يشتهر المخرج المغربي عبد السلام الكلاعي، ابن مدينة العرائش، برصانته الإخراجية في السينما والتلفزيون. هذا المخرج، حسب رأي النقاد والمهتمين، ترقى أعماله إلى مستوى الأفلام السينمائية العالمية. "تيلكيل عربي" التقت بصاحب فيلم "ملاك" الذي جاب به المهرجانات الدولية، وحاورته على هامش اليوم الوطني للسينما، الذي أقيم يوم 26 أكتوبر بمقر المركز السينمائي المغربي.
هل يكفي اليوم الوطني للسينما لتغيير أوضاع السينما بالمغرب ؟
من الجميل أن يكون هناك يوم وطني للسينما يثير الانتباه إليه، ولأهمية السينما في المغرب على مستوى التنمية وعلى مستوى خلق فرص الشغل. فالسينما ليست مجرد فن، بل هي أيضا مجال اقتصادي يعيش منه العديد من المشتغلين. هذا اليوم الوطني والدراسي يأتي في مرحلة تعرف فيها السينما مجموعة من التحديات؛ منها ما هو مرتبط بالقوانين والتنظيمات، لكي تواكب العمل السينمائي أين وصل. ثم هناك تحديات تواكب التكنولوجيا الجديدة التي جعلت السينما تتوارى إلى الخلف، بحكم أن عشاق السينما أصبحوا يفضلون مشاهدتها في الانترنت أو تحميلها من المواقع المخصصة للأفلام المقرصنة. وهو يوم كذلك للإشارة والتنبيه إلى أن هناك تناقصا في عدد القاعات بسبب مشاكل التوزيع. لذا فالوضع السينمائي هو في وضع صعب.
أنت كمخرج، ما هي المشاكل التي تعتري الإخراج بالمغرب ؟
العائق الكبير في السينما بالمغرب هو مشكل الإنتاج ومشكل التوزيع، الاثنان لهما علاقة بالاخراج. وبما أن السينما المغربية تعتمد على دعم الدولة، لذا فإطار اشتغالها غير مستقل. هذا نلحظه عندما نجد أفلاما قليلة جدا يتم تصويرها بدون دعم، وتكون أغلبها أفلاما تجارية تستطيع تمويل نفسها ذاتيا.
في المغرب يوجد منتجون، لكن ليس هناك مستثمرون في الميدان السينمائي يراهنون على الربح منها. هذا أدى إلى أن الفيلم المغربي أضحى مرتبطا بالدعم أكثر من الجمهور، أي مرتبط بحصول المخرج-المنتج على الدعم، أكثر من الترويج للفيلم ووصوله إلى الجمهور. هذه معادلة خاطئة يجب تصحيحها في أقرب الآجال.. فإذا قررت الدولة تقليص دعمها للسينما أو تغيير طرق دعمها ستنهار السينما المغربية كليا، وهذا أكبر خطر يهددها ويجب التفكير فيه.
لماذا لم ترق الأفلام المغربية إلى المستوى العالمي، وتغيب تمثيليتها في المهرجانات الكبرى؟
أفلامنا المغربية محدودة على مستوى الإمكانيات الضعيفة المرصودة لها. السينما هي صناعة وفن. والناس يفكرون بشكل خاطئ، إذ يعتقدون أو يقارنون صناعة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية بمصر أو إيران. هؤلاء ينتجون بكميات كبيرة ويدعمونها ماديا بأضعاف مضاعفة مقارنة مع المغرب.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن أن ننكر أننا نفتقر إلى الإبداع. المغرب يمتلك مخرجين أكفاء أو محدودين، لكن تعوزهم الإمكانيات المادية لكي ترقى طرق اشتغالهم إلى المهرجانات الدولية من صنف A. هناك تجدر الإشارة أنه يمكن للجميع الاطلاع على ميزانية المسلسلات المصرية، ويقارنها بالأرقام السنوية المتعلقة بالإنتاجات المغربية، من خلال حصيلة المركز السينمائي المغربي. ميزانية الفيلم المغربي تتم بعُشر ميزانية الفيلم الإيراني أو فيلم مصري عادي. لذلك أركز على أن المجهود المبذول من طرف العاملين والفاعلين في المجال السينمائي، هو مجهود كبير جدا ومحترم في العالم، بإزاء ما يقدم للسينما من دعم.
من جهة أخرى، أرى أن المغرب يفتقر إلى "لوبيات"، إذا جاز التعبير، للترويج للأفلام المغربية خارجا. فمخرج الفيلم عندنا هو صاحب المشروع من بدايته إلى نهايته، يقوم يإخراج فيلمه ويكافح من أجل توزيعه خارج المغرب بشكل فردي، فإذا لم يقم بإرساله بنفسه لن تقوم أي جهة رسمية بالتعريف به أو بمشاركته في المهرجانات العالمية. بهذه الطريقة يبقى الفيلم المغربي محدود الانتشار.
بالنسبة للممثل، ألا يلقى عليه الدور كذلك للمساهمة بالرقي بالمستوى الإبداعي للسينما المغربية، أو ينقصه تأطير المخرج ؟
الممثل في سياق فيلم راق وذو إمكانيات ووسائل متاحة، سيبدع أكثر ويتألق. لكن في سياق ضعيف سيؤثر على إمكانياته وطاقاته الإبداعية. وخير مثال في هذا الأمر هو الممثل المغربي الراحل حميدو بنمسعود، الذي يختلف عطاؤه مثلا في الأفلام الأجنبية عن الأفلام المغربية، وقس على ذلك مجموعة من الممثلين من محمد مفتاح وغيره.
هناك أيضا أمر بالغ الأهمية يساهم في جودة الممثلين وأدائهم، وهو التكوين والتكوين المستمر. ففي أوروبا وأمريكا نجد الممثل عندهم رغم أنه قام بعدد من الأفلام، إلا أنه يمتلك مدربا خاصا ومؤطرا، ويستمر في تطوير إمكانياته من خلال قيامه بتداريب في كبرى المعاهد والورشات. للأسف في المغرب لا وجود لهذا التكوين المستمر، إذا ما استثنينا قيام بعضهم بمحاولات فردية خارج المغرب. لكن حبذا لو كنا نمتلك في المغرب ورشات لتطوير أداء الممثلين وتحسينه.
ما رأيك بالقوانين المؤطرة للقطاع ؟
القوانين في المغرب جد متقدمة مقارنة مع دول أخرى. ففي المغرب يتم إشراك الغرف والمهنيين. القطاع السينمائي في العالم يتغير ويتطور، لذا يجب أن تتطور القوانين وتواكب التحولات. يجب التركيز على أن السياسيين إذا قاموا بتغيير القوانين فقط دون إشراك السينمائيين فسيجلبون كارثة على السينما المغربية.