المغرب يشدد الخناق.. ارتفاع قضايا العملات المشفرة بـ42 في المائة

بشرى الردادي

شهد المغرب، خلال عام 2023، ارتفاعا غير مسبوق في قضايا التداول غير القانوني للعملات المشفرة؛ حيث سجلت المحاكم زيادة بنسبة 42 في المائة، مقارنة بالعام الماضي؛ الشيء الذي دفع السلطات إلى تشديد الرقابة واتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين.

عدد القضايا والمتهمين

وسجلت المحاكم المغربية، خلال سنة 2023، 176 قضية متعلقة بتداول العملات المشفرة، بزيادة قدرها 42 في المائة، مقارنة بعام 2022؛ حيث كان عدد القضايا المسجلة حينها 124 قضية.

وبالنسبة للمتهمين، فقد تمت متابعة 259 شخصا في هذه القضايا؛ من بينهم 192 مغربيا و67 أجنبيا؛ مما يعكس تزايد التورط الدولي في هذا النوع من الجرائم داخل المغرب.

ومن بين هؤلاء المتهمين، أُدين 174 شخصا، بشكل نهائي، بينما تمت تبرئة 31 شخصا، في حين لا تزال 54 قضية قيد التحقيق أو أمام المحاكم.

التهم والإدانات

وتركزت التهم الموجهة إلى المتورطين في هذه القضايا على ممارسة معاملات مالية غير مشروعة؛ حيث تم توجيه هذه التهمة إلى 147 شخصا تم ضبطهم أثناء استخدام العملات المشفرة لإجراء تحويلات مالية دون ترخيص.

كما تركزت على غسل الأموال؛ من خلال إدانة 88 شخصا بتهمة استخدام العملات الرقمية في عمليات غسل الأموال، سواء عن طريق استقبال تحويلات مشبوهة أو تنفيذ عمليات تبادل غير مشروعة، بالإضافة إلى الاحتيال المالي؛ حيث تمت محاكمة 53 شخصا بتهمة النصب على مواطنين عبر مواقع إلكترونية ومنصات استثمار وهمية تعتمد على العملات المشفرة، فضلا عن تهمة خرق قوانين الصرف التي شكلت النسبة الأكبر، والتي تم توجيهها إلى 201 متهما، لقيامهم بإجراء تحويلات مالية دولية دون الامتثال لقوانين مكتب الصرف المغربي.

العقوبات الصادرة

وتنوعت الأحكام الصادرة بحق المدانين وفقا لخطورة الجريمة. ففيما يخص العقوبات السجنية، تم الحكم على 112 شخصا بعقوبات تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات، بينما تلقى 23 شخصا أحكاما تزيد عن 5 سنوات، خاصة في قضايا غسل الأموال.

أما بخصوص الغرامات المالية، فتم فرض غرامات مالية تجاوز مجموعها 24 مليون درهم على المدانين، بمتوسط 138 ألف درهم لكل مدان، وذلك لمخالفتهم قوانين الصرف وغسل الأموال.

وتابع التقرير أنه تمت مصادرة ما مجموعه 13.7 مليون درهم من العائدات غير المشروعة، إضافة إلى 216 محفظة رقمية تحتوي على عملات مشفرة بقيمة تقارب 4.8 مليون درهم.

أبرز القضايا المسجلة

وكشفت السلطات المغربية، خلال السنة، عن واحدة من أخطر الشبكات المتخصصة في غسل الأموال باستخدام العملات المشفرة، والتي كانت تنشط في الدار البيضاء.

وتم اعتقال 11 شخصا متورطين في الشبكة؛ حيث تجاوزت معاملاتها المالية المشبوهة 7 ملايين درهم.

كما أشار التقرير إلى قضية "التحويلات الدولية المشبوهة"؛ حيث تورط 26 شخصا في استقبال أموال من الخارج وتحويلها إلى دراهم مغربية عبر منصات غير مرخصة؛ مما أدى إلى إصدار أحكام بالسجن ضد 19 منهم، مع غرامات مالية بقيمة 2.5 مليون درهم.

أما القضية الثالثة، فكانت قضية "الاحتيال الاستثماري الرقمي"؛ حيث تم تفكيك شبكة تضم 9 أشخاص كانوا يديرون منصات استثمار وهمية تدعي تحقيق أرباح عالية من تداول العملات المشفرة، وتم الاستيلاء على أكثر من 1.3 مليون درهم من ضحاياهم.

موقف السلطات المغربية

وأكدت رئاسة النيابة العامة، في تقريرها، أن المغرب لا يزال ملتزما بمنع تداول العملات المشفرة خارج الأطر القانونية؛ حيث يتم التنسيق بين السلطات الأمنية والقضائية لضبط أي نشاط غير قانوني في هذا المجال. كما تم إصدار تعليمات بتكثيف مراقبة المعاملات المشبوهة التي قد تكون مرتبطة بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب.

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع عدد القضايا سنة 2023 يعكس تزايد الوعي لدى المواطنين بضرورة الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم؛ مما ساهم في كشف عدة شبكات غير قانونية.

التوصيات

ومن بين التوصيات التي وردت في تقرير النيابة العامة؛ تعزيز التعاون الدولي لملاحقة المتورطين في عمليات غسل الأموال العابرة للحدود، وإطلاق حملات توعية لتحذير المواطنين من مخاطر التعامل مع منصات غير مرخصة، بالإضافة إلى تحديث القوانين لتشديد العقوبات على منتهكي قوانين الصرف.