يعلم المسيحيون المغاربة أنهم لن يكونوا ضمن أولويات أجندة زيارة البابا فرانسوا إلى المغرب، لكنهم يسعون إلى لفت الانتباه إليهم، عله يأخذ وضعهم بعين الاعتبار مستقبلا، حسب ما أكده عليه رئيس تنسيقيتهم، في تصريح لـ"تيل كيل عربي".
ممنوع استقبالهم
دعت تنسيقية المسيحيين المغاربة، بمناسبة زيارة البابا، إلى ضمان الحريات الأساسية، التي لا يتمتعون بها، مطالبة بفتح حوار بين السلطات المغربية والبابا خلال زيارته للرباط، حول حرية الضمير والدين لجميع المغاربة.
ويدرك المسيحيون المغاربة أن ما يحول دون تبني دعواهم من قبل الكنيسة الكاثوليكية، اتفاق مكتوب مع سلطات المملكة، يمنع عليها استقبال المغاربة أو تعميد أو تزويج من اختار منهم الإيمان بالمسيحية، كما يشير إلى ذلك، زهير الدكالي، رئيس تنسيقية المسيحيين المغاربة، الذي يلاحظ أنه لا يوجد اتفاق مماثل مع الكنيسة البروتستانتية، التي تمتثل، بحكم التقاليد الراسخة، لنفس النهج الذي سارت عليه نظيرتها الكاثوليكية.
ودعت "الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية"، التي لاتحظى بالاعتراف القانوني، إلى أن يبذل البابا، مساع حول "بعض الانتهاكات لحرية الدين بالنسبة للمسيحيين مع المسؤولين المغاربة".
وعبر أساقفة المغرب، في ندوة صحفية في الخامس من مارس الجاري، عن تطلعهم إلى أن تفضي زيارة البابا إلى تحقيق نوع من التقدم في مسألة حرية العقيدة.
ويقدر ممثلو الكنيسية الكاثوليكية عدد المسيحيين بالمغرب بين 30 و35 ألفا، نصفهم من رعايا دول إفريقيا الصحراء المقيمين بالمملكة.
لا تستوعب هذه البيانات المسيحيين المغاربة. ويعتبر زهير الدكالي أنه من الصعب حصر عدد المسيحيين المغاربة، غير أنه يشير إلى أنهم يقدرون بالآلاف، فهو يتحدث عن جيل ثالث من المسيحيين في بعض الأحيان، حيث نجد الجد والأب والابن معتنقين للديانة نفسها.
ويعتبر مصدر من التنسيقية أن العديد من الذين يعتنقون هذه الديانة يتفادون الإفصاح عن ذلك لأقاربهم وأصدقائهم، ويضيف عددا كبيرا منهم يوجدون بجنوب المغرب، حيث يرجح أن يكون ذلك عائدا إلى وجود بعض الطقوس المرتبطة بتلك الديانة في تلك المناطق منذ القدم.
ويؤكد على أن المسيحيين المغاربة في أغلبيهم إنجيليون، يتسامون على المذاهب التي اخترقت الديانة المسيحية، ويشدد على أنهم لا يرتبطون بالطقوس التي كرستها الكاثوليكية والأرثوذكسية، فعماد إيمانهم الكتاب المقدس والمسيح باعتباره مخلصا.
مطالب المسيحيين المغاربة
يمارس المسيحيون المغاربة شعائرهم، بطريقة غير علنية، ولم يكفوا، في الأعوام الأخيرة، عن المطالبة بأن توفر لهم دور عباردة أو يسمح لهم بإقامتها، مؤكدين على أنهم يميزون بين التبشير والتنصير، حيث يدعون إلى عدم الخلط بينهما.
وقبل عامين، عقدت تنسيقية المسيحيين المغاربة أول لقاء لها مع مؤسسة رسمية مغربية، حيث استقبل ممثلوها من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي سلموه رسالة يؤكدون فيها على ضرورة الانكباب على قضية المسيحيين المغاربة، محتجين بالدستور الذي تلتزم فيه الدولة بعدم التمييز بين المواطنين بسبب معتقداتهم.
يحاولون أخذ مسافة مع التوجهات التي تروم التنصير، فهم يؤكدون على أنهم مغاربة، مستعدون للدفاع عن الوطن، ويحيلون على المعنى الذي أعطاه الملك محمد السادس لمعنى إمارة المؤمنين التي تعني جميع المؤمنين.
في الرسائل التي بعثوا بها إلى المسؤولين المغاربة، خاصة رئاسة الحكومة، يطالبون، بأن توفر لهم دور عبادة معلومة، ويسمح لهم بأن يكون زواجهم مدنيا، وتكون لهم مقابر خاصة بهم، مع التمتع بحرية اختيار أسماء مسيحية لأبنائهم، وإضفاء الطابع الاختياري على مادة الدين في التعليم.
وساهم مسحييون مغاربة في الإعداد للمؤتمر حول الأقليات الدينية، الذي رعاه رجل الإشهار نور الدين عيوش، غير أن المؤتمر الذي أراد فتح نقاش حول وضعية البهائيين والمسيحيين والشيعة بالمملكة، لم ينظم في ظل معارضة شديدة جوبه بها من قبل قيادات في حزب العدالة والتنمية، الذين أثاروا الأمر في البرلمان.
ويؤكد المسيحيون بالمغرب على أن تصريحات الملك، تكرس حقهم في الاعتقاد الذي يكفله الدستور والتزامات المغرب بإعمال المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
هذا ما أكدت عليه تنسيقية المسيحيين المغاربة قبل عام ونصف في رسالة رفعت إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وجاء في تلك الرسالة: "نحن المسيحيون من أصل مغربي والقاطنين بالمغرب، المتشبثون بمغربيتنا والمستعدون للدفاع عن حوزة الوطن ضد أي محاولة للنيل منه، نعتبر التصريحات الملكية المتعلقة بالمعنى المنطقي والمعقول لمفهوم إمارة المؤمنين، والتي تعتبر أن جلالة الملك محمد السادس ملك المغرب، هو أمير المؤمنين، على اختلاف مللهم ونحلهم ودياناتهم، بمثابة بوصلة لمرافعاتنا حتى تحقق مطالبنا".