الماء.. بازة: الشركات الجهوية قد تتفوق على نظيراتها الأجنبية

خديجة قدوري

أعلنت كل من وزارات الداخلية والاقتصاد والمالية والتجهيز والماء، بالتعاون مع مجلس جهات المملكة، عن توقيع شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز قطاع الماء في المغرب، باستثمار إجمالي يقدر بحوالي 11 مليار درهم، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2025 إلى 2034.

جوابًا على سؤالنا حول تقييم الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين الوزارات ومجلس جهات المملكة لتعزيز قطاع الماء، قال محمد بازة، خبير في الموارد المائية: "كخلفية لهذا الموضوع، كان هناك في شهر يناير من 2022، أي منذ قرابة ثلاث سنوات، مشروع قانون رقم 83.21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات، حيث تضمن هذا المشروع المقتضيات المعتمدة لإنشاء هذه الشركات والمواضيع والأهداف والهيئات المؤهلة للمشاركة في رأسمالها، وما إلى غير ذلك."

أوضح بازة أن هذا المشروع سيخلف نظام التدبير المفوض، ويهدف إلى معالجة مجموعة من الإكراهات والمشاكل التي كان يعاني منها قطاع توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل. وكانت هذه الإشكالات تعيق إمكانية الاستجابة الفعالة للمتطلبات المتزايدة لهذه الخدمات، مما جعل مستوى الاستجابة دون المطلوب. وأضاف أن الشركات التي يتم إنشاؤها الآن ستحل محل الشركات الأجنبية التي كانت تدير هذه الخدمات في بعض المدن، خاصة في طنجة والرباط والدار البيضاء.

وأفاد أنه بالإضافة إلى ذلك، ستحل هذه الشركات محل الوكالات المستقلة التي تقدم نفس الخدمات في مدن أخرى، وتقوم أيضًا بدور المصالح المعنية بالصرف الصحي والمعالجة التي تتبعه، بما في ذلك معالجة مياه الصرف الصحي التي كانت تابعة لوزارة الداخلية.

وردًا على سؤالنا حول ما إذا كان الاستثمار المقدر بـ11 مليار درهم كافيًا لمعالجة تحديات الموارد المائية في المغرب، قال الخبير: "بالنسبة للاستثمار المقدر بـ11 مليار درهم، فهو ليس مخصصًا بشكل مباشر لمعالجة تحديات الموارد المائية، ولكن بطبيعة الحال، يتم معالجة هذه التحديات بشكل غير مباشر من خلال تحسين تدبير الموارد المائية. فيما يخص المياه المعالجة، فإنه يساهم في تحسين أو معالجة تحديات الموارد المائية عبر تحسين الخدمات، مثل توفير مياه الشرب وتجميع المياه العادمة ومعالجتها."

وتابع قائلاً: "إن الـ11 مليار درهم بالنسبة لي تمثل مساهمة أولية من قبل الجهات من أجل إنشاء هذه الشركات في كل من الجهات الاثني عشر. بعد ذلك، سيكون لكل شركة ميزانيتها الخاصة ودخلها، حيث أن هذه الشركات تتمتع بدخل مهم."

وأضاف أنه، حسب رأيه، سواء من الناحية النظرية أو مبدئيًا، وبناءً على الأهداف التي وضعتها هذه الشركات وما تم إنجازه إلى حدود الساعة، يمكن القول إن هذه الشركات سيكون لها دور مهم، وسيكون بإمكانها، إذا اكتملت بعض الشروط، أن تصل إلى مستويات الشركات الأجنبية التي كانت تدير التدبير المفوض، بل وأفضل منها أيضًا.

لفت إلى أننا الآن في إطار التزود بالماء الصالح للشرب، وهو نقطة أولى، بالإضافة إلى الكهرباء والمياه العادمة ومعالجتها. نحن بصدد تنفيذ مكونين مهمين من البرنامج الاستعجالي للماء الشروب والسقي، وكلما نجحنا في تحقيق نجاعة وفعالية هذين المكونين، سنساهم في نجاح البرنامج الوطني للتزويد بالماء. وإذا تمكنا من معالجة التحديات التي يطرحها البرنامج الاستعجالي، سنكون قد ساهمنا في تحسين ورفع مردودية ونجاعة البرنامج بشكل عام.

وفي سياق متصل، قال إنه تم إنشاء أربع شركات حتى الآن: واحدة في جهة الدار البيضاء، الثانية في جهة الشرق، والثالثة في جهة مراكش وأكادير. وهناك أربع شركات أخرى مبرمجة للانطلاق في جهات فاس، طنجة، الرباط، بالإضافة إلى جهة رابعة، على أن يتم ذلك في حدود شهري مارس أو أبريل المقبلين.

وفي جوابه على سؤال كيفية مساهمة هذه الشراكة في مواجهة التحديات المرتبطة بالجفاف وتغير المناخ وتأثيرها على الموارد المائية في المملكة، أفاد الخبير أننا في إطار تدبير الموارد المائية، وأن هذه الشركات لا تهتم بزيادة الموارد المائية بحد ذاتها. فيما يتعلق بمعالجة المياه، الهدف هو جعلها صالحة للاستخدام في الري والاستعمال المنزلي. الأمر يتعلق بتحسين الخدمات ورفع مستوى النجاعة والفعالية في الخدمات المتعلقة بالتزويد بالماء والكهرباء وغيرها من الخدمات ذات الصلة.

وتابع قائلاً: "وبذلك نكون قد تمكنا من مواجهة التحديات المرتبطة بالموارد المائية، وفي نفس الوقت ساهمنا في التصدي لتحديات الجفاف وتغير المناخ. فإحدى مهام هذه الشركات هي تعزيز الوعي بتقليص استخدام المياه وتحقيق النجاعة في الحفاظ على الموارد المائية ومنع فقدانها. كما أنها تعمل على تحسيس المواطنين بخطورة هدر المياه. وكلما قامت الشركة بمهامها بشكل فعال، كلما ساهمت بشكل أكبر في تحسين تدبير الموارد المائية."

واختتم حديثه قائلاً: "حسب رأيي، هناك ثلاث شروط لنجاح هذه الشركات. أولاً، الاستقلالية، بمعنى عدم التدخل في شؤون الشركات وتتبُّع أعمالها والمحاسبة عن كثب لضمان قيامها بدورها بشكل صحيح. الشرط الثاني يتعلق بتوفير المؤهلات والقدرات اللازمة للطاقات البشرية التي تعمل في هذه الشركات. أما الشرط الثالث، فهو حسن التدبير لتجاوز الإشكاليات التي كانت تعيق مستوى الخدمات المتعلقة بمياه الشرب والكهرباء سابقًا، إذ يبقى حسن التدبير أمرًا مهمًا جدًا."