المجلس الأعلى للحسابات ينتقد برمجة نفقات ميزانية الدولة

بشرى الردادي

سجل المجلس الأعلى للحسابات أن التزايد المستمر للنفقات الإجبارية، خصوصا تلك المتعلقة بالموظفين والأعوان ودين الخزينة ونفقات المقاصة، يؤدي إلى إكراهات تحد من الهوامش الميزانياتية أثناء عملية برمجة نفقات الدولة.

وتابع المجلس، في تقريره السنوي، أن نفقات الدولة شهدت ارتفاعا مستمرا، خلال الفترة ما بين سنتي 2015 و2022؛ حيث بلغت الزيادة الإجمالية حوالي 224 مليار درهم؛ أي بنسبة 60.3 في المائة.

وأوضح المصدر نفسه أن نفقات الدولة سجلت، خلال سنة 2022، تطورا تجاوز نسبة 17.7 في المائة؛ حيث انتقلت من 506 مليار درهم، سنة 2021، إلى 596 مليار درهم، سنة 2022، بزيادة بلغت حوالي 90 مليار درهم؛ وهو ما يمثل ارتفاعا سريعا بالمقارنة مع معدل نمو الناتج الداخلي الخام الذي بلغ متوسطه 2.3 في المائة، خلال نفس الفترة 2015-2022.

ومقارنة بالناتج الداخلي الخام، تطورت حصة نفقات الدولة بمقدار 10.3 نقاط، خلال الفترة 2015-2022؛ حيث ارتفعت من 34.5 في المائة إلى 44.8 في المائة، وسجلت نسبة استثنائية، سنة 2020، بلغت 47.6 في المائة، نتيجة تداعيات الأزمة الصحية "كوفيد-19".

وتعود هذه الوضعية، أساسا، إلى ارتفاع نفقات الدولة من أجل ضمان استدامة الإصلاحات الهيكلية في مجالات أساسية؛ كالصحة والتعليم وغيرها، واستمرارية تنفيذ الخطط الاستراتيجية القطاعية، وكذا ضرورة التأقلم مع السياق الاقتصادي الصعب الذي يطرح العديد من التحديات والمخاطر، خاصة الإجهاد المائي وورش الحماية الاجتماعية والانتقال الطاقي، حسب التقرير.

وتابع المجلس أنه بغض النظر عن الطابع الهيكلي الذي يطبع حصة نفقات الموظفين كجزء رئيسي من الميزانية، فقد بلغت هذه الحصة نسبة 24.8 في المائة من إجمالي نفقات الدولة، سنة 2022، بمبلغ 147.7 مليار درهم، مضيفا أنها عرفت ارتفاعا بحوالي 30,9 مليار درهم، مقارنة بسنة 2015، التي سجلت 116.8 مليار درهم؛ أي حوالي 31.4 في المائة من إجمالي نفقات الدولة.

كما شكلت هذه النفقات، سنة 2022، 11.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، و53 في المائة من ميزانية التسيير بالنسبة للميزانية العامة للدولة، واستوعبت 48.5 في المائة من المداخيل العادية للدولة.

وأشار التقرير إلى أن تكاليف الموظفين، ابتداء من سنة 2020، شملت المعاشات التقاعدية ومساهمات الضمان الاجتماعي، وفقا للمادة 15 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية.

وفي نفس السياق، واعتبارا من فاتح يناير 2017، وعملا بالمادة 58 من القانون التنظيمي سالف الذكر، أصبحت اعتمادات الموظفين والأعوان تدرج في الميزانية، بشكل محدد، دون تجاوز للاعتمادات المتاحة؛ مما من شأنه تحسين التحكم في التوقعات.

وبالرغم من هذا الإجراء، فإن معدل زيادتها لا يزال مهما؛ الأمر الذي يجعل تطورها غير مضبوط، بشكل كاف، وفق التقرير نفسه.

من جانبه، بلغ حجم دين الخزينة 951 مليار درهم، نهاية سنة 2022 ، مسجلا بذلك زيادة سنوية متوسطة بنسبة 6.1 في المائة عن الفترة 2015-2022، مقارنة بمعدل سنوي لنمو الناتج الداخلي الخام بنسبة 2.3 في المائة.

وأبرز المجلس أن هذا الارتفاع استمر، خلال سنة 2023؛ حيث بلغ حجم الدين 1.016 مليار درهم، مسجلا بذلك زيادة بنسبة 6.8 في المائة، مقارنة بسنة 2022، وذلك على الرغم من التراجع النسبي المسجل في وتيرة تطور حجم المديونية، ابتداء من سنة 2021، مقارنة بالنسبة التي ارتفع بها بين سنتي 2019 و2020، بسبب تأثير جائحة "كورونا". ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة العبء على خدمة دين الخزينة، لاسيما في سياق ارتفاع أسعار الفائدة؛ حيث سجل سعر الفائدة المتوسط المرجح لإصدارات الخزينة ارتفاعا بمقدار 25.2 نقطة أساس، بالمقارنة مع النسبة المسجلة عند نهاية سنة 2021، وذلك بعد سنوات من انخفاض هذه الأسعار.

أما بخصوص التكلفة الإجمالية للمقاصة، يضيف التقرير، فتضاعفت بين سنتي 2015 و2022، منتقلة من 20.9 مليار درهم إلى 41.8 مليار درهم، مسجلة معدلا سنويا 19.3 مليار درهم، ويرتبط ذلك بتقلب أسعار المواد المدعمة، خصوصا غاز البوطان.

وعلى الرغم من وضعيتها المستقرة عند معدل 1.5 في المائة، مقارنة بالناتج الداخلي الخام، يظل مستوى ومنحى تطور نفقات المقاصة رهينا بعوامل خارجية متعلقة، أساسا، بتقلب أسعار السوق العالمية للمواد المدعمة، خاصة بالنسبة لغاز البوتان الذي استفاد من دعم هام قدره 21.8 مليار درهم، سنة 2022، مقابل 14.6 مليار درهم، سنة 2021، وكذا تطور نسبة الصرف والتغيرات المناخية، وهو الوضع الذي يؤثر على مجهود عملية ضبط البرمجة الميزانياتية.