغراء".

"لا يمكن أن نُظهر لهم أن من يصل إلى جزر الكناري يتم نقله مباشرة إلى مدريد... إنهم يأتون بأزياء أنيقة، ويحملون هواتف ذكية، ويُموَّل سفرهم بالقوارب"، قال باردو في التسجيل.

تنسيق رفيع المستوى وراء الكواليس

في نهاية المكالمة، اتفق الطرفان على أن يلتقي مدير الشرطة بالوزير أبالوس لتناول الإفطار في اليوم التالي، قبل زيارة مقر الإنقاذ البحري. وقد أبلغ كولدو رئيس ديوان الوزير بهذه الترتيبات، وحصل على الموافقة.

قبل هذه المكالمة بساعات، سُمع كولدو في تسجيل منفصل يعبر عن إحباطه لعدم تحقيق أي مكاسب سياسية من لقاءاته في جزر الكناري، قائلاً: "الشيء اللي يقهرني هو أني في الكناري ما طلعت بشي من الرئيس".

كولدو... جاسوس داخل الدائرة

اللافت أن هذه ليست المرة الوحيدة التي يظهر فيها اسم مدير الشرطة في التسجيلات السرية التي احتفظ بها كولدو على مدى سنوات، والتي تشمل أيضًا محادثات مع شخصيات بارزة مثل أبالوس وسانتياغو سيردان.

في تسجيل لاحق مؤرخ في 23 نونبر 2023، وُثّق آخر لقاء بين كولدو وأبالوس، قبل أن يغادر الأول المكان متوجهًا في سيارة أجرة إلى مقر مديرية الشرطة العامة، قائلاً إنه "ذاهب لرؤية المدير".