المعهد الملكي للدراسات يجلد المخطط الأخضر والسياسات الزراعية بسبب استنزاف الماء

محمد فرنان

أفاد تقرير صادر عن المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، يوم 27 ماي 2024، بأن "اختيارات وخيارات السياسات العامة في القطاع الفلاحي ساهمت، بشكل فعال، في الاستنزاف التدريجي للموارد المائية التقليدية في المغرب".

وأضاف التقرير يتوفر "تيلكيل عربي" على نسخة منه، أنه "منذ إطلاق سياسة السدود في الستينيات بهدف الوصول إلى مليون هكتار من المساحات المروية ركزت سياسة المياه على زيادة العرض. إذ تم تخصيص الجزء الأكبر من الجهود المبذولة لبناء السدود لتلبية احتياجات البلاد المتنوعة عبر توفير مياه الشرب، وإنتاج الطاقة، والحماية من الفيضانات، ولكن قبل كل شيء ري المناطق التي تم تطويرها بأنظمة هيدروليكية كبيرة".

وسجل أن "عدم الاهتمام بالتحكم في طلب المياه في الزراعة، على وجه الخصوص، أدى إلى استمرار ضخ المياه الجوفية منذ فترة الجفاف في أوائل الثمانينيات؛ وهو الاتجاه الذي شجعته إعانات صندوق التنمية الفلاحية الذي أنشئ عام 1985،  ولكنها شهدت تدهورا حادا مع ظهور مخطط المغرب الأخضر سنة 2008. بسخاء وبدون تمييز دعم الري بالتنقيط الخاص في إطار البرنامج الوطني لتوفير مياه الري".

وأبرز أن "القطاع الفرعي للري في المغرب يجد نفسه الآن في وضعية غير مسبوقة، وجود الري الخاص الذي تميل مساحته إلى أن تصبح مساوية، بل وربما تتجاوز مساحات المناطق الكبيرة والصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على الأنظمة الهيدروليكية التقليدية. فبدلا من تنفيذ كما كان مخططا في البداية من تحقيق اقتصاد في استهلاك المياه في المشاريع الكبيرة للري، فإن البرنامج الوطني للاقتصاد في مياه الري قد خدم بالأحرى تطوير الري الخاص في المناطق المطيرة".

وأشار إلى أن "هذا البرنامج أدى إلى توسع العديد من وحدات التكثيف في الأماكن التي لا ينبغي أن توجد فيها ولا يتم تشجيعها، حيث يميل المنتجون إلى التوجه أكثر نحو زراعات ذات قيمة مضافة عالية موجهة للتصدير، بدلا من تلك التي كانت تمارس سابقا والتي تلبي أساسا الطلب الداخلي على المنتجات الغذائية الأساسية".

 وأكد أن "هذا التوسع السريع والواسع في الري الخاص يحمل معه مخاطر كبيرة للمغرب: يتم تنفيذه دون أي رقابة من أي هيئة تنظيمية. وتجد طبقات المياه الجوفية التي يستخدمها الري الخاص نفسها الآن في حالة استغلال مفرط للغاية".

وأورد التقرير أن "السياسات العامة فشلت في الحفاظ علي سلامة الأسس الإنتاجية للفلاحة المغربية، من حيث الكم والنوع ما هي الموارد الطبيعية (المياه، التربة، المراعي، الغابات، التنوع البيولوجي). الذي يعرض كلا من الأداء الإنتاجي لهذا القطاع و مرونتها واستدامتها لاختبارت قاسية".

ولفت المصدر ذاته الانتباه إلى أن "السياسات الزراعية في المغرب ظلت لفترة طويلة متأثرة بتصور ضيق ومبتور للقطاع الزراعي والعالم الريفي، ولتفاعلهما العضوي وعلاقتهما بالوسط الحضري".

وأبرز أنه "لعل هذه النواقص أتت نتيجة قلة وعي بأهمية هذه الأبعاد وندرة المتخصصين في هذه المجالات في مواقع صنع القرار".

ونبه التقرير أنه "كان من الممكن تصحيح العجز والنواقص المذكورة لو كانت أنظمة المعلومات موثوقة وشفافة، ولو كانت السياسات العامة المطبقة خاضعة لتقييمات صارمة ومستقلة، ولو كانت توصيات التقييمات المنفذة بالفعل تتبعها نتائج فعلية، ولو تم الاستفادة من الدروس المستخلصة منها".