أخرت هيأة الحكم المكلفة بالنظر في قضية مقتل عبد اللطيف مرداس، البرلماني وعضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري، اليوم (الاثنين)، النظر في الملف إلى جلسة 20 نونبر المقبل، استجابة لطلب الدفاع لإمهاله فرصة أخرى للاطلاع على وثائق في الملف لم يتوصل بها بعد. الجلسة حضرها المتهمون الأربعة، وبينهم أرملة القتيل، واستعمل فيها المحامون أول أوراقهم.
يبدو أن جلسات المحاكمة الابتدائية للمتهمين بقتل البرلماني عبد اللطيف مرداس، التي تجري أطوارها في محكمة الاستئناف بالبيضاء، ستثير أسماء شخصيات في السلطة القضائية، وتعود إلى كثير من العلاقات والارتباطات.
ويأتي ذلك بالنظر إلى أن دفاع المتهمين الأربعة، المشكل من سبعة محامين، كشف، في جلسة صباح اليوم (الاثنين)، أن أول أوراقه، هي مراد الكرطومي، الموجود بسجن عكاشة، والذي اشتهر بعد تتويجه قبل سنوات بجائزة منظمة الشفافية الدولية (ترانسبارونسي) لتفجيره ملفات فساد في سوق الجملة بالبيضاء.
وجاء ذلك، بعدما قدم محامي هشام المشتراي، المتهم الرئيسي الذي كان نائب رئيس مقاطعة سباتة، ملتمسا إلى هيأة الحكم، باستدعاء مراد الكرطومي، بوصفه "شخصا كان يصرح علانية في أشرطة فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يعرف مرتكب جناية قتل الضحية".
وفي مرافعة الدفاع إشارة إلى "فيديو"، انتشر بشكل واسع خلال الأيام التي تلت الجريمة، يدعي فيه صاحب الشريط، إمكانية وجود علاقة لمقتل البرلماني، بارتباطات بين شخصيات قضائية وسياسية.
وكان كلام الكرطومي ضمن سلسلة "فيديوهات" له، اتهم فيها قضاة بـ"الفساد" والانتماء إلى "مافيا"، فانتهت به في السجن بعد شكايات قدمها المكتبين الجهويين للودادية الحسنية للقضاة، ونادي قضاة المغرب، بالدار البيضاء.
ويفيد أرشيف محاكمة الكرطومي، رئيس فرع المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام بجهة الدار البيضاء، أنه قال أمام القضاء أن ما روجه إبان التحقيق في ملابسات فك ألغاز مقتل البرلماني، أخبره به المتهم الرئيسي في وقت سابق لاعتقاله.
واعترض ممثل الوكيل العام للملك خلال الجلسة على الملتمس، واستجابت هيأة الحكم لدعوته إرجاء البت فيه، إلى حين تقدم المحاكمة وجاهزية الملف للمناقشة، وبعدها النظر في الحاجة إلى استدعاء الشهود والمصرحين الذين يطلبهم الدفاع.
وتتضمن لائحة الشهود أيضا، حسب ملتمس الدفاع، الحارسين الليليين لزنقة بنغازي بحي كاليفورنيا، حيث توجد "فيلا" البرلماني التي وقعت أمامها عملية إطلاق النار عليه، واللذين صرحا أمام الشرطة أنهم عاينوا سيارة "داصيا" التي نفذت بها الجريمة.
يشار إلى أن بعض الترتيبات جعلت المتهمين آخر من مثل أمام هيأة الحكم خلال جلسة صباح اليوم (الاثنين)، إذ بعدما وصل القاضي إلى ملفهم، اضطر إلى وضعه جانبا لحوالي نصف ساعة، وانتقل على النظر في مختلف الملفات الأخرى الموجودة أمامه، بحجة أن "المتهمون لم يحضروا بعد إلى القفص الزجاجي".
وبعد إحضار المتهمين،دخلوا إلى القاعة للمثول أمام هيأة الحكم، مشكلة من القاضي واثنين من المستشارين، بالترتيب التالي: هشام المشتراي، المتهم الرئيسي، ثم حمزة مقبول، ابن شقيقته الذي تسلمه المغرب من تركيا، ثم رقية شهبون، "العرافة"، فصديقتها وفاء بنصامدي، أرملة الضحية، وهم المتهمون الذين اغتنموا بعض الفرص نحو الالتفات وتحية عائلاتهم، التي جاءت لمتابعة الجلسة.
وحضر المشتراي الجلسة مرتديا قميصا صيفيا مخطط بالأزرق والأبيض والأصفر، فوقف في أقصى اليمين، وعلى يساره حمزة مقبول، ابن شقيقته بـ"تشورت" أبيض، في حين وقفت "العرافة" رقية شهبون على يساره، مرتدية غطاء رأس و"جلابة" لونهما وردي، لتقف أرملة البرلماني، وفاء بنصامدي، في يسار الصف، محافظة على هندام الجلسة السابقة: غطاء رأس أبيض، و"جلابة" سوداء اللون.
وشهدت جلسة اليوم، متابعة أطوارها، لأول مرة، من قبل الابنة الكبرى للبرلماني الضحية، دون بقية أشقائها القاصرين، مرفوقة بخالاتها وجدتها من الأم، كما حضرها شقيق الضحية وذوي حقوقه، الذين يظلون طرفا مدنيا في الملف، ويمثلهم محام يستعد بدوره لتقديم قائمة بالمطالب المدنية في مواجهة المتهمين.
يشار إلى أن المتهمين الأربعة يتابعون من أجل جناية تشكيل عصابة إجرامية، والقتل العمد مع سبق الغصرار والترصد، وجنح محو آثار الجريمة قبل القيام بالعمليات الأولية للبحث القضائي بقصد عرقلة العدالة، وتهريب مجرم من الاعتقال ومساعدته على الاختفاء والهروب، مع حيازة سلاح ظاهر بدون رخصة والاحتفاظ به خرفا للمقتضيات التشريعية الجاري بها العمل.