استقطب المغرب الفاعل الأول في صناعة وابتكار الألياف البصرية، ليدشن أول مصنع في إفريقيا، يشرف عليه العشرات من المهندسين والتقنيين المغاربة، الذين استفادوا من الخبرة في دول رائدة في هذا المجال مثل ألمانيا وأمريكا وكولومبيا والبرازيل.
يوم الأربعاء 9 ماي الجاري، افتتحت Furukawa Electric، بمنطقة "طنجة أوطوموتيف سيتي (TAC)"، عبر فرعها Optical Fiber Solutions، وحدة صناعية ستشغل أكثر من 200 مغربي في أفق العام 2020، عدد يرى فيه جاك فورلا، المدير العام لفرع الشركة في المغرب، "قيمة مضافة بالنظر إلى الخبرة التي يحتاجها مسار إنتاج الألياف المتطورة"، وذلك في رده على سؤال لـ"تيل كيل عربي".
لماذا المغرب؟
هل اختيار المغرب دون باقي دول إفريقيا للاستثمار في صناعة الألياف البصرية مرتبط بوجود العمالة الرخيص؟ أم الامتيازات الضريبية وسهولة الحصول على العقار؟ أم أن الاختيار مرتبط بعوامل أخرى؟ كانت هذه أسئلة طرحها "تيل كيل عربي" على المسؤولين في الشركة، وكان جواب المدير العام لفرع الشركة في المغرب، أن "الشركة تبحث عن تلبية احتياجات عدد من زبائنها في إفريقيا بالدرجة الأولى، وأوروبا وأمريكا، مع ضمان الوفاء بالتزاماتها في أسرع وقت ممكن، وذلك ما يوفره المغرب اليوم، من خلال البنى التحتية التي أسس لها في منطقة الشمال، وخاصة طنجة، التي تتوفر اليوم على ميناء ضمن شبكات ربط مهمة"، أما في ما يخص العامل البشري، فشدد المتحدث ذاته، في جوابه، على أن "صناعة الألياف البصرية تحتاج سنوات من الخبرة، ومراكمتها تعد قيمة مضافة ونوعية، لذلك من تم اختيارهم لهذه المسؤولية لا يمكن التفريط فيهم، وليسوا في درجة التصنيف على أساس أنهم يد عمل رخيصة، بل مهندسون وتقنيون يتمتعون بالكفاءة"، هذه الأخيرة، بحسبه، "سوف تكون قيمة مضافة للمغرب".
مصنع لتثمين الموارد البشرية
خلال جولة في مصنع الألياف البصرية الأول في المغرب وإفريقيا، قدم الشاب أنس أوبخايد، مدير الجودة، عددا من التوضيحات حول سير العمل، ومستقبل ما سوف تنتجه الوحدة التي سوف تصدر ما تنتجه لعشرات الدول حول العالم.
أنس، وفي حديث له لـ"تيل كيل عربي"، شدد على أن الأطر التي تشرف على المشروع مغربية، من بينها من اكتسب الخبرة في أمريكا وألمانيا وأمريكا اللاتينية، وأوضح أن "صناعة الألياف البصرية عملية دقيقة تحتاج الكثير من الخبرة، والخطأ فيها يكلف إتلاف الطلبية كلها التي يحتاجها الزبون".
المصنع، ممتد على مساحة 31000 متر مربعا، باستثمار بلغ 200 مليون درهما، مما سيمكن من خلق أكثر من 200 منصب شغل مؤهل. غايته حسب المسؤولين، تثمين الموارد البشرية المغربية، ونقل المهارات وتقاسم الخبرات.
مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، قال خلال تدشين المشروع، إن "إطلاق مجموعة Furukawa، لنشاط رائد في القارة الإفريقية، بمدينة طنجة، يدل على ما يحظى به المغرب، كوجهة مميزة، من اهتمام وثقة لدى هذه المجموعة الرائدة عالميا"، مضيفا أن "هذه الوحدة الصناعية ستستجيب للطلب المتزايد بشأن الربط عالي الصبيب بالأنترنيت، وذلك على المستويين الوطني والقاري، فضلا عن مساهمتها في تحقيق تطور متسارع للتقنيات والخدمات الرقمية في القارة السمراء".
من جهته، أوضح تيموثي موراي، النائب الأول لرئيس "Furukawa Electric"، أن "الإلحاح المتزايد من لدن المستهلكين للحصول على ربط قوي بشبكة الأنترنيت، أدى إلى انتشار مراكز البيانات العالية الدقة وتقنية الربط اللاسلكي 5G، كذا خدمة الألياف البصرية للمنازل (FTTH). ولقد ولدت هذه الأنماط الجديدة للربط بالأنترنيت فضلا عن رقمنة الاتصالات في المقاولات، الحاجة إلى استعمال الألياف البصرية في شبكة الأنترنيت على مستوى العالم ككل، ويكرس افتتاح Furukawa Electric لهذه الوحدة الصناعية في طنجة، التزامنا القوي بالاستجابة إلى الطلب العالمي عبر قدرة إنتاجية عالية، ونتوقع أن هذا الطلب سيتزايد خلال العشر سنوات المقبلة، تماشيا والتدفقات المتعددة للاتصالات".
زبائن المغرب من الألياف
سأل "تيل كيل عربي" خلال الجولة في مرافق الوحدة الصناعية، عن الزبائن الذين أبدوا اهتمامهم بشراء ما ينتج في طنجة، أنس أبوخليد، اختار الجواب بعرض أحد الألياف، طبع عليها "اتصالات الغابون"، وأوضح قائلاً: "لدينا اليوم منذ اعلان افتتاح مصنع في المغرب، طلبيات من مختلف دول إفريقيا، ونحن لا نعتمد في الإنتاج على التخزين، بل تلبية الطلب فقط دون توفير العرض، والمجموعة اختارت المغربة لأن لديها قناعة أن الطلب في السوق الإفريقية كبير".
في السياق، أكد المسؤولون في الشركة، أنهم درسوا السوق قبل إحداث فرع لوحدتهم الصناعية في المغرب، وهناك عدد من الدول الإفريقية المهتمة بشراء ما سوف ينتج في المغرب من ألياف، بل هناك طلبيات لا يمكن أن توفرها وحدات صناعية في أوروبا، بالنظر إلى صعوبة تلبية آجال تسليمها، سوف يوكل لمصنع المغرب تصنيعها وتصديرها.
من هي "Furukawa Electric"؟
بدأت مجموعة "Furukawa Electric" أنشطتها الصناعية في عام 1884، عبر إحداث مصنع لصهر النحاس وصناعة الأسلاك، ومنذ ذلك الحين، أصبحت المجموعة رائدا عالميا في قطاع التقنيات العالية الدقة.
وطورت المجموعة منتوجاتها في قطاعات متعددة، خصوصا في الاتصالات السلكية واللاسلكية والإلكترونيات وفي مجال صناعة السيارات والبناء، وذلك باستخدامها ثلاثة مواد أساسية وهي الألياف البصرية واللدائن (البلاستيك) والمعادن.
جدير بالذكر أن مجموعة Furukawa Electric أعلنت عن رقم معاملات بلغ 843,3 مليار ين ياباني (حوالي 7,8 مليار دولار أمريكي)، بخصوص السنة المالية المنقضية في 31 مارس 2017.