"التصريح بالقيمة المالية في الحساب البنكي".. سلبيات اتفاقية تبادل المعلومات المالية

محمد فرنان

قال نور الدين مضيان، رئيس فريق الوحدة والتعادلية بمجلس النواب: "اسمحوا لي أن أوضح لكم موقفنا كفريق حزب الاستقلال بمجلس النواب بمناسبة مناقشتنا لمشروع القانون رقم 77.19 المتعلق بالتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية الذي سبق وأن وقعت عليه حكومتكم في 25-6-2019 أي قبل أربع سنوات من اليوم".

مصالح 6 ملايين مواطن مغربي

وأضاف مضيان في كلمته باجتماع لجنة الخارجية والتعاون والمغاربة المقيمين بالخارج حول مشروع قانون 77.19 الذي يوافق بموجبه على الاتفاق متعدد الاطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية الموقع من طرف المملكة المغربية في 25 يوليوز 2019، الإثنين الماضي، "بالرغم من الجهود المقدرة التي تبذلها الحكومة لتنويع الشراكات الاستراتيجية لبلادنا والانخراط الدينامي في مختلف الاتفاقيات متعددة الأطراف الرامية إلى محاربة مختلف الجرائم العابرة للحدود الوطنية كتبييض الأموال والاتجار بالبشر وغيرها، وهي أهداف تحققها التشريعات الوطنية، إلا أن التصديق على بعضها من طرف البرلمان يتطلب من جهة دراسة معمقة للأثر، ومن جهة أخرى التدقيق في عدم معارضتها للمقتضيات الدستورية والقانونية والتنظيمية الوطنية وضمان احترامها لحقوق ومكتسبات المواطنات والمواطنين المغاربة وخاصة المقيمين منهم بالخارج".

كثير من المعطيات الشخصية

وأبرز أن "التبادل الآلي للمعلومات كما تفصله هذه الاتفاقية التي وقعت عليه الحكومة يهم أساسا التبادل الآلي والتلقائي للمعلومات للمواطنات والمواطنين المغاربة بما في ذلك كثير من المعطيات الشخصية، كالإسم، والعنوان، ورقم التعريف الضريبي، وتاريخ ومكان الازدياد فضلا عن التصريح بأرقام الحسابات أو ما يماثلها في حالة  عدم وجود حساب إضافة إلى التصريح بالحصيلة أو القيمة المالية التي تتوفر في الحساب المالي بما في ذلك عقود التأمين بقيمة الشراء أو عقد الكراء ويشمل الأمر كذلك حسابات الأوصياء ومختلف العمليات المالية التي تنجز فيها".

ولفت المتحدث ذاته، إلى أنه "في الحقيقة فإن هذا الانخراط المقترح في هذه الاتفاقية قد يشكل تداعيات سلبية محتملة على حقوق ومصالح المواطنات والمواطنين المغاربة القاطنين بالخارج. خاصة مع تصاعد الخطاب والسياسات اليمينية المتطرفة في عدد من دول المهجر والتي لا تتوانى في إعلان العداء للمهاجرين ومحاولات التضييق عليهم وعلى مصالحهم. في نكران واضح لما قدمته هذه الفئة لبلدان المهجر من تضحيات جسام في تأمين التنمية وتوفير اليد العاملة التي ساهمت بشكل واضح في بناء هذه الدول".

امتلاك بيت أو حساب بنكي بالبلد الأم لم ولن يكون جريمة

وشدّد على أنه "في الواقع نفس الدول التي تعمل جاهدة اليوم على استقطاب عشرات الاف من الكفاءات الوطنية سنويا من أجل هجرة نوعية في مجالات الهندسة والطب والصيدلة والعلوم والتقنيات، عبر سياسة تحفيزية غير عادلة، وغير أخلاقية، وتساهم في مزيد من تفقير هذه الشعوب التي تصرف اعتمادات مالية مهمة من أجل تكوين وتأهيل هذه الكفاءات".

وأكد أن "امتلاك بيت او حساب بنكي بالبلد الأم لم ولن يكون جريمة، بل حق لهذا المواطن الذي هاجر وكافح وعمل في خدمة بلد المهجر لسنوات طويلة، من أجل تأمين بيت أو مشروع صغير لتحسين ظروف عيش عائلته أو أقاربه، باعتبار هذا العمل التعاضدي في الاسر المغربية، تقليدا راسخا بل واجبا دينيا وأخلاقيا وإنسانيا وثقافيا".

وتابع: "صحيح أننا نشجع الحكومة على الانخراط في الأنظمة الدولية التي تحدد مجموعة من القواعد والمعايير لتحسين الامتثال الضريبي والمساعدة الضريبية المتبادلة ومكافحة التهرب الضريبي، لكن هذا الانخراط ينبغي أن يكون مستندا بالأساس حماية البيانات الشخصية وضمان سريتها، وخاصة عدم استغلالها في سياسات يمينية متصاعدة بدول المهجر".

إعادة التفاوض حول هذه الاتفاقية

وأبرز أن "هذا المشروع يتعلق بمصالح حيوية لهذه الفئة، وفي إطار تفاعلنا الإيجابي مع تخوفاتها من استعمال هذه الآلية القانونية لتبادل المعلومات المالية في قضايا تتجاوز جرائم تبييض الأموال أو الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة العابرة للحدود، أو غيرها من الجرائم، ونظرا لما قد يكون للدراسة والمصادقة على هذا المشروع، في هذه الشروط ووفق المقتضيات الواردة في نصه".

وأشار إلى أنه "استنادا إلى النظام الداخلي للمجلس، إننا نلتمس منكم إرجاء البث في هذا المشروع وندعو الحكومة إلى إعادة مناقشة وتدقيق مقتضيات هذه الاتفاقية المتعددة الأطراف وفق ما تُتيحه بنودها وبما يضمن حفظ المصالح العليا للمواطنات والمواطنين المقيمين بالخارج التي كانت وستظل خطا أحمرا غير قابل للتجاوز أو التفاوض".